بشار الأسد يتهم .. فمن هو أولى بالرد على المجرم القاتل المبير!!
وأرسل إليّ أكثر من أخ وصديق ومخالط وبعيد، فيديو لبشار الأسد في لقاء له مع كوادر تعليمية سورية مبتلاة ببلادته وعقمه، يحشو أذهانها بضرورة إعادة توصيف تاريخ سورية الحديث، منذ أن ابتليت بأبيه ثم به من بعد، واعتبار "الإخونجية" - الإخوان المسلمين- محور الشر في الحدث السوري, وأنهم سبب كل ما حدث في سورية من حرب وقتل وتدمير ومحو مدن وبلدات وتهجير أكثر من منتصف الشعب السوري منذ الثمانين وحتى اليوم، مؤكدا على مقولته الممجوجة أن الوطن ليس فندقا، يقول للمعلمين أنهم يجب أن يحشو عقول التلاميذ الصغار بحقيقة أن الإخوان المسلمين هم سبب هذه الحرب المجنونة وحاملي عبئها، والمسئولين عن كل ما جرى فيها...
وأنا أفهم حين يرسل لي بعض الأصدقاء الفيديو أو الخبر، أو الموقف فكأنهم يقولون: كذا قال ..فكيف أنتم قائلون؟؟
وفي هذه المرة رددت على أكثر من صديق بتركيب سؤال على سؤالهم المفترض، فتساءلت فمن أولى منا بالجواب على ما افترى المفتري وأفك الأفاك؟؟
ونحن الإخوان المسلمين ليسعدنا ويشرفنا ويعلي في السند الوطني مقامنا أن نكون الجمرة التي لا تنطفئ، والشهاب الذي يخترق الظلام ويحرق الظلم والظالمين، والاستبداد والمستبدين. وأن نكون في مقام الفر يق الوطني الذي ظل منذ انقلاب الثامن من آذار 1963 ثائرا، ومحرضا على الثورة، وداعيا إليها، والذي ظل منذ ذلك التاريخ محراكا حقيقيا في المشهد الوطني ولم يدّعِ في أي يوم ولا في أي موقف احتكار المشهد الوطني، ولا تفرده به، ولا قصره على نفسه.
وفي كل مرة كانت هذه الجماعة تنادي للفزعة من أجل الحمى والدين والحقيقة كما في يوم كفريةالمرشخ خلاص، أو في يوم مهاجمة الدبات باب الأموي في دمشق، أو في يوم قصف المجرمون جامع السلطان في حماة، كانت الأسواق التجارية في المدن الكبرى هي التي تغلق، وليست أسواق جماعة الإخوان المسلمين. وعندما تفاعلت أحداث الثمانين التي أدارها حافظ الأسد بطريقة ابنه الهمجية نفسها، لم يكن الإخوان المسلمون وحدهم في الساحة كما يزعمون، كانت النقابات العلمية والنخبوية في المقدمة: نقابات الأطباء والمهندسين والصيادلة. كان أولئك الوطنيون الشرفاء في مقدمة من حمل لواء الموقف الوطني. في حلب توكل محامٍ مسيحي وطني أمر الدفاع عن الشباب الأحرار، زهير زقلوطة وحسني عابو وإخوانهم، وبلغ به الانفعال وهو يترافع عن طهرهم وسمو رسالتهم أن خر مغشيا عليه من شدة الانفعال الإيجابي.
أذكر الذاكرة السورية بالمقابلات - الامتصاصية- التي أجراها رئيس الوزراء الأسبق - خارج السلطة- يومها محمود الأيوبي مع كوادر مجتمعية محسوبة على النظام لأنه زعم أنه يريد أن يصغي إلى شكاوى الناس، ونقول بوصفنا إخوانا مسلمين، ليته فعل..
أذكر الذاكرة السورية أجمع بحديث الصحفي السوري وكيف خاطبه موظف عام في جهاز الدولة وهو يلقي بوجهه جواز سفره عن بعد، وينادي عليه على رؤوس الأشهاد: خذ يا.....ولو استفاد هذا المجرم فقط من هذه الحكاية في ضرورة احترام الناس لربما وقى سورية من هذه الويلات..
ثم وبعد ثلاثة عقود من "الاستئصال" أستعمل الكلمة بأعمق معانيها اللغوية ، وبعد عملية التقتيل والتدمير، وبعد القانون 49/ 1980 والذي قضى بالحكم بالإعدام على كل منتم إلى جماعة الإخوان المسلمين، ونفذ بالأثر الرجعي، وأخذ الناس بالشبهة. واقرأ تفسير هذا القانون - إذا شئت- على مدى عشر سنوات في مذكرات مصطفى طلاس أحد أدوات الجريمة المستدامة، عن الأشهر الثلاثة التي هزت دمشق، وبعد تقنين الترداد السخيف في شعار كل صباح في جميع المدارس السورية التعهد في كل صباح، بالقضاء على العصابة العميلة ..في الزعيق أو النهيق الممجوج..
وعلى الرغم من كل ذلك، ومع كل ذلك انطلقت الثورة السورية المباركة في آذار 2011 ، استجابة لتطلعات الشعب السوري، ومعبرة عن آمال الشعب السوري، وتحمّل تضحياتِها كل أبناء الشعب السوري. وكان الإخوان المسلمون كما هو العهد بهم دائما لُحمةَ هذا الشعب وسَداته، يبذلون وسعهم، في العون والنصرة، وهم يعلمون أن كل ما يبذلونه في نصرة دينهم وشعبهم ووطنهم قليل..
وبعد..
ولكن أن يعمد بشار الأسد إلى اختزال مشهد الثورة السورية الممتدة منذ أكثر من ستة عقود في "جماعة الإخوان المسلمين" فهذا ظلم وعدوان وإجحاف..قد أقول باسم الإخوان المسلمين إننا لا يمدحنا أحد في هذا الوجود مثل مذمة هؤلاء المستبدين الطغاة القتلة المجرمين..
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ..فهي الشهادة لي بأني كامل..
ولكن أن يبلغ ببشار الأسد الأمر أن يختزل كل القوى الوطنية، وأن يزدري كل المنصات "المعمول بعضها على شانه" فلا يرى فيها عدوا ولا خصما ولا منافسا حتى!! كل هذه الهيئات والمعارضات والمطاولات، وأن لا يرى في كل هؤلاء الذي نحترم ونقدّر معارضة جادة، ولا خطرا جديا يستحق كلمة من لوم أو همزة أو لمزة على الطريق فهذا أمر يجب أن يثير حفيظة أهله... وإنني هنا أطالب هيئات المعارضة المظلومة أن تنبري للدفاع عن نفسها وعن حقها...
وسوم: العدد 973