إسرائيل و«الفرصة» الأوكرانية: عنصرية ودعارة!

تعاملت حكومة إسرائيل مع الحرب الروسية في أوكرانيا بطريقة «اهتبال» الفرص السياسية والعسكرية والإعلامية، فهي من ناحية دولة محسوبة على «الغرب» وتتغنى بادعائها «الديمقراطية الوحيدة» في المنطقة ولديها علاقات أمنية وعسكرية وثيقة بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وحلف الأطلسي، وهي، من ناحية أخرى، دولة احتلال واستيطان ويمين عنصري قومي وديني، وهو ما يربطها بأواصر حميمة مع «العقيدة» الروسية الحالية، في التدخلات العسكرية والتوسع وادعاء الدفاع عن حقوق الأقليات الروسية في البلدان المجاورة.

استغل رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت هذه «المنزلة بين المنزلتين» للتواصل مع الرئيسين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي، وعرض، في الأيام الأولى للغزو، خطة لتسوية سياسية بين البلدين.

قام الإعلام الإسرائيلي أيضا بدوره في التحليل «المتوازن» والربط والبحث عن المصالح التي يمكن الاستفادة منها سياسيا واقتصاديا، والموازنة في أرباح إسرائيل من الطرفين.

في الوقت الذي كانت وكالات الأنباء تبث صور استقبال مسؤولين إسرائيليين للاجئين أوكرانيين، كانت الداخلية الإسرائيلية تؤكد رفض دخول مئات منهم لأنهم «لا يحق لهم الوصول لإسرائيل»، ورفعت أوكرانيا، إثر ذلك، دعوى قضائية ضد إسرائيل على خلفية المعاملة السيئة التي يتعرض لها اللاجئون الأوكرانيون، وقال محامي سفارة كييف إن إجراءات شاكيد «تخفي انتهاكا صارخا للقانون الدولي»!

تتجاهل هذه الوقائع، قصدا، أن «انتهاك القانون الدولي»، هو «القانون» المتبع في كل ما يخص الفلسطينيين، وأن الطبيعة العنصرية لدولة إسرائيل، تشوّه معنى كل شيء تطاله ليخدم هذه العنصرية الممأسسة بطريقة تمتهن العقل والبشر وتكشف تناقضات العالم السياسية، وهو أمر يعاني منه الفلسطينيون بشكل يجعلهم متشككين في كل ما تفعله هذه الدولة، وكذلك فيما يدور حولهم في العالم.

تتعاطى إسرائيل مع الفلسطينيين كلاجئين على أرضهم، وهي تمنع، حسب قانون «أملاك الغائبين»، حتى من يحمل جنسيتها من الفلسطينيين من استعادة أراضيه التي احتلتها عام 1948، وهي تتعامل مع الأوكرانيين اليهود، كفرصة لخرطهم في مشروعها الاستيطاني، أما غير اليهود، فستسمح لمن مرّ منهم من فراغات شبكتها الأمنية، بالبقاء «بشكل مؤقت»، ولا يبعد هذا الاستعمال عن محاولات توظيف الأوكرانيات اللاجئات في أوكار الدعارة.

في الوقت الذي تقوم منظومة إسرائيل السياسية والأمنية والإعلامية باستغلال القضية الأوكرانية لتلميع صورتها السياسية والإنسانية عبر نشر صور اللاجئين، تتعامل كثير من النخب السياسية الفلسطينية، والعربية، مع هذا الصدع العالمي الكبير بطريقة رمادية.

يكمن جذر هذا التجاهل في بقاء المسألة الفلسطينية رهنا بأيديولوجيات اليسار، التي، رغم فاعليتها في قضايا مقاطعة إسرائيل، فإنها لا ترتبط نفسها بعمق بمجمل النضال الديمقراطي عالميا. تتعامل هذه النخب مع ظواهر مثل وصول أشخاص من أصول عربية إلى البرلمانات والحكومات الغربية (كما حصل مع رشيدة طليب والهان عمر مثلا) بطريقة احتفالية وليس بفهم ضرورة الانخراط في هذه الظاهرة عالميا، واحتضانها في نظمنا ومؤسساتنا.

تغفل الآراء السياسية التقليدية لدى النخب العربية أيضا فهم العلاقة العضوية بين طبيعة العلاقة بين إسرائيل، والبوتينية الروسية، والأحزاب اليمينية المتطرفة في الغرب، كما تتجاهل، أحيانا كثيرة، أن تقدم هذه التيارات عالميا، كما حصل خلال حقبة دونالد ترامب، هو تقدم لإسرائيل ولعقائد الاحتلال والاستبداد.

وسوم: العدد 973