غروب التشيع العربي في العراق
ربٌ سائل: كيف يمكن تفسير ظاهرة إستقطاب التشيع الصفوي العراقيين الشيعة؟ وهل هذه الظاهرة جديدة على العراقيين أم لها اصول تأريخية تمتد من الفترة البويهية الى الدولة الصفوية مرورا بالدولة العبيدية، وإنتهاءا بالإحتلال الايراني للعراق بعد الغزو الامريكي، حيث سلم الرئيس الأسود في البيت الأبيض الأبيض اوباما العراق على طبق من ذهب لايران، وهو المعروف بكراهيتة الشديدة للعرب وحبه الكبير للفرس.
غالبا ما يزعم الشيعة بأنهم من حاربوا الفرس في الحرب العراقية الايرانية، وهذا تدليس ما بعده تدليس، لأن من حاربهم كانوا العراقيون عربا من السنة والشيعة والاكراد الوطنيين، ومن المسيحيين والأرمن والصابئة والأيزيديين، وغيرهم، وكانت الخدمة العسكرية اجبارية تشمل جميع العراقيين، ولم يعزف عن المشاركة في الحرب سوى عناصر المتمريدين البيشمركة الذين وقفوا مع العدو الفارسي ضد ابناء جلدتهم، وفتحوا جبهة داخلية، وساعدوا العدو الفارسي في الدخول الى مدينة حلبجة العراقية، وهذه حالة نادرة لم تحصل حتى خلال الاحتلال المغولي للعراق، سوى يمكن تشبيه العلقمي بالزعيم الكردي جلال الطالباني، فكلاهما خان وطنه وشعبه.
كانت الحرب العراقية الايرانية حربا ضروسا بين العرب والفرس، وأحسن من سماها القادسية الثانية، فكلا الحربين أذاق فيها العرب الهوان والذل والعار للعدو الفارسي، وكان العراقيون يقاتلون بقناعة وصبر لأنهم على علم ان من يرفض وقف الحرب هو المقبور الخميني رغم كل المساعي الدولية الحميدة، ولم يكن هناك خيار آخر لهم سوى الحرب، واذعان الخميني ليركع تحت أقدام الجبش العراقي ويحتسي كأس السم الزعاف.
كان العرب على علم يقين بأن العراق هو البوابة الشرقية القوية لصد الأطماع الفارسية، ووقف مد تصدير الثورة الخمينية (وليس الاسلامية) البائسة الى دول الخليج العربي، وفعلا ما ان أسقط الأمريكان عام 2003 هذه البوابة حتى هبت رياح السموم السامة من الجارة اللدود، واستيقظت الخلايا الشيعية النامية في تلك الدول لتمارس دورها المخزي ضد ابناء جلدتهم، ويتنكروا للوطن الذي أغدق عليهم بلا حساب، وفضلوا العمالة على المواطنة بذرية نصرة المذهب، وهم لا يفهموا انه بمولاتهم التشيع الفارسي الصفوي اغتالوا التشيع العربي العلوي. ووهذا ما نشهده اليوم في العراق وسوريا ولبنان واليمن بصورة واضحة، وفي دول الخليج العربي بصورة مضببة الى حد ما.
ساعد تبني المذهب الإثنى عشري من قبل الخميني وتضميه الدستور الايراني، ضاربا بعرض الحائط بقية الأديان والمذاهب على خداع الشيعة العرب، بأن النموذج الجديد هو انتصار للمذهب الشيعي، ولابد من المحافظة على هذا النصر التأريخي، وعمل الخميني وخلفه على تنشيط العمل الاعلامي والدعائي لأيران الفارسية الجديدة، وكانت وسائل الاعلام والنشريات ومعارض الكتب وتمويل الأقليات الشيعية في الدول العربية، وشراء ذمم بعض الأعلاميين المأجورين مثل عبد الباري عطوان ونجاح محمد علي والمئات غيرهم دورا مهما في نشر وتبني المذهب الفارسي الشيعي من خلال تبني إطروحات الخميني والخامنئي، والترويج للدولة الفارسية. والحقيقة ان الكثير من السياسيين العرب خثدعوا بطروحات الخميني، ولعل ابرزهم الصادق المهدي وزوجته سارة الفاضل، فقد خطب في صلاة الجمع طهران حث فيها الإيرانيين على التحمل وتفعيل مباديء الثورة، والإخونجي السوداني حسن الترابي، والإخونجي المصري محمد مرسي، والإخونجي التونسي راشد الغنوشي، والأخونجي الجزائري عباس مدني، والمصرية صافيناز كاظم، واللبناني سعيد شعبان وغيرهم. ولاعجب فالخميني وشراذمة من صنيعة الأخوان المسلمين وقد استلهم أفكاره من سيد قطب.
