*الحضارة الإنسانية :
وقال أولو الألباب : (من أجل أن نقف على أسباب تهافت هذه الحضارة المادية ، وعدم جدوى فاعليتها على الوجه الصحيح ، يجب أن نقرأ ماكُتب عن الحضارة بمعناها الإنساني ، وعن القيم التي تتضمنها الحضارة القويمة ، قالوا : ( تعرف الحضارة الإنسانية بأنها كل إنتاج أو عمل تنعكس عليه الأسس الفكرية والوجدانية والسلوكية ، للإنسان الاجتماعي الواعي ضمن إطارات ذات قيمة عالية، ومبادئ تتمثل بإسعاد البشرية جمعاء، وهناك جانبان من جوانب الحضارة الإنسانية؛ وهي: مظاهر الرقي المادي، ومظاهر الرقي المعنوي. أما الإنسانية فهي الصفات التي يتميز بها الفرد، أو مجموعة من الأفراد، أو الأمة ضمن إطار من الوعي الاجتماعي الدال على الخير ) ... ولعله لايخفى على القارئ هنا ارتباط الحضارة الإنسانية بالقيم الفكرية والوجدانية والسلوكية ، وإذا نجحت حضارة هذا العصر بمظاهر الرقي المادي ‘ فإنها بلا ريب أخفقت كل الإخفاق في جانبها المعنوي الإنساني ، وقد خلا سلوك طغاة العصر وسدنة المحافل السرية من كل هذه المعاني مع أنها من كتابات طلابهم وأصحابهم ) .
*وأما الحضارة الإسلامية الإنسانية :
وأكد أولو الألباب : ( فقد اشتهرت حقبها بالنهوض بالشعوب، والإنجازات المميزة، إذ بدأت منذ هجرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وتميزت الحضارة الإسلامية بالإنجازات المتطورة، والتقدم الكبير الذي شهدته البشرية، ويعد التقدم الطبي والتقدم العلمي، والأدوات المتطورة الطبيعية من أبرز مظاهر الحضارة الإسلامية، كما شهدت هذه الحضارة التقدم العمراني الواضح في القصور والقلاع والمساجد ) .
ومن أقوالهم : ( في حين أن للحضارة أربعة عناصر هي :
الموارد الاقتصادية، والنظم السياسية، والتقاليد الخُلقية، ومتابعة العلوم والفنون؛ وهي تبدأ حيث ينتهي الاضطراب والقلق، لأنه إذا ما أمِنَ الإنسان من الخوف، تحررت في نفسه دوافع التطلع وعوامل الإبداع والإنشاء، وبعدئذ لا تنفك الحوافز الطبيعية تستنهضه للمضي في طريقه إلى فهم الحياة وازدهارها و باختصار فالحضارة : هي الرقي والازدهار في جميع الميادين و المجالات ) .وعلى سلوك المشرِّعين طغاةِ العصر الحديث وسدنة المحافل السرية قامت الحجة على بطلان مزاعمهم وفساد حضارتهم ، وإذا أصابت الدهشة بعض الناس من الاختراعات والتقنيات والفنون المبتكرة ، فقد أدمى خنجر هذه الحضارة قلوبا أخرى أكثر بكثير من الصنف الأول ، وهل ينفع الإنسان تلك المخترعات ويده على قلبه خوفا من أسلحة الدمار الشامل ، ورعبا من دخول الوحوش البشرية على بيوت الآمنين ، فيلتهمون مَن فيها بلا رحمة ولا إنسانية ؟! أي حضارة هذه التي يتشدق بها الأفاكون والمضلِلون ، ولكنهم جعلوها بمكرهم : ( لفظة مثيرة للجدل وقابلة للتأويل، واستخدامها يستحضر قيم (سلبية ) أو (ايجابية كالتفوق والإنسانية والرفعة ) ألا أخزاهم الله من أي باب ولجوا... إنهم يرون أن الشعوب همجيون ودونيون وفاقدون للمشاعر الإنسانية ، ويريدون إلغاء القيم الدينية التي أكرم الله تبارك وتعالى به خلقَه ، ولكن ليس لهم ذلك ، لأن بستان الحضارة الإسلامية تسقيه ينابيع القرآن الكريم الثَّرة المباركة ، وتحتضنه أيادي سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فلن تفنى قيمُ حضغرة تكفل الله بحفظها إلى قيام الساعة . لقد قرأت الكثير مما كتبه مفكرو الدعوة الإسلامية عن الحضارة الإسلامية الربانية ، زمن تلك القراءات :
