جهود إسرائيلية لتشويه لجنة التحقيق الدولية
منذ تشكيل لجنة التحقيق الدولية في مجلس حقوق الانسان، في شهر أيار الماضي في أعقاب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، تواصل حكومة الاحتلال جهودها المحمومة من أجل تشويه سمعة اللجنة، وأفشال عملها لمنعها من مباشرة التحقيق في الانتهاكات والجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال في قطاع غزة والقدس والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948. حيث أفاد موقع "والا" الإسرائيلي بأن وزارة الخارجية الاسرائيلية تخطط لإطلاق حملة تعتيم وابتزاز ضد لجنة التحقيق الدولية التي شكلها مجلس حقوق الإنسان في أعقاب عملية "حارس الأسوار".
وبحسب الموقع، ستعمل وزارة الخارجية الإسرائيلية على تأجيل أو منع اتخاذ قرارات باللجنة، وستزيد من حدة الحملة ضد اللجنة التي ستجتمع في شهر مارس المقبل، مشيرا إلى أن "المسؤولين الإسرائيليين يشعرون بقلق بالغ من أن التقرير الذي قدمته اللجنة في يونيو الماضي الذي تضمن بعض الإشارات إلى إسرائيل كدولة فصل عنصري". وقال الموقع إن "إشارة كهذه من هيئة محمية تحت مظلة الأمم المتحدة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي للغاية على مكانة إسرائيل، وصورتها بين الجماهير الليبرالية في الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى"، ويقول رئيس قسم المنظمات الدولية في الخارجية الإسرائيلية أمير فايسبرود، أن "هدفنا الرئيسي هو نزع الشرعية عن اللجنة وأعضائها وقراراتها، لمنعها أو تأخير اتخاذها المزيد من القرارات.
وقالت الخارجية الإسرائيلية في برقيات أرسلت الى السفارات الإسرائيلية إنها لن تتعاون مع اللجنة لأنها لجنة من طرف واحد واعضائها ضد إسرائيل وانه يجب رفع الشرعية عنها وعن أعضائها. علما أن حكومات إسرائيل عملت بالماضي ضد أعضاء اللجان التي شكلت للتحقيق في جرائم إسرائيل، وعملت على ابتزازهم وتشويه سمعتهم الشخصية وفي حالات كثيرة اتهموا بمعاداة السامية وكراهية اليهود.
وما يزيد قلق حكومة الاحتلال وفقا ل "معهد أبحاث NGO Monitor الإسرائيلي، أن أعضاء لجنة التحقيق هم من كبار مسؤولي الأمم المتحدة المناهضين للاحتلال الإسرائيلي وممارساته غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتترأس اللجنة "نافي بيلاي من جنوب أفريقيا والتي شغلت موقع مفوض مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بين عامي 2008-2014 وتشغل حاليًا منصب قاضية في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وكانت مسؤولة سابقًا عن تشكيل أربع لجان للتحقيق في الانتهاكات الإسرائيلية ، من بينها نشر تقرير غولدستون للتحقيق بالعدوان الإسرائيلي في عملية الرصاص المصبوب في غزة عام 2008. وقد صادقت "بيلاي أيضا على تعيين الناشط المناهض للاحتلال الإسرائيلي، ريتشارد فولك مبعوثًا خاصًا للشؤون الفلسطينية، وتقول آن هرتسبرغ، المستشارة القانونية لمرصد المنظمات غير الحكومية في معهد NGO Monitor الإسرائيلي، "بيلاي واحدة من أكثر الشخصيات المعادية لإسرائيل في مجلس حقوق الإنسان خلال فترة ولايتها، وبصفتنا منظمة استشارية، وبناءً على عدد من الدراسات الحديثة، نعتقد أن هدف هذه اللجنة المشكلة حديثاً هو إنتاج دليل يمكنه إثبات أن إسرائيل دولة فصل عنصري، كجزء من التحرك قبل المحكمة الجنائية الدولية". وأضافت أن "عضوا آخر في اللجنة له ماضٍ مناهض لإسرائيل هو عضو الأمم المتحدة ميلون كوتاري، مهندس معماري هندي، تمكن قبل 20 عامًا من دخول إسرائيل تحت ستار زيارة أكاديمية لكتابة تقرير مناهض لإسرائيل بالتعاون مع العديد من المنظمات المتطرفة.
وأشارت إلى أن "العضو الثالث في اللجنة هو كريس سيدوتي من أستراليا، الذي عمل على مدار خمسة عشر عامًا الماضية مع منظمات فلسطينية، تزود الأمم المتحدة بمعلومات أحادية الجانب حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويمكن وصفه بأنه عضو مقرب وحليف للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان".
وما يثير قلق حكومة الاحتلال أن "هدف اللجنة الأممية هو رصد الانتهاكات الإسرائيلية لحقوق الفلسطينيين على أساس الهويات القومية والعرقية والدينية، لاسيما خلال أحداث مايو الأخير، والطلب منها تقديم تقرير إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في يونيو 2022".
يتضح أن الجهود الإسرائيلية المحمومة لتشويه سمعة لجنة التحقيق الدولية وأعضائها ستستمر وستزداد حدة خلال الأشهر القادمة، ظنا أن جهودها ستنزع الشرعية عن هذه اللجنة الدولية التي تشكلت باردة دولية في مجلس حقوق الانسان، ولكن حتما ستفشل حكومة الاحتلال من تحقيق هذه الغاية، لكنها ربما تستطيع أن تعرقل عمل اللجنة في التحقيق في انتهاكات الاحتلال وجرائم الحرب التي ارتكبتها في العدوان الأخير على قطاع غزة، وفي القدس والأراضي الفلسطينية عام 1948 وغيرها من الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما فعلت مع لجان التحقيق الدولية الأخرى التي تشكلت لهذا الغرض خلال السنوات الماضية، لكن ستجد هذه اللجنة وسائل كثيرة للتحقيق في جرائم الاحتلال المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، رغم المعيقات الإسرائيلية، وستنشر تقريرها الذي سيدين الاحتلال بارتكاب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني، ويبقى الجهد الأهم في هذا الموضوع، هو محاسبة ومحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين الذي ارتكبوا هذه الجرائم وتقديمهم للمحكمة الجنائية الدولية، فجرائم الحرب لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن، ومن هنا ينبغي مواصلة الجهد الفلسطيني والجهد الدولي لتحقيق هذه الغاية، وهذه ما تخشاه حكومة الاحتلال وستعمل على عرقلته.
وسوم: العدد 966