من المؤسف ان الحقيقة غالبا ما تكون مرة، ولكن اخفاءها لا يقل مرارة عن السكوت عنها، فالتشيع العلوي لا وجود له في العراق اليوم الا بنسبة قليلة تكاد ان تضمحل يوما بعد آخر، فالتشيع اليوم هو تشيع فارسي محض، والأشد مرارة ان هذا التشيع اي الفارسي كان مخفيا في النفوس بسبب التقية والخوف من النظام السابق الذي كان يمسك البلد وأمنه بقبضة من فولاذ، وتسمو فيه المواطنة والعروبة على بقية القيم والأعتبارات، ولكن بعد الغزو الامريكي تم نزع قناع التقية، وظهر الوجه الفارسي بصورة جلية.
بلا أدنى شك، ساعدت مرجعية النجف على تعزيز النفوذ الفارسي في العراق بحكم ان المراجع العليا هم من الفرس، ولا يوجد أي مرجع عربي، فهذا الأمر محضور على العرب، اما من يعتقد ان المرجع السابق محسن الحكيم وخلفه سعيد الحكيم كانا من العرب، فهذا غير صحيح مطلقا فهما من فرس اصفهان، ولقبهما الأصفهاني، اما لقب الحكيم فقد جاء من مزاولة جدهم الأكبر التداوي بالأعشاب، فسمي بالحكيم. ذكر المؤرخ إسحق نقاش" كان وجود المجتهدين الفرس والجالية الفارسية الكبيرة في العراق أشبح بحصان طروادة في البلاد".
من المؤسف ان ظاهرة التشيع الفارسي ليست وليدة في العراق بل لها جذور تمتد مع ولادة الجمهورية العراقي وما بعدها، بل حتى الحرب العراقية الايرانية لم تتمكن من قلع جذور التسيع الفارسي، عنما مدٌ الرئيس العراقي صدام حسين خطوط الكهرباء الى أهوار العراق، ووزع عليهم أجهزة التلفاز مجانا، عبر سكان الأهوار عن إمتنانهم للرئيس العراقي لأنه سنحت لهم الفرصة لمشاهدة الإمام الخميني، على حد تعبيرهم.
ولو رجعنا بالذاكرة الى الوراء قليلا سنجد ما يؤكد حكمنا، مثلا المرجع الشيعي الاكبرالشيخ جعفر كاشف غطاء وضع سهم الأمام تحت تصرف شاه إيران خلال حربه ضد الروس للفترة من 1810ـ1813 بل كان يجمع المبالغ بنفسه ويأخذها بنفسه أيضا للشاه! او يرسلها الى ايران والظريف إنه اعتبر كل من يتخلف عنها يعتبر" مارقا على الأمام وممثله المجتهد"! وعندما أبعد مهدي الخالصي وابنائه الى ايران لكون جنسياتهم إيرانية اصدر فتوى من ايران بتخصيص جزء من الخمس وعوائد العتبات المقدسة الى الحكومة الايرانية لتقوية جيشها. وقد عارضها جميع المراجع لانها تمس حصتهم ! حتى إن المرجع حسين النائيني وصف الفتوى بنية الخالصي " العمل ضد مباديء الإسلام". انه ولاء غريب لأيران لم يحدث لحاكم عراقي أبدا خلال كل الحروب الماضية بأن يحظى ريس دولة أجنبية بسهم الإمام العربي. وخلال الحكم العثماني كان المطبرين والمتسوطين الفرس يستعرضون مراسيم العزء أمام القنصل العام الإيراني لتأكيد هويتهم ومراسيمهم الفارسية. في حين مواكب العرب تؤديها أمام سادن الحضرة. وفي سنة 1921 حضر الملك فيصل مواكب العاشر من محرم في الكاظمين. وفي الوقت الذي حاول فيه محمد الصدر اقناع المواكب العربية والفارسية بالإستعراض امام الملك فيصل فان المواكب العربية وافقت لكن المواكب الفارسية رفضت، واستعرضت امام القنصل العام الإيراني لعدم اعترافها بالملك.
