حول إحاطة غير بيدرسون أمام مجلس الأمن .. ملاحظات عابرة
أولا لا بد أن تلحظ وأنت تتابع إحاطة السيد غير بيدروسن، المبعوث الدولي، المكلف بمتابعة الملف السوري، أن الرجل في كل ما يقدمه وما يطرحه، يكون أشبه بالموظف العام، يقدم تقريرا لمديره، ويريد أن يقنعه أنه كان في فترة الإحاطة الشهرية، الإحاطة بالطاء، كان يشتغل وكان يعمل وكان ينجز...
بنى السيد بيدرسون إحاطته الأخيرة على مجموعة من التغيرات الإقليمية لقاء موسكو الرباعي - لقاء عمان العربي - عودة بشار الأسد إلى الجامعة العربية، وحضوره القمة العربية؛ وما يمثله كل ذلك من مناخ جديد لمساعيه، وما قد يساعده على الانجاز..
أطّر السيد بيدرسون هذه المستجدات في الموقفين التركي والعربي، بإطار ما تتسبب به حالة - عدم الاستقرار - في سورية من فوضى للمنطقة. وأن دول المنطقة عموما قد تعبت من عبء هذه الحالة. لا بيدرسون ولا الدول المعنية حاولت أن تجيب على سؤال: هل انعكاسات حالة عدم الاستقرار عفوية أو موظفة؟؟ سلاح قديم ما زال المتسلطون في دمشق يرهقون به المنطقة منذ عقود طويلة أي منذ استلام حافظ الأسد للسلطة.
بيدرسون يعرض على مجلس الأمن لقاءاته المتعددة الأطراف. يتحدث أولا عن تقاطعات جهود الأطراف المختلفة مع ما يقدمه القرار 2254 الصادر عن مجلس الأمن من إيجابيات، ويعتبر هذه النثارات المتراقصة كيراعات في ظلمة الليل، مبشرات خير يستطيع أن يعقد عليها أصابعه.
الحديث عن قضايا اللاجئين والعودة الطوعية، وإلى أين؟؟ تستغرق مساحة أكبر من إحاطة السيد بيدرسون.
يفتري السيد بيدرسون وكل من يتحدث عن أن الأسباب الثانوية للوضع المتردي في سورية هي من أسباب إعراض الناس عن العودة إلى بيوت مهدمة أو حالة اقتصادية صعبة...
السبب الأول لرفض السوريين للعودة هو الخوف من الاعتقال والتعذيب والتغييب. هذا الخوف هو الذي أخرج السوريين من بيوتهم أولا ، وهو الذي ما يزال. يشتق منه تلقائيا خوف شريحة من الشباب، من أن يجندوا ليكونوا قتلة لأهليهم ولشعبهم في حرب بشار الأسد على الناس, يقول الشاب السوري الرافض لمهمة الإرهابي، حتى هو لو قبلها، فإن المحاكم الحقوقية والجنائية الدولية لن تعذره، حين سيؤمر بتنفيذ المجازر، وذبح الأطفال أنه كان مجرد "الجندي المأمور"
ثم كل ما عدا ذلك من أحاديث عن رفض العودة تفاصيل. ومستهلكات كلامية يغوص فيها بيدرسون وأمثاله من مراكز دراسات ذات تمويل.
ومع أن كثيرا من دول المنطقة عربية وغير عربية، تتجنب متعمدة الحديث عن وقف سياسات الاعتقال، وكف الأيدي الأمنية عن رقاب الناس، والإفراج عن مئات الآلاف من المعتقلين أو الكشف عن مصير المفقودين، وإلغاء كافة القوانين التي تجرم الناس على هوياتهم وعقائدهم وأفكارهم، كمدخل أولي للتفكير بعودة اللاجئين، إلا أن السيد بيدرسون والحق يقال، لم ينس كل ذلك، ذكر بعضه مستحقا الشكر، وأعرض عن بعض.
في خضم هذه الإحاطة وما حملته من ادعاء وتضخيم وتفخيم يقولون إن مؤتمرا لبقية من معارضين سيعقد بعد ثلاثة أيام في جنيف، للإمعان في عملية الفك وإعادة التركيب، التي عانيناها منذ 2014 ...
يتفقدون لعلهم غفلوا عن رجل من آل لوط سلام على آل لوط الذين يتطهرون. حتى يعود هذا الجسم الهزيل الذي يزعمون أنه يمثل ثورة ويمثل معارضة ويمثل وطنا مثل الجبهة الوطنية التقدمية أو أرقّ..
وسوم: العدد 1034