حقوق الإنسان في 2014 آمال متجددة
جميل عودة
مركز آدم للدفاع عن الحقوق والحريات
يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء. هذا نص المادة الأولى من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948 وثيقة مشتركة للشعوب والأمم كافة.
وأكدت المادة الثانية أن لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر، دون أية تفرقة بين الرجال والنساء. وفضلا عما تقدم فلن يكون هناك أي تمييز أساسه الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي لبلد أو البقعة التي ينتمي إليها الفرد، سواء كان هذا البلد أو تلك البقعة مستقلا أو تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أو كانت سيادته خاضعة لأي قيد من القيود.
ومن هذا المبدأ، ولد مبدأ عدم تجزئة حقوق الإنسان، ومبدأ عالمية حقوق الإنسان. فقد قال المعنيون بهذا الشأن: إن جميع حقوق الإنسان غير قابلة للتجزئة، سواء كانت حقوقا مدنية وسياسية، مثل الحق في الحياة، وفي المساواة أمام القانون وفي حرية التعبير؛ أو اقتصادية واجتماعية وثقافية، مثل الحق في العمل والضمان الاجتماعي والتعليم؛ أو حقوقا جماعية مثل الحق في التنمية وفي تقرير المصير، فهي حقوق غير قابلة للتجزئة ومترابطة ومتآزرة. ومن شأن تحسين أحد الحقوق أن ييسر الارتقاء بالحقوق الأخرى. وبالمثل، فإن الحرمان من أحد الحقوق يؤثر بشكل سلبي على الحقوق الأخرى.
كما يعتبر مبدأ عالمية حقوق الإنسان حجر الأساس في القانون الدولي لحقوق الإنسان. وقد تم تكرار الإعراب عن هذا المبدأ الذي أبرز للمرة الأولى في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في عام 1948، في العديد من الاتفاقيات والإعلانات والقرارات الدولية لحقوق الإنسان. فقد أشير في مؤتمر فينا العالمي لحقوق الإنسان في عام 1993، على سبيل المثال، إلى أن من واجب الدول أن تعزز وتحمي جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية، بصرف النظر عن نظمها السياسية والاقتصادية والثقافية.
ولذلك تنطوي حقوق الإنسان على حقوق والتزامات على حد سواء. حيث تتحمل الدول بموجب القانون الدولي احترام حقوق الإنسان وحمايتها والوفاء بها. ويعني الالتزام بالاحترام أنه يتوجب على الدول أن تمتنع عن التدخل في التمتع بحقوق الإنسان أو تقليص هذا التمتع. والالتزام بحماية حقوق الإنسان يتطلب من الدول أن تحمي الأفراد والجماعات من انتهاكات حقوق الإنسان. والالتزام بالوفاء بحقوق الإنسان يعني أنه يتوجب على الدول أن تتخذ إجراءات إيجابية لتيسير التمتع بحقوق الإنسان الأساسية. وفيما يحق لنا الحصول على حقوقنا الإنسانية، فإنه ينبغي لنا أيضا، على المستوى الفردي، أن نحترم حقوق الإنسان الخاصة بالآخرين.
إلا أن ما يثير العجب في مجال حقوق الإنسان وحرياته أنه مع هذا الكم الهائل من الإعلانات والوثائق والبرتوكولات والاتفاقات الدولية إلا أن انتهاكات حقوق الإنسان والتعرض لحرياته على قدم وساق، وهي تزداد يوما بعد آخر دون توقف ودون إجراءات رادعة.
ولعل العالم يشهد اليوم، أن أهم انتهاكات حقوق الإنسان هي تلك الانتهاكات التي ترتكبها الحكومات أو القوى المحتمية وراء الأجهزة الحكومية. وتشمل انتهاكات حقوق الإنسان التعديات الحكومية على الحقوق التي تضمنها القوانين الوطنية والإقليمية والدولية لحقوق الإنسان من خلال الفعل أو إغفال الفعل الذي يعزى مباشرة إلى الدولة وينطوي على إخفاق في تنفيذ الالتزامات القانونية المستمدة من معايير حقوق الإنسان.