خصائص الحضارة الإسلاميّة :
تنفرد الحضارة الإيمانية بجملة من الخصائص التي تميزّها عن غيرها من الحضارات المتعاقبة على مرّ العصور، وهي:
* حضارة إيمانية: استمدت الحضارة الإسلاميّة إيمانها من العقيدة الإسلاميّة، إذ تحلّت بمبادئها وأخلاقها وأفكارها كاملة، فهي حضارة مؤمنة بوحدانيّة الله سبحانه وتعالى. *حضارة إنسانيّة: هي تلك التي جاءت لتحتضن جميع الشعوب والأمم، ولا تقتصر على جنس بشري أو إقليم جغرافي معين، وتركز جل اهتمامها على الإنسان وتحقيق الرفاهية والسعادة له.
* حضارة معطاء: يشير مفهوم هذه الخاصية إلى أن الحضارة قدّمت للعالم ومدت له يد العون؛ في إمداده بالعلم والمعرفة الزاخرة، ما يضمن الرقي والفائدة.
* حضارة متوازنة: هي تلك الحضارة التي حافظت على توازن الجانبين المادي والروحي وتحقيق العدالة بينهما، ويعتبر التوازن أحد خصائص الفكر الإسلاميّ. *حضارة باقية: أنّها لا يمكن لها الفناء، وباقية إلى يوم القيامة؛ ويعزى السبب في ذلك إلى تكفل الله سبحانه وتعالى بحفظ الدين الحنيف.
*حضارة ربانية: هي تلك التي جاءت وتطورّت بعد نزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ألا فَلْيبشر المسلمون ...
أطفئا لفحَ عاصفاتِ الأُوارِ = بمُجاجِ التاريخِ والأسفارِ
واسقياني من هامر المجدِ إنِّي = لشغوفٌ بأصدقِ الأخبارِ
قيلَ : مازلتَ بالقديمِ وَلوعًا = وبحدوِ الوجناءِ بين القِفارِ
وترُدُ الحضارةَ اليومَ تُقصي = حُلَّتَبيها من بهرجٍ ويَسَارِ
قُلْتُ : مالي وللحضارةِ أخْوَتْ = بيديْها مباسمُ النُّوَّارِ
وفتاها عادت يداهُ بجمرٍ = فوقَ مافي دروبِها من قارِ
جاءَ بالبغيِ ، وانتضى سيفَ شرٍّ = فوقَ صَهْوَاتِ بأسِها المستطارِ
وحبا الناسَ بالفواجعِ ظلمًا = بئسَ وحشًا من الوحوشِ الضَّواري
لاتَغُرَّنَّكَ الحضارةُ ألقتْ = ماعليها من متعةٍ و ابتكارِ
وتخلَّتْ عن المآثرِ شمطاءَ = تَثَنَّتْ بمسرحِ الأوزارِ
وبسوقِ الأهواءِ بايعتِ الشيطانَ = واستسلمَتْ لحضْنِ العارِ
كلُّ نهجٍ لايجلبُ الخيرَ للإنسانِ = قانونُه بلا استقرارِ
دالتِ الدولةُ الشيوعيَّةُ اليومَ = و ولَّى إلحادُها للتَّبارِ
فهديرُ السلاحِ باتَ فحيحا = لأفاعي الإرهابِ في الأمصارِ
تَبَّتِ الأيدي فالصناعةُ آلَتْ = لشقاءِ الإنسانِ في الأدهارِ
لستَ متروكًا يابنَ آدمَ لكنْ = لستَ تدري نهابةَ المشوارِ
لم ترَ الوِجْهَةَ القويمةَ في العيشِ = فأدلَجْتَ في دجى الأخطارِ
يومَ آثرْتَ في حياتِكَ أن ترضيَ = أطماعَ نزوةِ الفجَّارِ
وتحَصَّنْتَ بالقوانينِ زورًا = بينَ نابِ الأهواءِ والأظفارِ
ليلُ خطبٍ على امتدادِ البرايا = يتلظَّى من الأذى والأُوارِ
ويدُ الحقدِ تنحرُ الفرحةَ البكرَ = جهارًا بالصَّارمِ البتَّارِ
بئستِ النهضةُ المقيتةُ داستْ = قدماها مباهجَ الأعمارِ
* * *=* * *
ألهذا الظلامِ يُؤْتَى بنورٍ = ورخاءٍ ورفعةٍ وازدهارِ !
