التضليل باسم الله ، أكبر ..
منذ أيام أقرع أجراس الخطر من قالة ضلالة وجهل وسوء، وألقى ما تعودت أن ألقى منذ نصف قرن، وأردد: في سبيل الله ما أنا لاقي.
بعض الناس عندما يُشرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم متعدد الروايات "لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من الدنيا ومافيها" أو خير لك مما طلعت عليه الشمس، أو خير لك من حمر النعم، يفسر هداية الرجل، بالانتقال به من الكفر إلى الايمان، وهو تفسير صحيح ولكنه محدود.
ومن هداية الناس ان تدل السائل على طريق، وأن تجمع صاحب الحاجة على حاجته، وأن تصحح للمخطئ، وأن ترشد الضال، وأن تقوّم لحن صاحب اللحن، وأفحش اللحن ما كان في كتاب الله، أو في الرواية عن رسوله، أو في التوقيع عنه، وحتى كتاب "أعلام الموقعين" مع جمال مافيه، توقف البعض فيه، فقالوا: وهل يوقع عن الله أحد؟؟ وأبى بعضهم عند النسبة إليه إلا أن يصحفوه على علم، فيقولوا: "أعلام الموفقين"
لا أحد يكتب باسم الله. إلا على وجه طلب البركة والعون والتسديد..وهذه حقيقة يجب أن تستقر في العقول والقلوب، ليبقى شأن الله دائما في قلوبنا وعقولنا ونفوسنا أعظم..
أهل الغلو فقط هم الذين كانوا يقولون عن سيدنا سعد بن أبي وقاص خال الرسول، الذي جمع له رسول الله أباه وأمه "لا يحسن يصلي" وهؤلاء هم أنفسهم قتلة سيدنا عثمان، وهم الذين حكموا على سيدنا علي بالكفر فقالوا: حتى تراجع وتتوب..!!
وكان شعار المحكِّمة من قبل "لا حكم إلا لله" وما أجمله من شعار، وما أقبحهم من حاملين. ودائما يدور بنا الحال، أو ندور به فنلقى أنفسنا في الدائرة نفسها، سمعها سيدنا علي، فقال "كلمة حق أريد بها باطل"، ولم يجعلها دبر أذنيه، ولا خلف ظهره، ولا مغمغ فيها كما أراهم وأسمعهم عن نداءات أهل الباطل في هذا الزمان يمغمغون..
وكثيرون عندما يستشهدون بقول حكيم العرب الأفوه الأودي: يعجبهم منه "لا يفلح القوم فوضى لا سراة لهم"، ولا سيما حينما يظنون أنهم سراة القوم الأولى بالرياسة والكياسة..
ولكن الأبلغ في حكمة العربي الأول، شطر البيت الثاني: ولا سراة إذا جهالهم سادوا. ولعل في هذا الشطر سر الأسرار فيما آلت بنا الأحوال.
عن نفسي فلست أرشح نفسي لمقام مع أهل الشطر الأول، وأعيذ نفسي بالله، أن أكون من أهل الشطر الثاني، وإنما كل ولايتي على رأي أقيمه كل يوم منذ نصف قرن بعد العصر ، على طريق الناس فمن أحب اشتار ومن أحب امتار، ومن أبى فهو في الخيار، لا سلطة لدي لترغيب أو ترهيب، ولا خيل عندي أهديها ولا مال.
استكمالا للطرافة في حكاية الخيل والمال، وهو من قصيدة أبي الطيب، يخاطب بها نفسه، في شرح مؤدى هذه الرسالة، أنني في السنتين الأولييين من هذه الثورة المباركة، طلب رجل مني من فضاء هذه الثورة زيارتي وألح وهو يعيش في دولة أخرى بعيدة عن مثواي، قلت: ماذا عساه يريد؟؟ فدافعته ما استطعت، ثم ضربت له موعدا، ولما جئت إلى موعده، وقد قدم من مكان بعيد، رأيته قد أبلس!! قاربته باعدته، فقال: بصراحة؛ أنا جئت أطلب منك سيارة تنعم عليّ بها من موكبك، فلما رأيتك تصل إليّ في الباص، بهتُ فلا أدري ماذا أقول.
نعم أيها الوجلون على مقاماتكم مني يشرفني أنني لست من أصحاب المواكب، لا كنت ولا أطمع أن أكون، ولم أصطف معكم طوال اثني عشر عاما على "بوفيه" وجبة، فمم أو علام أنتم خائفون؟؟ في باصات لندن تلقيت على رأسي قبلات كثيرة من أحباب عرب لا أعرفهم، كما مسحت عنه كثيرا من الطاهر الذي مسحه سيدي معاوية رضي الله عن وجهه، بشرني أصحاب القبلات ولم يضرني أصحاب الكلمات واللكمات وال..
قولوا لأصحاب المواكب وأصحاب البايات وأصحاب الدايات وأصحاب الغايات وأصحاب العباءات لا تعبؤوا بقولي، فلست منافسا لكم على شيء، لست مزاحما، ولا متقحما، ولا حاجزا، حتى لو أردتم ان تنفذوا ما تتوعدون به، ومن علمي بكم علم التجربة، أنكم لستم بفاعلين.
لا تعبؤوا بي فلست أبيع في سوقكم ، ولكنني في الوقت لا أحلب نياقكىم أو شياهكم..ولا في إنائكم، لا أرجو ثوابكم ولا أخاف عقابكم، وإني ذاهب إلى ربي سيهدين، بفضله وكرمه.