وتحدث الانتهاكات عندما يتعمد القانون أو السياسة العامة أو الممارسة خرق أو تجاهل الالتزامات الواقعة على الدولة المعنية أو عندما تخفق الدولة في تحقيق المستوى المطلوب من السلوك أو النتيجة.. وتقع الانتهاكات الإضافية عندما تسحب الدولة أو تزيل الحماية القائمة لحقوق الإنسان.
ويمكن أن تحدث الانتهاكات في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بالذات عندما تخفق الدولة في توفير "المستويات الجوهرية الدنيا من الحقوق" المتضمنة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ومن هنا فإن أي دولة يوجد فيها "عدد كبير من الأفراد المحرومين من الأغذية الأساسية ومن الرعاية الصحية الأولية الأساسية ومن المأوى والمسكن الأساسي أو من أبسط أشكال التعليم هي لأول وهلة دولة تنتهك العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وينطبق هذا الحد الأدنى من الالتزامات الأساسية بغض النظر عن توفر الموارد في البلد المعني وبغض النظر عن وجود أطراف أخرى وصعوبات.
ومن أجل ضمان حصول الإنسان على حقوقه في عام 2014 فان ينبغي على المجتمعات الدولية والوطنية القيام بما يأتي:
1- تنفيذ أعمال الرقابة المستمرة على أداء الأجهزة والمؤسسات ذات العلاقة بحصول الإنسان على حقوقه.
2- تنفيذ عمليات التوثيق والملاحقة للانتهاكات التي قد تقع على الإنسان، وبما يخالف ما هو منصوص عليه في القوانين والتشريعات.
3- متابعة هذه الانتهاكات لوقفها مع الجهات ذات العلاقة في الدولة.
4- الضغط والعمل لتعديل القوانين القائمة بما يخدم حقوق الإنسان، أو استصدار قوانين جديدة.
5- قبول شكاوى المواطنين والهيئات حول انتهاكات حقوق الإنسان.
6- التوجه للمحاكم والجهات الدولية لوقف الانتهاكات في حال عدم قيام الدولة المعنية.
7- تطوير عمل اللجان البرلمانية في مجال حقوق الانسان حيث تعد لجان حقوق الإنسان البرلمانية إحدى الآليات المهمة لحماية حقوق الإنسان وتختص هذه اللجان بالدفاع عن حقوق الإنسان والعمل على تنقية التشريعات المعمول بها من النصوص التي تتعارض مع حقوق الإنسان والعمل على تعديلها بما يكفل الضمانات الفعالة لحقوق الإنسان وإعداد الدراسات ذات الصلة، كما تقوم بأعمال الرقابة على الأجهزة الحكومية للتأكد من مدى إلتزامها بحقوق الإنسان، وتلقى الشكاوى والملاحظات حول الممارسات المرتبطة بحقوق الإنسان وإيجاد الحلول المناسبة لها، كما تقوم بتشكيل لجان تقصى الحقائق في موضوعات اختصاصها. وتعقد جلسات استماع حول بعض الموضوعات.
8- وتعد المنظمات غير الحكومية العاملة في مجال حقوق الإنسان، إحدى الآليات المهمة في تعزيز حقوق الإنسان، بل يعتبر وجودها في بلد ما، ومدى حريتها في العمل أحد المعايير الرئيسية للحكم على مدى احترام الدول لحقوق الإنسان.
9- وأخيرا تلعب وسائل الإعلام دوراً حاسماً في التأثير على مسار حقوق الإنسان ليس فقط من خلال دورها في تأسيس الوعي العام بهذه الحقوق وتكريس المفاهيم الخاصة بها. ولكن أيضاً في مجال حماية هذه الحقوق من خلال دورها الرقابي، وقدرتها على إثارة القضايا المختلفة، وتوفير المعلومات الخاصة بها ومتابعتها.