إنَّ لله وعدَه وَهْوَ آتٍ = من حنايا الدُّجى وكهفِ المَرارِ
لم تزلْ في القلوبِ وقدةُ عزٍّ = ماطوَتْها غياهبُ الأكدارِ
تتهادى وفي الدروبِ خيولٌ = وسيوفٌ للفارسِ الكرَّارِ
والمثاني مُرَتَلاتٌ بليلٍ = وسناها على جبينِ النهارِ
و وليُّ الشيطانِ خرَّ صريعًا = فوقَ مافي الركامِ من أوزارِ
فقرينُ الشيطانِ نفسٌ تخلَّتْ = عن مفاتيحِ رحمةٍ وادِّكارِ
فازَ بالموئلِ الكريمِ فؤادٌ = بعدَ صبرٍ له وطولِ انتظارِ
والنَّشيدُ السَّوَّارُ حمحمةُ الأضلُعِ = دوَّى بنفرةِ الأبرارِ
يَتَخَطَّوْن عاصفاتِ الرزايا = ليس فيهم من مُحْجِمٍ خوَّارِ
تتراءى لهم مغاني جهادٍ = باسماتٍ كالزَّهوِ في الجُلَّنارِ
وظلالٌ من جَنَّةِ الخلدِ تهمي = بشذاها المعهودِ في الأزهارِ
وإذا أَلْفَتِ القلوبُ هَنَاهَا = بُشْرياتٍ زهتْ وحُسْنَ جِوارِ
لاتُبالي بزينةِ العيشِ جَفَّتْ = في فيافي تَوَقُّدِ الأخطارِ
وخَبَتْ تمضغُ الرمادَ وتعوي = بين فَكَّيْ دخانِها والغمارِ
قي دياجيرِ حسرةٍ مقتَضاها = في دموعٍ ولوعةٍ وانكسارِ
أَوَلَمْ تُبصرِ العيونُ شعوبًا = سادراتٍ وحتفُها بانتظارِ
عالَمٌ يمرحُ اليهودُ عليه = باردَ الوجهِ سَيِّئَ المضمارِ
ويُغنِّي هنودُه بابتذالٍ =وخفايا القُوى وراءَ السِّتارِ
بين أنيابِهم سمومٌ لقومي = ماتوانَتْ تعضُّ بالأبشارِ
ويلوكُ اعتسافُها المهجَ الظمأى = لِرَشْفَاتِ صبحِها المعطارِ
وينادي الصَّريخُ خلفَ خطاها = أيُّها المسلمون في الأمصارِ
اركبوا الخيلَ فالأعادي أتوكم = فاحذروهم بالفيلقِ الجرَّارِ
وانبذوا الوهنَ واستعدوا ليومٍ = ليس بالغائبِ الشديدِ الأُوارِ
ذاك يومٌ ميعادُه غيرُ ناءٍ = فحذاري الونى لطولِ انتظارِ
ربَّ رُحماكَ فالجناحُ مهيضٌ = لم يناطحْ ضراوةَ التَّيَّارِ
جابَ من قبلُ عالَمًا بالتآخي = وبنورِ الهدى ، وشذوِ العرارِ
وأزالَ القتامَ عنهم و روَّى = في رباهم حدائقَ استبشارِ
لم تزلْ تستقي العصورُ من الآيِ = وترنو إلى حُنُوٍّ السَّواري
نحنُ أهلُ القرآنِ والمُثُلِ العليا = وأهلُ النَّدى وأهلُ الجِوارِ
يُنبتُ الفجرُ رَبعَنا بربيعٍ = حيثُ يزهو مداهُ مثل النُّضارِ
وتهزُّ الصَّبا فضائلَ قومي =فتلوحُ الأسفارُ بالإسفارِ
