لقاء "أبو مازن غانتس" جاء بتوجيهات من إدارة بايدن..!!
بدا انهيار الثقة تماما بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد نشوب الانتفاضة الثانية وقيام الموساد الصهيوني باغتيال القائد ياسر عرفات بالسم وانهار مستوي الثقة بين الطرفين ليصل لمستوي صفر. خلال فترة تولي بيامين نتنياهو رئاسة الوزرات لأكثر من عقد من الزمان اضاعت فيها إسرائيل فرص حقيقية لحل الصراع حسب الاتفاقيات التي وقعها الطرفان لان نتنياهو اعتمد سياسة الهروب من أي استحقاقات سياسية قد تفضي لإقامة الفلسطينيين دولتهم المستقلة واعتمد مخطط الضم الصامت لمناطق واسعة بالضفة ,استمر مستوي الثقة بين الطرفين في عهد الرئيس ترمب الي مستوي الصفر والذي انحاز مائة بالمائة للإسرائيليين ولم يعترف باي حق فلسطيني واصدار إعلانه الخاص بالقدس عاصمة لدولة الكيان وبالتالي انقطعت كافة الاتصالات بين السلطة واسرائيل حتي تاريخ لقاء "أبو مازن غانتس" الأول نوفمبر العام الماضي في رام الله والذي لاقى رفضا واستنكاراً واسعا من قبل كثير من الفصائل خارج اطار (م ت ف) والذي جاء بتوجيهات من إدارة بايدن لبيني غانتس بان يسارع الي استعادة الثقة مع الفلسطينيين وبناء مساراتها كمرحلة اولي لعقد طاولة المفاوضات في المستقبل وبدون ذلك لا يمكن لإدارة بايدن ان تقود دور فاعل للتوصل الي إطار يتم من خلاله انهاء الاحتلال الإسرائيلي وإعادة الامن والاستقرار للمنطقة.
الأسبوع الماضي استقبل بيني غانتس أبو مازن في بيته براس العين جنوب تل ابيب استكمالا لما بدأ في رام الله نوفمبر الماضي وبعد زيارة (جيك سوليفيان) مستشار الامن القومي الأمريكي الأسبوع الذي سبقة لكل من رام الله وتل ابيب والذي خصص لبحث اهم الإجراءات التي ستعيد الثقة الفلسطينيين للثقة في العملية السياسية بمجملها كمسار لحل الصراع والتعايش بالمنطقة , زيارة سوليفيان جاءت في خضم حرب شرسة يشنها المستوطنين علي الفلسطينيين علي امتداد المناطق الفلسطينية المحاذية للمستوطنات والقدس وضواحيها بشكل خاص ما ينزر بحرب انتقامية واسعة النطاق تكون اشرس من انتفاضة بين الطرفين سوف تربك كافة حسابات إدارة بايدن لإمكانية استعادة الثقة بين الطرفين . لقاء" أبو مازن غانتس" تعرض لعاصفة رفض واسعه من كلا المعسكرين الإسرائيلي والفلسطيني حتى ان هجوما لاذعا شن علي وزير جيش الاحتلال من قبل الليكود المعارض ونفتالي بينت نفسه لاستقباله الرئيس أبو مازن في بيته وتقديم رزمة تسهيلات اخري أكبر من التي سبقت بالإضافة الي بحث سبل فتح مسار جديد للعملية السياسية يعتمد مبدأ حل الدولتين بعد انتهاء فترة تولي نفتالي بينت رئاسة الوزراء نهاية أغسطس 2023.
اعتقد ان اللقاء بكل ما اثير حوله من انتقادات واعتراضات ورفض جيد إذا كان يفضي لنزع فتيل حرب انتقامية قد يخسر فيها الفلسطينيين كثيراً لان هناك في الحكومة الإسرائيلية من معسكر نفتالي بينت من يري في هذه الحرب فرصة لتجسيد المشروع الاستيطاني الكبير على الأرض الفلسطينية والذي من شانه ان يغلق كافة الطرق امام وضع مبدا حل الدولتين على الطاولة الذي تحاول إدارة بايدن إعادته للمشهد من جديد. اللقاء انتزع من حكومة إسرائيلية رافضة حتى الاعتراف بالفلسطينيين كشعب تحديث بيانات 10000 فلسطيني بالضفة الغربية والقطاع كمواطنين فلسطينيين برغم رفض نفتالي بينت ذلك وهذا اختراق لحكومة اليمين المتطرفة، واستعاد اللقاء أكثر من مليون شاقل سيفرج عنها جيش الاحتلال من أموال المقاصة الفلسطينية مما يعني ان الفلسطينيين سيكون بمقدورهم حل الازمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، هذا بالإضافة الي زيادة تصاريح العمل وتصاريح رجال الاعمال والشخصيات المهمة. قد يقول البعض ان هذا كله بثمن وثمنه كبير يتعلق بالتنسيق الأمني وزيادة وتيرته بل اعادة العلاقة الأمنية بين أجهزة السلطة وأجهزة امن الاحتلال الي المستوي العادي , اعتقد ان المقابل له ثمن أيضا فكما تريد إسرائيل من السلطة كبح جماح العمليات المسلحة المنطلقة من الضفة فان السلطة تريد كبح جماح المستوطنين و وقف عملياتهم الانتقامية تجاه المواطنين الفلسطينيين والتي تجري تحت حماية الجيش بالمقابل واعتقد ان هناك بند مهم في هذا الاطار وهو وقف مزيد من عمليات استيلاء جيش الاحتلال علي أراض في الضفة الغربية تحت ذرائع عسكرية وتسليمها للمستوطنين بالإضافة لتشريع بؤر استيطانية جديدة ووقف ترحيل سكان الشيخ جراح وحي بطن الهوي لنزع فتيل صراع دامي بين الفلسطينيين والإسرائيلي.
في الحسابات السياسية نقول انه إذا كان للقاء في إطار علاقة منفردة بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية فهو سيئ وضار سياسيا لكنه في الحقيقة جري في المرحلة الراهنة تحقيقا لرغبة إدارة الرئيس بايدن وتوجيهاتها لوزير جيش الاحتلال بفتح قناة سياسية مناسبة لتحقيق استعادة للثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ما يتيح لإدارة بايدن اداء دور سياسي مستقبلي يحقق نتائج إيجابية على مستوي فتح مسارات مناسبة للعملية السياسية بالمجمل. لا اعتقد ان لقاء "أبو مازن بيني غانتس" توقف فقط عند التسهيلات التي أعلن عنها في ظل توجه يميني إسرائيلي لحل الصراع برزمة اقتصادية دون فتح المسار السياسي وتمهيد الطريق امام السير فيه ,ولا اعتقد ان أبو مازن قدم تنازلات ما كما يصور البعض ممن يفكروا خارج الصندوق لأنه لم يبقي هناك تنازلات بيد القيادة الفلسطينية تقدمها ولكن ما يستطيع أبو مازن ان يقدمه حتي اللحظة هو ما أعلن عنه في أكثر من مناسبة دولية وهو ان الفلسطينيين جاهزين للجلوس على طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين على أساس وقف كامل للاستيطان والاعتراف بمبدأ حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام واههما مبادرة السلام العربية كأساس لحق تقرير مصير الشعب الفلسطيني وكل ذلك من خلال مؤتمر دولي كامل الصلاحيات برعاية الرباعية الدولية.
وسوم: العدد 962