تلهف إسرائيل للتطبيع الرسمي العلني مع النظام السعودي يقترب من هدفه
تتلهف إسرائيل متشوقة لاهثة للتطبيع الرسمي العلني مع النظام السعودي : ونقول " الرسمي العلني " ؛ لأن التطبيع العملي السري كان قائما بين هذا النظام والحركة الصهيونية فبل ظهور إسرائيل في 14 مايو 1948 . وترى إسرائيل في هذا التطبيع الرسمي العلني قفزة كبرى في مخططها الكلي للتطبيع مع الدول العربية والإسلامية ؛ فهو سيشجع أكثرية هذه الدول على التطبيع معها ، إسرائيل ، وسيفتح لها بابا واسعا للإفادة الاقتصادية والتجارية مع بلاد الحرمين . والأبعد من هذين المنجزين سيسهل تعويضات يهود بلاد الحرمين ابتداء من فتح خيبر ، وقد جهزت كل ما يتصل بهذه التعويضات التي تقدرها ب 300 مليار دولار . وفي أفق أملها ، في حال التطبيع الرسمي العلني ، عودة بعض اليهود للإقامة في بلاد الحرمين ممن يزعمون أنهم سلالة يهودها القدامى .وما أبرع اليهود في التسلل والتغلغل في أي مجتمع أو مكان يعثرون فيه على موضع قدم . ولا يقل النظام السعودي تلهفا وتشوقا ولهثا من إسرائيل على رسمية التطبيع وعلنيته لما فيه من إرضاء لأميركا ، ولما فيه ، مثلما يحب ، من تأمين لبقاء حكمه المطلق الذي لا رقيب ولا حسيب عليه فيه . وكشف موقع " أكسيوس " الأميركي الإخباري أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أثار خلال اجتماعه في 27 سبتمبر المنقضي مع ولي العهد محمد بن سلمان في مدينة نيوم قضية التطبيع مع إسرائيل ، وأن ابن سلمان لم يرفضه مبدئيا ، ويشترط له تحسن علاقة بلاده مع إدارة بايدن بعد أن تضررت وتشوشت إثر قتل خاشقجي الذي تجتمع أدلة كثيرة قوية على أن ابن سلمان أمر به . أما اشتراطه حلا ما للقضية الفلسطينية إضافة للشرط السابق فما هو سوى نفاق ، فهو ، ابن سلمان ، من أشد أمراء آل سعود مقتا للفلسطينيين ، ومعلوم مستقر عنه قوله في 2018 في اجتماع مع عدد من أعيان يهود أميركا إنه لو كان لبلاده مائة مشكلة لكانت القضية الفلسطينية هي الرقم المائة . وترى إسرائيل في المحادثات التي تجري بين إيران وبين النظام السعودي لإعادة علاقاتهما إلى سالفها ، وحل ما بينهما من خلاف في اليمن ؛ مؤثرا سلبيا على تطلعها المتلهف للتطبيع الرسمي العلني مع ذلك النظام لما في تلك الإعادة من احتمال لتعطيل توسل إسرائيل بالخلاف بين البلدين للتطبيع معه الذي تزعم أن من موجباته الملحة الخطر الإيراني على الجانبين . وهذه مغالاة إسرائيلية إما مقصودة أو غبية ، ومسوغ حكمنا بكونها مغالاة بأي من الصفتين ، القصد أو الغباء ، أن النظام السعودي لن تمنعه علاقته المتحسنة مع إيران من التطبيع مع إسرائيل . ماذا تملك إيران لمنعه منه أكثر من النصح المؤسس على بيان العواقب المرعبة المستقبلية لهذا التطبيع على بلاد الحرمين ؟! إلا أن في إعادة العلاقات وتحسنها بين النظام السعودي وإيران عنصرا تخشاه إسرائيل خشية كبيرة مقلقة ، هو علمها أن إعادة تلك العلاقات لن تحدث من جانب النظام السعودي إلا بضوء أخضر أميركي ما يعني فتور الحماس الأميركي لمطاوعة إسرائيل في مهاجمة أميركا إيران عسكريا أو التشديد عليها في العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية إذا لم تحل أزمة البرنامج النووي بين البلدين . وصفوة الرأي في هذا المقام أن التطبيع الرسمي العلني بين النظام السعودي وإسرائيل قوي الاحتمال في وقت ليس بعيدا لتلهف الطرفين عليه ، وقلة وضعف معيقاته ، وللضغط الأميركي في اتجاهه ، والنظام السعودي في عهد ابن سلمان الضعيف المخذول لا يعصي لأميركا أمرا ، وما زنَت إسرائيل وطنَت حول قرب تطبيع أي بلد عربي معها إلا انتهى زنينها وطنينها به ، ولنا في تطبيع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان شواهد مؤكدة ، وذكرت هيئة البث الإسرائيلية " كان" يوم الأحد أن طائرة تابعة لشركة " جيت رويال " الإماراتية ستقوم برحلة مباشرة من الرياض إلى مطار بن جوريون في تل أبيب . فمن هي الشخصية أو الشخصيات السعودية في هذه الطائرة التي تدل هويتها الإماراتية على حذر ومكر النظام السعودي في خطواته التطبيعية ، لكنها تدل على عزمه الصادق الجاد على المضي قيه قدما ، وربما يزيد ما كشفه سعد الجبري عن تخطيط ابن سلمان لقتله ولقتل الملك الراحل عبد الله من سوء موقف ابن سلمان ، ويدفعه إلى الإسراع في التطبيع الرسمي العلني مع إسرائيل أملا في إنقاذ نفسه داخليا وخارجيا اعتقادا منه أن إسرائيل قادرة على هذا الإنقاذ بدءا من الإدارة الأميركية ذات التأثير الهائل والحاسم على مجريات الأمور في بلاد الحرمين .
وسوم: العدد 955