واشرأبَّتْ لمقدَمِ الركبِ آتٍ = بالفتوحاتِ رحمةً واليَسَارِ
سمعوا صوتَنا فألْفَوا أمانًا = رغمَ مافي الزمانِ من أخطارِ
يَتَخَطَّى عَسْفَ الدسائسِ يهفو = بالجنى والمنى وطيبِ الغارِ
إنَّها الفطرةُ التي دَنَّسَتْهَا =فتنُ العصرِ لُوِّثتْ بالعارِ
منهجُ اللهِ لااعوجاجُ عقولٍ = هَصَرَتْ زيغَها أكفُّ المَرارِ
وكواها وَقْدُ المواجعِ قوقَ = البؤسِ والضَّنْكِ قي الحِمى المنهارِ
كيف لايشقى مَن رأى النُّورَ = فاستدبَرَ وجهَ الضُّحَى بغيرِ ادِّكارِ
طَمَسَ استهتارُ الطغاةِ ابتهاجًا = في مغاني الهدى ذواتِ الفخَارِ
نُظُمٌ عالميَّةٌ تتهاوى = مثقلاتٍ بالخزي و الأوزارِ
وشعوبٌ قد استخفَ بها الظلمُ = فآلتْ رغمَ الغِنَى للبوارِ
قيل : في الغربِ نهضةٌ ، مارأينا = بيديْها سوى ضياعِ
إنَّها هجمةُ التتارِ بثوبٍ = غَجَرِيٍّ مزركشٍ خطَّارِ
كالحاتٍ تلك الوجوه بشؤم = وبلؤمٍ فبئسَ وجهُ التتارِ
ما رأيناهُ مَرَّةً وجهَ بِشْرٍ = أو ألِفْنا حديثَه في وقارِ
باءَ بالعجزِ خطوُه وتلاشى = في بناءِ الحضارةِ المنهارِ
مَن أبى منهجَ المهيمِنِ ألفى = وَجَعَ العصرِ في خَواءِ الديارِ
* * *=* * *
أيُّها المسلمون مابَرِحَ الطَّولُ = عميمًا في أُمَّةِ المختارِ
فالمثاني آياتُها نَضِرَاتٌ =عابقاتٌ بمجدِنا المعطارِ
والأماني ! ماهُنَّ تلك الأماني = لم تَرُقْ إنْ لم تُلْغِ وجهَ البوارِ
ينثني الخطبُ والعواصفْ تُطْوَى = بِيَدَيْ كلِّ مسلمٍ مغوارِ
ويولِّي أدبارَهم مَن أشاحوا = عندَ تكبيرِ فجرِنا الهدَّارِ
رَدِّدُوها : اللهُ أكبرُ تُبْعَثْ = من كراها عزائمُ الأخيارِ
فالحضاراتُ لم تكنْ لدمارٍ = أو لقتلِ الشعوبِ باستهتارِ
لاثَها الخُبْثُ بالمكائدِ حتَّى = وَقَفَتْ فوقَ جرفِها المُنهارِ
أكلتْ في الحياةِ ما قد تدانى = من لذيذِ النعماءِ في الأمصارِ
وأشاعَتْ رُعبًا فما رضِيَتْها = أممٌ في مدارِها الزَّخَّارِ
لوَّنوا وجهَها القبيحَ بلؤمٍ = قد تراءى في أهلِها الأشرارِ
هي دنيا حضارةِ البغيِ عاثتْ = بالمغاني وظلِّها المعطارِ
طرَّزَتْها ببهرجٍ ، فالدنايا = بليالي الفُسَّاقِ والفجَّارِ
وأتونا بها بمقدَمِ شؤمٍ = ليس ترضاهُ أُمَّةُ المختارِ
بقيانٍ وسينما وفجورٍ = وسفورٍ ذي خسَّةٍ وعثارِ
