شركاء ..لا جبناء
أعزائي القراء:
لا يمكن أن نصنّف موقف الغرب بالنسبه للثورة السورية بأنه موقف ينم عن جُبن أو ضعف فهذا التصنيف غير وارد على الإطلاق , فعندما اراد الغرب إحتلال أفغانستان لم يكن يحتاج للإستئذان من أحد. وعندما شن الحرب مرتين على العراق لم يكن يحتاج لأخذ موافقة صريحة من مجلس الأمن. وعندما تدخل في ليبيا تحت ستار حماية المدنيين لم يمانعه أحد.
فكل الأدلة على موقف الغرب من دعم الثوره السورية لا ينم عن جبن ، وهو الذي ارغى وأزبد وهدد وعربد على مدار عقودٍ طويلة , إضافة إلى أنه لا يريد لنفسه هذا الوصف امام دول العالم مما يقلل من هيبته عالمياً ويهوي بها إلى الحضيض, علماً ان الولايات المتحدة قادرة وبإسبوع واحد فقط على إجتثاث الأسد من جذوره وفق تصريحات سابقه لخبراء عسكريين أمريكيين.
إذن كل الأدله تشير إلى أن هذا الغرب والذي كشف عن نفسه بتناقض تصريحاته اليومية هو في موقف لايتفق مع مبادئه اولاً ولا مع طموحات الشعب السوري من حيث إسترداد حقوقه الإنسانية والسيادية. بل هو ملتزم بتوصية واحدة قرأها نتنياهو على الرئيس الأمريكي أوباما تقضي بعدم التسرع بإيقاف قتل السوريين وإدامة أمدها لأطول فترة ممكنة حتى ترتاح إسرائيل بعدها لعقود لايعرف مداها الاّ الله سبحانه وتعالى.
لنطرح اعزائي القراء على أنفسنا السؤالين التاليين:
الأول: هل هناك مخطط عالمي يتحرك على سكة طائفية بالتآمر مع حكام طائفيين تم تركيزهم في المنطقة ؟
والثاني: هل أضحت الثوره السوريه اليوم الشوكة الصلبة بدق إسفين في هذه المؤامره وبالتالي إفشالها؟
الإجابة على السؤال الأول بنعم وبكل لغات الأرض,هناك مخطط طائفي عالمي بُدئ بتنفيذه منذ ان تخلى الغرب عن أكبر حليف إستراتيجي له بالمنطقة هو شاه إيران وتسليم مقادير إيران لآيات الله, مغلقين الأبواب أمام كل التيارات المعتدلة والإصلاحية بما فيهم جماعة مجاهدي خلق والغير معادية أصلاً لتوجهات الغرب.كل ذلك من أجل أن تبقى إيران دولة طائفية المسار والتوجه, ثم كان ما كان من ثلاث حروب صبت كلها في إشعال الفتنة الطائفية,وكلنا يعلم دور النظام السوري الخبيث في إذكائها بالتآمر على العراق في هذه الحروب الثلاثة جهاراً نهاراً بحيث ان لواءه العسكري في حرب الخليج الثانية كان على ميمنة الجيش الأمريكي في حفر الباطن.والمثير للغرابة هو موقف حكام دول الخليج من هذا النظام , فمن المفهوم تماماً بل من الواجب أيضاً دعم هذه الدول للعراق ضد الهجمة الطائفية الإيرانية في الحرب الأولى, الاّ اننا لا نستطيع ان نتفهم دعمهم لنظام حافظ الأسد بعشرات المليارات من الدولارات وهو يحارب في صف عدوهم الإيراني. ولكن قد تزول هذه الحيرة إذا علمنا ان ذلك كان بناءاً على رغبة امريكية لإطالة هذه الحرب الطائفية وتدعيم المشروع الطائفي حيث النظام السوري يعتبر الكنز الخياني الثمين في السلسلة والتي يسعون بها لتطويق العراق وسوريا ولبنان على ان يكون قفل هذه السلسله ومفتاحها بيد الولي الإيراني, فكلما طالت هذه الحروب بين المكون العربي والمكون الفارسي والتي تقوم على صراع المذاهب كلما إمتلأت النفوس حقداً من الطرفين. وما صرّح به الرئيس الراحل صدام حسين رداً على سؤال صحفي: سيدي الرئيس متى تتوقعون نهاية لهذه الحرب؟ فأجابه بصراحة: عندما تريد الولايات المتحدة لها ذلك. وعندما أُحتل العراق بحرب بوش الإبن الثالثة كان اول عمل قام به المحتل هو حل الجيش العراقي والذي لم يكن مبنياً على أساس طائفي ليعاد تشكيله من جديد تحت قيادة سياسية وعسكرية طائفية مستفيداً من خبرات نظام الأسد بتحويل الجيش الوطني السوري إلى جيش يخدم الأسد وعصابته الحاكمة وفق مفهوم طائفي بغيض.
