عندما تتنمر الحكومات على اللاجئين السوريين!! الدنمارك أنموذجا

تبقى قضايا فردية وجزئية ومحدود ويمكن بلعها بعسر شديد عندما يقوم فرد أو مجموعة أو تيار على أي خلفية ايديولوجية أو عنصرية أو مصلحية بالتنمر على لاجئ أو على لاجئين... ومهما تكن هوية اللاجئ أو اللاجئين.

سيكون الأمر كارثيا ومدمرا لمواثيق حقوق الإنسان، والاتفاقات الدولية أكثر ؛ حين تقدم دولة محسوبة على ما كان يسمى " العالم الحر" بفعل ذلك!!

وحين يكون الحديث عن الدنمارك، الدولة التي صدرت عنها، تحت عنوان الحرية، النسخة الأولى من "الرسوم السيئة" فإن علينا أن نتبصر ما وراء الأكمة بشكل أكثر دقة وأبعد واستشرافا.. ما وراء أكمة الدنمارك في تنمرها على اللاجئين السوريين؟؟ والعبث بجراح لجوئهم وغربتهم؟؟؟

ويخرج على الناس من جديد المتحدث باسم الحكومة الدنماركية، في قضايا الهجرة ليؤكد أن الحكومة ثابته على موقفها من إمكانية إعادة بعض اللاجئين السوريين إلى ما يسميه المتحدث "وطنهم"..!!

نعم هو وطنهم الذي شاركتم في التسليط عليه، وتدميره واستبعاد بنيه، ومصادرة مستقبلهم ومستقبل أجيالهم!!

لم ينفع قرار المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان، ولم تنفع كل التأكيدات الحقوقية والدولية أن "الوضع في سورية غير آمن" على ثني الحكومة الدنماركية "المأزومة" عن قرارها، فخرج علينا المتحدث باسمها ليصر على أن الوضع في دمشق وما حولها أكثر أمنا، فتقوم حكومته بسحب مئات الإقامات المؤقتة من اللاجئين "الدمشقيين" هناك، تمهيدا لإعادتهم ..إلى حيث الأمن والأمان..!!

وربما تستشهد علينا الحكومة الدنماركية في الأمن والأمان الدمشقيين، بخبر زيارة "الأسرة اليهودية - الأمريكية- السورية" التي شهدت أن الوضع في دمشق لا أجمل ولا أحلى !!

وحين تصف الحكومة الدنماركية بهيئتها الاعتبارية، أن الوضع في دمشق آمن ومستقر، فلأن أحد أعضائها لم يعرف ريح السارين صباح الخامس عشر من آب 2013..الذي مزق رئات سبع مئات إنسان مطلع الفجر!!

ولأن تقديرات الحكومة الدنماركية لا تدرك أن الجغرافيا السورية كلها، والفضاء السوري أيضا، ساحة حرب مفتوحة مكشوفة ترتع فيها وحوش الروس والإيرانيين والأسديين متى شاؤوا ، وكيفما شاؤوا..!!

في الحكومة الدنماركية لا يعلمون مثلا أن مدينة درعا حيث الحصار والقصف مستمر ليلَ نهارَ، تبعد أقل من مائة ميل فقط عن دمشق..التي تزعم الحكومة الدنماركية أنها آمنة مستقرة، وأنه في ثنايا هذه المسافة " 100 ميل" تعسكر عصابات إيران وحزب الله وغيرهم الكثير من الإرهابيين...

الحكومة الدنماركية لا تعلم مثلا أن جنوب دمشق بنحو سبعة أميال قاعدة إيرانية عنوانها السيدة زينب -والسيدة زينب بريئة من المكان والشخوص- مشحونة بالحقد والكراهية والبغضاء والجرأة على الاستباحة والقتل، والقدرة المدعمة دوليا عليه..

الحكومة الدنماركية لا تدري ..بل تدري ولا تريد أن تدري. وهي حين ترتكب جريمتها اليوم بحق مئات السوريين من المهاجرين فتسحب منهم إقاماتهم المؤقتةـ فهي تعيد تصدير جريمتها المغلفة بسوليفان الزبد الدنماركي المغشوش...

تسحب الإقامات فتحرم اللاجئين من أبسط الحقوق الأولية، التي تعين الإنسان على الاستمرار وسط الكد والبعد والشظف، والتي تعيد الإنسان إلى حياة القلق والترقب والخوف من جديد ..

وتسحب الإقامات عشوائيا وعلى غير هدى، فتعيد تبديد شمل أسر، وتفرق المرأة عن زوجها، والوالدة عن بنيها.

كثير من اللاجئين عندما استقروا في أوطان إقامتهم الجديدة ظنوا أنهم يستطيعون أن ينشدوا:

وألقت عصاها واستقرت بها النوى ..ولكن حكومة "الرسوم السيئة" تقول للسوريين: إن عقوبة خروجكم على الوالي الذي وليناه عليكم بأمرنا لم تنته، ولن تنتهي في أي يوم ...

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 958