وبإعلامِ نخبةٍ ما أصاخَتْ = بعدُ إلا للعودِ والمزمارِ
ولإطفاءِ جذوةٍ حَجَبَتْهَا = عاصفاتٌ موَّارةٌ بالغبارِ
بئسَ هذي الحضارةُ اليومَ أشقَتْ = آخذيها بأسوأ الأفكارِ
ويحهم حين استقبلوها فأدمتْ = من نفوسٍ تمرَّغتْ بالعارِ
أثقلَتْهم حيثُ اللذائذُ ولَّتْ = مسرعاتٍ بالمقتِ والأوزارِ
كم تَفَنَّوا بحانِها واستكانوا = بعدَ سكرٍ لعربداتِ الجواري
واستَرَقَتْهُمُ الغرائزُ أعمتْ = مات لديهم من نعمةِالأبصارِ
أضعَفَتْنَا ذنوبُنا والمخازي = ورمَتْنا كالبَهمِ للجزَّارِ
وهُمُ الكافرون جاؤوا إلينا = بقُواهُم وسيفِها البتَّارِ
فحديدٌ قد صَنَّعَتْهُ عقولٌ = فتلظَّى به لهيبُ النَّارِ
وسلاحٌ ذو دقَّةٍ بيديهم = ماصَنَعنا من مثلِه ذي دمارِ
إنَّ ريبِّي يمدُّ أهلَعقولٍ = أشغلوها في ليلِهم والنَّهارِ
واستخفُّوا بنا فنحنُ غثاءٌ = خَذَلَتْنا مثالبُ الأوزارِ
إنما النصرُبالتُّقى لشعوبٍ =لم تزلْ إسلاميةً في القرارِ
أدركينا حضارةً ليس تُبقي = من صنوفِ الأهواءِ والإنكارِ
أدركينا : ( حضارتي ) فاعتسافٌ = في ثنايا حضارةِ الأشرارِ
أدركينا وأدركيهم بنفحٍ = من مثاني تَدَفُّقِ الأنوارِ
أنتِ واللهِ وحدَكِ اليومَ تُرجَى = لخلاصِ الورى من الأكدارِ
فإذا فاضَ في المدائنِ بِرٌّ = فَهْوَ نجوى ربيعِكِ المعطارِ
أنتِ نورٌ ورحمةٌ وإخاءٌ = للبرايا في سائرِ الأقطارِ
ألِفَتْك الأيامُ ظلا ظليلا = بالمآتي وخيرِها المدرارِ
والحضاراتُ لم تزلْ قاصراتٍ = عن مناحي شموخِك الخطَّارِ
فاختراعاتُهم بغيرِ امتثالٍ = للهدى مالها كريمِ اعتبارِ
ما ألانتْ مهادَها لضعيفٍ = أو لشيخٍ في سِربِه ذي وقارِ
أو لطفلٍ ثغا ونسوةِ حيٍّ = يومَ بوغِتْنَ من وحوشٍ ضواري
فحضاراتُهم مخالبُ حقدٍ = بيمينٍ أسواؤُها ويسارِ
في الخفايا مؤامراتٌ ومكرٌ = دلَّ تسريبُها على استكبارِ
لم يُراعوا الذِّمامَ يومًا ولمَّا = يجدِ الناسُ عندَهم فخارِ
فالدواهي صناعةٌ أتقنَتْها = كفُّ طغيانِهم على المضمارِ
وتناسوا مآلَهم لجحيمٍ = هم وربِّي وقودُ تلك النَّارِ
إنَّ شرَّ النفوسِ نفسٌ أماتَتْ = مالديها من عِفَّةٍ وجِوارِ
فاستباحَتْ ماحرَّمَ اللهُ بغيًا = باقتدارٍ فبئسَ شرُّ اقتدارِ
في قياداتِهم فبئس التَّمادي = سوف يلقى مصيرَه بانكسارِ