أعزائي القراء
قبل إندلاع الثورة السورية المباركة خطا الحلف الطائفي خطوات متقدمة في بناء هيكلية متكاملة مترابطة سياسياً وإقتصادياً وعسكرياً بين أطرافه الإيراني - العراقي - السوري-اللبناني المحكوم بحزب الله.ولاننسى في هذا السياق الخط الحديدي السريع بين طهران - بغداد - حلب - بيروت والذي كان بداية مرحلة تنفيذه في عام ٢٠١٣ حيث كان يُراد منه ان يكون العمود الفقري لهذا التكامل , هذا المشروع الخطير والذي لم يتم التركيز عليه إعلامياً لا محلياً ولا دولياً حتى لايثير الإنتباه. بينما المؤسف ان الخط الحديدي الحجازي والذي يربط دول عرب آسيا ببعضها دينياً واقتصادياً وسياسياً والمتوقف منذ مائة عام لم يستطع العرب تنفيذه رغم توفر الناحية المادية والفنية لأن الإرادة العربية المتمثلة بالحكام غير متوفره لأسباب معروفه تتلخص بممانعة غربية بتنفيذ هذا المشروع.
كل ذلك كان من أجل هدف واحد هو الإجهاز والإطباق على الدول العربية الأسيوية لاحقاً وتدمير كل عرب المشرق العربي , ولاتستغربوا بعدها إن نُقلت الكعبه المشرفه حجراً حجراً إلى قم , وتم تحويل دمشق عاصمة الحضارة الأموية إلى حُسينية كبيرة.
قد يظن البعض أن ما أقوله هو إسترسال خطابي ولكن مايحصل اليوم من تطورات مترافقة بصمت عالمي مطبق يؤكد ذلك.
أما عن السؤال الثاني: فالإجابة عليه بنعم كبيرة بحجم ثورتنا السورية فهي الشوكة التي لن تلين في وجه المخطط الطائفي رغم الكبوات التي تتعرض لها , فهذه الثورة صارت مصدر قلق لتخريب المشروع الطائفي والذي دخل مرحلة التنفيذ الفعلي على مراحل بدأت بتسليم حافظ أسد سورية والحقت بمرحلة ازاحة الشريك الايراني شاه إيران وتعيين الملالي بدلاً عنه وأُكملت بإزالة الرئيس الراحل صدام حسين وتعيين نظام طائفي وفق دستور بريمر ثم جُمّل المشروع بما سمي بحزب الممانعة والمقاومة في لبنان وهو بمثابة الحمرة والبودرة والكحل لتزيين هذا الحلف المشبوه. إنه مشروع خبيث استمر طبخه على نار هادئة لنصف قرن ثم تأتي الثورة السورية فتخلط الاوراق مما ولّد قلقا كبيرا عند مخططي هذا المشروع التدميري المتمثل بالقضاء على عرب آسيا اولاً وعرب أفريقيا لاحقا.
أيها العرب:
المؤامرة كبيرة ولكن علينا ان نكون اصلب واكثر وحدة لبلوغ قمة النصر .
إن ثمن إفشال المخطط الطائفي سيكون باهظاً جداً ، وعلينا أن نعي هذه الحقيقة وأن نقف فعلاً لا قولاً مع ثورة الشعب السوري, فالمؤامرة تستهدفنا جميعاً ولا نقول كما قال جحا مادامت النار بعيدة عن بيتي فأنا بخير.
فإن لم ندعم هذه الثورة كل حسب امكاناته فالنار واصلة الينا لا محالة.
وسوم: العدد 986