أيهما على أمتنا وشعوبنا وأجيالنا أشدُ وأقسى؛ الاستبداد بإكراهاته الغليظة، أو الليبرالية المتحللة، بمساربها الناعمة!!؟؟

ولنعتبر الاستفهام حقيقيا، ولنحاول الجواب عليه بعلم وعقل وموضوعية..

وأيسر الجواب أن تقول لي: ولمَ تحاصرني بين فكي كماشة الشر؟؟!! ولكنه وإن كان جوابا قصيرا ومفحما في ظاهر أمره، ولكن الرياح لا تجري دائما بما يشتهي السّفِن، أي بما أشتهي أنا وبما تشتهي أنت.

وسبق لابن تيمية رحمه الله تعالى، أن قرر أن الرجل لا يكون فقيها حقا، حتي يمتلك خطام المقارنة بين مصلحة ومفسدة، وبين مصلحتين، وبين مفسدتين..

فيحقق، ويفوّت، ويدرأ..هذه المعادلة تقصم ظهور الغلاة، كما تلجم ألسنة المتاجرين بالغلو، يظلون يسقون بساتين الأمة من مائه الخبيث!!

ونبدو فيما آل إليه واقع أمتنا، وحاضر شعوبنا، قد أصبحنا بحاجة إلى فقهاء حقيقيين، يقيمون الموازنة، ويحققون المناطات، ويدرؤون ويحتملون، ويحذرون ويعلمون ويحصنون ويتعالون..

ولن أخوض أكثر..

لن أخوض في طرفي قصد الأمور من تهوين وتهويل، فلا شيء هين، وكل ما نواجه مهم وخطير..

ونحن في كثير من أمور واقعنا بحاجة إلى مبضع الجراح، وربما جراح الأعصاب، أكثر من حاجتنا إلى ساطور الجزار..

من السهل التمييز بين الأبيض من الاسود، وإنما المشكلة في الفروق بين المختلط من الألوان: في حلب نقول عن لون الصفية، رماد الموقد: الفضي، في بلدان عربية أخرى يقولون: السكني، وكم تكثر المسميات في درجات اللون الواحد..وأيسر سبل الوصف إلحاق وصف غامق وفاتح..

وتقول في الأزرق كحلي وشامي وسماوي، ونقول في الأخضر زيتي وحشيشي، ونقول في الأحمر خمري وزهري..

ويبقى السؤال:مَن يجيب؟؟ وكيف؟؟ ومتى..؟؟

وكم علمونا في كتب حزب البعث الكفر، من سنة ١٩٦٣..؟؟

في المدرسة وعلى منصات الاذاعة والتلفزيون..

كتب مصطفى صادق الرافعي بعد خدعة لطيفة: في اللهب ولاتحترق..وكنا ولم نحترق، أو هكذا نظن!!

تعلمنا وامتحنا وعصا المستبد الغليظة فوق رؤوسنا،جميعا، وجميعا تعني جميعا..

سألتُ وأسأل الله أن يسهل الجواب على أهله!!

وأن يتوقف طرفا التهويل والتهوين عن التهويل والنهوين..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1035