ربي الذي عاهدته منذ أنعم عليه أن لا أكون ظهيرا لمجرم ولا لغال ولا لضال ولا لمنحرف عن الطريق، ولا لراغب في السبل عن السبيل.
وعاهدت ربي أن لا أسمع قالة سوء إلا رددتها- حسب استطاعتي- ولا دعوة إلى فتنة إلا حاولت إغلاقها قدر مكنتي، وما أنا عن هذا الامر بمتحول..وعشت على هذا نصف قرن، وأرجو أن أموت عليه. عرف قوم مني هذا فأحبوني من أجله، وبادلتهم حبا بحب ونصح، وعرفه آخرون فجفوني وحاربوني فما بادلتهم بالجفاء والحرب غير النصح. بقدر طاقتي على النصح. قصارى نصحي أن أقول: هذا الطريق لا يوصلنا إلى طاحون القمح، بل حيث
فتعرككم عرك الرحى بثفالها..
لم أختبئ يوما في ثيابي، ولا وراء جليسي. بل كنت في كل مجلس أقول وأقول وأقول. وأجمل ما فيهم حين أثني عليهم؛ أنهم احتملوني، وقليل من الجفاء في عشرة الناس لا يضير،
يقول معلقا على ما كتبت، في تحذير أهل الغلو من فاشيته التي تشاغل عنها المتشاغلون:
لو كان لأهل الغلو جيوش!!
وأقول بل لم نسمع منهم غير العياط والمياط، عندما كانت لهم جيوش، وعندما حانت لهم الفرصة كعّوا..
فتشاغلوا وراهنوا بل واقتتلوا
جهلا علينا وحلما عن عدوهم .. لبئست الخلتان الجهل والجبن
هذا.. بل وذاك أننا..
ما زلنا نسمع منهم تجييشا وعنتريات فارغة، وشعارات أبعد في الأماني وأكثر إيغالا في سمادير المسطولين.
و مع إيماننا ان ما يطروحونه باطل شرعا وعقلا، وشرٌ مافيه، وأشر ما فيه، أنهم وهم يزعمون أنهم يحرضون المؤمنين، يحرضون على المؤمنين، ويشاركون في جعلهم يدفعون الأثمان.. وهم الخليون!!
وقد يقول لي، إن حافظ وبشار الاسد لم يكونا بحاجة إلى معاذير وتكئات فأعجب، ولعلكم تعجبون!!
منذ ١٩٧٩ ومعركتنا مع الفقه المغلوط، والفكر المعوج، والأفق المسدود، والقائد "أبو قصبة" الذي يحرك النار على قومه من بعيد..!! وصورة النار في عتمة الليل في قارس الشتاء جميلة:
والنار فاكهة الشتا والمايصدق يصطلي..
واصطلوا بأجساد إخوانهم وأبنائهم..
وجوه الأحبة الذين فقدناهم منذ ذلك اليوم وفي كل يوم تلازمنا: أحصاه الله ونسوه.
ومن زعم أن "الصوج كله على الشيطان الرجيم" فقد جانب الحقيقة في أبعاد كثيرة.
سيدنا المسيح عيسى بن مريم وحده هو الذي ولد من غير أب، وهذا الغلو الذي نعيشه في حياتنا حتى بتنا لا يجتمع عشرة منا على أمر، له أب..
أب ألقى نطفته بجينات الجهل في العقول الغفل فأنتجت كما قال حكيم الجاهلية: غلمان أشأم كلهم..
هذا جزء من واقع عشناه ونعيشه اليوم..
كنا في حلب ١٩٧٧..
كنا نجد ونعمل ونبني عقولا وقلوبا.. حين دخل علينا رجل، بعيش معارك "الدون" وقال لنا: فقلت لهم "كيف ؟؟ وهؤلاء إخواننا يملؤون السجون؟؟"
أنا ما زلت أحفظ هذه الكلمات بنصها، فقلت وهل الهدف من التحرش، لإدخالنا السجون لنكون ورقة في الصراع مع من يسمون..
هذا تاريخ عشناه ولم نصنعه، نعرف كل ثنية فيه ونعرف كل تلة وتبة وشرف ووهدة فيه وواد.
لم أكن من سراة القوم ولم أزعم، ولكنني لم أكن من جهالهم الذين…
ولم ندر ظهرنا لبلدنا لحظة، لنمتح على آبار نفط الآخرين. احفظوا هذا ولا تنسوه. ولا أحد يضطرنا للتذكير به. قلنا لها قفي قالت قافُ. وفي القلوب جراحات لا تندمل
من ..
بشار الاسد وحافظ الاسد يضللان الناس باسم الوحدة والحرية والاشتراكية، وباسم الصمود والتصدي، وباسم المقاومة والممانعة وباسم الوحدة الوطنية، وباسم الديمقراطية والحداثة والعلمانية ومجلس الفتاوى الجماعية أيضا…
ولكن الذين يمارسون التضليل باسم الله إثمهم عند الله أكبر، ويجب أن يكون إثمهم عند الناس أكبر.
ما أخطر كلمات الحق عندما يراد بها الباطل.
انزعوا قناع الغلو عن وجه إسلامنا الحنيف.
انزعوا قناع الغلو عن محيا ثورتنا الجميل..
وحين يبتسم وجه الثورة لكل سوري لم يظلم ولم يقتل ولم يعن على قتل أو على ظلم ؛ ستكون الثورة قد استردت روحها الجميل..
وسوم: العدد 980