البيوت في زمن الآلة
البيوت الآن بأزواجها وأولادها في مجملها ليست سيئة...لكن قدرها أنها جاءت في زمن الآلة.
والإنسان ابن بيئته...فالروم قديما أصابتهم البلادة في أمر أعراضهم لطول ما أكلوا من لحم الخنزير!!
والبدو عندهم من وفاء الإبل وحنينها كما أن فيهم من حقدها وانتقامها ممن آذاها ولو قديما لكثرة ما عايشوا الإبل وعاشوا معها!!
وفي زمن الآلة الذي نحن فيه... أصابتنا جميعا طباع الآلة...حيث العمل حسبما تسيرها قوانينها بلا عواطف ولا مشاعر إلا ما يستوجبه الموقف.
أصبحنا آلات في علاقاتنا بالأزواج والأولاد...
آلات حتى في علائقنا الإنسانية مع الأقارب والأصحاب والزملاء.
انحسرت فينا طباع الإنسان لحساب طبائع الآلات.
نمط حياة يومي بائس ممل..
ألفاظ لا نتعداها إلى غيرها إلا ما ندر... حتى في أكثر الأوقات شاعرية أو أبوية!!
حتى المناسبات التي كانت تستخرج روائعنا الوجدانية أصابها جمود الآلة ونمطيتها!!
فترانا نذهب لنجامل بكلمات صرنا نمل من تكرارها،ونجتهد أن نحدِث لها بسمة أو نصطنع معها فرحة.
صرنا فعلا آلات في مساليخ بشر!!
أجساد بلا أرواح...وأعمال بلا أحاسيس...إلا من رحم الله.
والحل أن نعود سريعا إلى مكامن الإنسانية فينا...وأن نستنقذ نفوسنا الجميلة من آليتنا الرتيبة القميئة.
إن فينا نفخة علوية أعطت لطينيتنا قيمة...فلما تركنا النفخة مكتفين بالطين تحولنا إلى جامدين قاسين بعدما كنا ملائكيين!!
أعيدوا الروح إلى بيوتكم بكلمات الحب الصادرة من القلب لا المستعارة من رسائل الصحب.
أعيدوا روح الأبوة بالمزاح والتصابي وجميل النكات والقفشات والخروجات بعدما خنقتموها بالالكترونيات.
تزاوروا لأنكم مشتاقون...وتشاركوا الأفراح والأحزان لأنكم سعداء أو متوجعون لا لأنكم متجملون أو مجاملون.
أعيدوا لأنفسكم أروع وأجمل ما فيكم...
أرواحكم...وجداناتكم...رقتكم...رأفتكم...رحمتكم...شفقتكم على بعضكم...
فقد طال يبس الدنيا لفرط ما تحمل على ظهرها من أجسام جامدة مع أنهم يملكون قلوبا تملك إطراب وإسعاد الكون بأسره.
أنقذوا الإنسان فيكم...فلولا هذه الإنسانية ما بقيت في الأرض العاطفة الأبوية، ولا المحبة الزوجية، ولا المشاعر الأخوية.
والقلب من الجسد بمنزلة الحياة من العدم...وكذلك القلب من العالم بمنزلة الحياة والموت.
فحياة الآلات ممات....أما حياة الأرواح فسعادة وبراح وانشراح.
وشتان بين الحياتين.
وسوم: العدد 975