ماذا تعني العملية الأردنية على الحدود مع سوريا؟

أعلن وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، الأسبوع الماضي، أن بلاده أصبحت «مستهدفة» من الحدود السورية «من قبل تجار المخدرات». جاء هذا الإعلان على موقع تابع للقوات المسلحة الأردنية، التي أعلنت بدورها «تغيير قواعد الاشتباك» على المناطق الحدودية.

رغم الإعلانين، الوزاري والعسكري السابقين، فإن العملية العسكرية الكبيرة التي جرت أمس الخميس على «نقاط التماس الحدودي» بين الأردن وسوريا تبدو مفاجئة بمعانيها وحجمها.

كشفت الاشتباكات الأخيرة التي جرت بين الجيش الأردني والمهرّبين، في 16 و17 من الشهر الجاري، كما تقول البيانات الرسمية الأردنية، أن ما يقوم به المهاجمون هو أعمال «منظمة»، فبعد هجوم قام به المهربون وأدى إلى مقتل اثنين من قوات حرس الحدود الأردنية وجرح ثلاثة منهم، حصل اشتباك آخر خلال محاولة ثانية في فجر اليوم التالي قتل فيها أحد المهربين، الذين قاموا بعدها بمحاولة تسلل وتهريب ثالثة، وكانت هذه المرة في وضح الظهيرة.

إذا أخذنا التجارب السابقة بين الطرفين، فإن عدد القتلى الذي أعلنت السلطات الأردنية عنه، وهو 27 مهربا قتيلا، يعني حصول معركة كبيرة جرى التحضير لها بدقة، عسكريا، وأمنيا، من قبل الأردن، وأن العملية كانت «ضخمة جدا»، لأنها، كما تقول المصادر الأردنية، ضمت عشرات المهربين المسلحين بأسلحة أوتوماتيكية، حاولوا اختراق الحدود الأردنية، للمرة الخامسة في أقل من أسبوعين.

هناك فائض في الدلالات السياسية للعملية لا يكفي الإعلان الوزاري الأردني وحده لتفسيرها، فبما أن العمليات المتوالية «المنظمة» للمهربين لا يمكن تبريرها بالفلتان الأمني السائد في سوريا، فالواضح أن السلطات الأردنية تتجنّب، حاليا، ربط الأسباب بالمسبب، وتسمية القيادة الفعلية لهجمات هؤلاء المهربين «المنظمة».

صار هناك اتفاق على المستويات الدولية أن اقتصاد تصنيع وتهريب وتجارة المخدرات يجري بإدارة أفراد من ضمن الدائرة الضيقة على رأس هرم النظام السوري، وأن خطّ تأمين المواد الخام والتصنيع والتجارة تتضمن أيضا لبنان وإيران، وأن حجم هذا الاقتصاد داخل سوريا وحدها قارب، في عام 2020، ثلاثة مليارات ونصف المليار دولار، وأن النظام يدير ما لا يقل عن 15 مصنعا كبيرا لإنتاج حبوب الكبتاغون.

عبور قوافل التهريب الحدود الأردنية، يشكل، ضمن هذا السياق، خطا حيويا لبقاء المجموعة الحاكمة في سوريا، وهو خط أكثر أهمية، على ما يظهر، من الخطوط السياسية والاقتصادية الأخرى التي حاول الملك الأردني عبد الله الثاني، فتحها بعد لقائه الشهير مع الرئيس الأمريكي جو بايدن في تموز/يوليو العام الماضي، والاقتراحات التي قدمها لتأمين خريطة طريق لـ»الحل في سوريا».

الواضح أن ملك الأردن رأى حينها فائدة في ذلك الطرح تتناسب مع مصالح بلاده، لكن الأحداث الأخيرة تشير إلى أن توحّش النظام مع السوريين أنفسهم، لا يمكن أن ينقلب، عبر دبلوماسية المصالح المتبادلة، إلى نظام أقل توحشا مع بلدان الجوار! تضع العملية العسكرية الأردنية الكبيرة، بهذا المعنى، خطا أحمر للنظام السوري، وهو أمر من غير المتوقع أن يتم استيعابه، ناهيك عن الالتزام به، من طرف حكام دمشق.

وسوم: العدد 966