كما اشترطت إيران للاعتراف بالعراق عام 1924 بأن يشمل رعياها في العراق بإمتيازات الاتفاقية القضائية الانكلو ـ عراقية والخاصة بمزايا الاوربيين والامريكان الموجودين في العراق. كما اشترطت إعفاء مواطنيها في العراق من الخدمة العسكرية. وكذلك ان يدير قناصلها املاك المواطنين الايرانيين المتوفين في العراق. واخيرا ان يحاكم مواطنيها في القضايا المدنية والجنائية امام المحكمة الخاصة بالأوربيين والامريكيين وليس المحاكم العراقية الاخرى. وفي عام 1925 نشر الملا بازار اعلانا في الصحافة ذكر فيه" ينبغي ان يرعى العراق أمها دولة فارس أو مربيتها القديمة تركيا إلى ان تظفر بإستقلاها" وحمل الاعلان توقيع آية الله حسين اليزدي على أساس إنه لا يقل عن مرتبة مجتهد قم الاكبر عبد الكريم الحائري. في عام 1920 طلب وزير الخارجية الايراني من الحكومة البريطانية تفويض الشاه بتعيين كبار المسئولين في العتبات المقدسة في كربلاء والنجف. وفي عام 1925 ربطت ايران اعترافها بالعراق بأن تتولى هي حماية العتبات المقدسة. وبعد ان فشلت في ذلك اشرطت بعدم تدخل الحكومة العراقية في إدارة العتبات المقدسة الا بعد الرجوع الى المجتهدين واخذ موافقتهم بذلك. بالطبع المجتهدون كانوا فرس أيضا
وفي رسالة وزرة الداخية العراقية المؤرخة في 6/7/1926 الموجهة إلى المندوب السامي البريطاني هنري دوبس ورد " كان المتصرفون الذن تعاقبوا على لواء كربلاء قد أثاروا مرارا خلال السنوات الخمس الماضية القضية العامة المتعلقة بما يؤول الى الفرس من ممتلكات غير منقولة، واشاروا إلى أن ممتلاكات الفرس في كربلاء تزيد عن املاك العراقيين فيها وأن السماح لمشترياتهم بدون حدود سيؤدي في النهاية إلى تسجيل كل الممتلكات في كربلاء بإسم فارسيين" المصدر ( Notable and Personalities no.20: Shaykh Al Iraqayn. NAL. BHCF. File 27. 420)). وذكر نقاش"كان الفرس موجودين بإعداد كبيرة في بغداد والبصرة وطويريج" ؟ (شيعة العراق).
وعندما أبعد مهدي الخالصي وابنائه الى ايران لكون جنسياتهم إيرانية اصدر فتوى من ايران بتخصيص جزء من الخمس وعوائد العتبات المقدسة الى الحكومة الايرانية لتقوية جيشها. وقد عارضها جميع المراجع لانها تمس حصتهم !حتى إن المرجع حسين النائيني وصف الفتوى بنية الخالصي " العمل ضد مباديء الإسلام".
اشارت تقارير بريطانية بأن الملك فيصل الاول" كان متلهفا لإضعاف نفوذ المجتهدين الفرس لأنه يعتبرهم غير مخلصين للدولة العراقية" المصدر ( Intelligence Reports nos2 in 15/1/1922. ) ). وكان الشيعة يخشون من إنضمام العراق إلى اتحاد كونفدرالي عربي لأنهم بذلك سوف لن يشكلوا الاكثرية السكانية وبفقدان هذه الميزة سيتراجون الى موقع هامشي كأقلية. لذلك عارضوا بشدة فكرة تأسيس الجامعة العربية. كتب هنري دوبس المندوب السامي البريطاني حولكانت مطالب الشيعة في إنتفاضة عام 1935 تتكون من 12 نقطة معظمها نقاط جوهرية وعادلة كتمثيل الشيعة في البرلمان والحكومة بما يتناسب وحجمهم السكاني، واطلاق حرية الصحافة وتأسيس مصرف زراعي وتعديل الضرائب وتخفيض رواتب كبار الضباط المسئولين وزيادة الانفاق الحكومة على مجالي التعليم والصحة في المناطق الشيعية. لكن ياسين الهاشمي اعترض على نقطة محقة ايضا وهي (الإعتراف بالمجتهدين كممثلين عن الطائفة الشيعية في الشئون السياسية) وهو نفس ما يسمى حاليا بولاية الفقية. كما ان الكثير من الشيوخ والتجار ورجل الدين اعترضوا على الثورة ومنهم محمد رضا الشبيبي وجعفر أبو التمن. وقد هبطت مكانة المرجع كاشف الغطاء بإصداره فتوى تبيح استخدام العنف ضد الحكومة. للمزيد راجع/ عبد الكريم الإزري. مشكة الحكم في العراق/ لندن1991
" تطهير المدن الشيعية المقدسة من هيمنة النفوذ الفارسي الذي مورس لسنوات على حساب المصالح العربية الحقيقية بهدف إطالة الفوضى".
ذكر عبد الكريم الأزري" كانت مطالب الشيعة في إنتفاضة عام 1935 تتكون من 12 نقطة معظمها نقاط جوهرية وعادلة كتمثيل الشيعة في البرلمان والحكومة بما يتناسب وحجمهم السكاني، واطلاق حرية الصحافة وتأسيس مصرف زراعي وتعديل الضرائب وتخفيض رواتب كبار الضباط المسئولين وزيادة الانفاق الحكومة على مجالي التعليم والصحة في المناطق الشيعية. لكن ياسين الهاشمي اعترض على نقطة محقة ايضا وهي (الإعتراف بالمجتهدين كممثلين عن الطائفة الشيعية في الشئون السياسية) وهو نفس ما يسمى حاليا بولاية الفقية. كما ان الكثير من الشيوخ والتجار ورجل الدين اعترضوا على الثورة ومنهم محمد رضا الشبيبي وجعفر أبو التمن. وقد هبطت مكانة المرجع كاشف الغطاء بإصداره فتوى تبيح استخدام العنف ضد الحكومة".( راجع مشكة الحكم في العراق).
وسوم: العدد 958