ثمن قبول السعودية إقامة علاقات مع إسرائيل؟
تحاول ادارة بايدن جاهدة منذ فترة الحصول على موافقة سعودية لأبرام اتفاق علاقات إسرائيلية سعودية بأقل الاثمان او حتى بالمجان وارسلت إدارة بايدن وزير خارجتها ومستشار امنها القومي الي الرياض أكثر من مرة لأجراء مباحثات سرية مع المملكة ليس لأجل الكيان وانما لمصالحة أمريكا بالشرق الأوسط بالدرجة الأولى وتوسيع نفوذها بدمج إسرائيل في قلب المنطقة العربية ومحاصرة اتفاق التطبيع بين السعودية وإيران، كذلك علاقة السعودية بالصين ووقف انفتاح السعودية على المحور الصيني. من ناحية اخري تستكمل واشنطن (اتفاق ابرهام) الكارثي وتدخل دولة عربية كبيرة كالسعودية طرفا رئيسياً فيه وهذه ليست خدمة للكيان فقط وانما لإنجاح سياسة واشنطن في الشرق الأوسط. الخطيران واشنطن تسعي بكل ما لديها من علاقات اليوم لإبرام اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل باعتبارها أكبر دولة عربية إسلامية لها وزنها السياسي والعسكري والتاريخي والإسلامي في المنطقة ما يمنح دولة الاحتلال جسر معبد للاندماج سياسياً وعسكرياً وامنياً واقتصادياً في المنطقة العربية مع بقاء الاحتلال للأرض الفلسطينية والمقدسات في القدس.
سعى الولايات المتحدة لإبرام اتفاق تطبيع بين السعودية والكيان سيكون هدية لليهود الامريكان أيضا والذين سينتخبون العام القادم رئيس جديد للولايات المتحدة الامريكية وبالطبع (جو بايدن) سيكون مرشح لفترة جديدة , بخلاف ان هذا الاتفاق من شانه ان يفتح امام الكيان مسارات لاتفاقيات اقتصادية وامنية وعسكرية وتكنولوجية ومعلوماتية كبيرة في المنطقة. وزير خارجية الكيان (ايلي كوهين) يقول ان الاتفاق بين السعودية والكيان هي مسالة وقت وهو أقرب من أي وقت مضي والنافذة الزمنية امام الكيان هي حتى اذار 2024 عندما تقترب الولايات المتحدة الامريكية من الانتخابات ,لذا فان كوهين اعتبر اتفاق التطبيع مصلحة أمريكية بالدرجة الأولى , اما مستشار نتنياهو للأمن القومي فقد اعتبر ان الطريق لا يزال طويلاً امام تطبيع العلاقات مع السعودية , الا ان مستشار الامن القومي الإسرائيلي (تساهي هنقبي) قال " يمكنني ان اتفق مع ما صرح به (حو بايدن) في مقابلة قبل أيام بان الطريق لا يزال طويل لكنه يعتقد ان من الممكن احراز تقدم وان الكيان منخرط في هذه المرحلة في مباحثات الأميركية السعودية حول اتفاق التطبيع" .
حركة نشطة من المبعوثين الأمريكيين للسعودية كان اخرها (جيك سولفيان) مستشار الامن القومي الأمريكي قبل أيام لاقناع السعوديين بالاتفاق ونقل رسائل لأدارته من المملكة العربية السعودية التي نقلتها واشنطن للكيان الذي لم يغب رجالة عن واشنطن , (ديفيد برنياع ) رئيس الموساد زار واشنطن سراً قبل نحو اسبوعين واجري محادثات مع السعودية بوساطة أمريكية وناقش مع الجانب الأمريكي عن كثب المطالب السعودية للموافقة على هذا الاتفاق والثمن الذي سيدفعه الكيان مقابل اتفاق تطبيع تاريخي ونقلها بدورة للمستوي السياسي , بعض التسريبات من حكومة الكيان قالت ان السعودية اشترطت وقف وتجميد البناء الاستيطاني في الأرض الفلسطينية ووقف تهويد القدس وعدم تغير الواقع التاريخي للمقدسات بالإضافة لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والإقرار بالحقوق الفلسطينية وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس قبل ان توقع السعودية أي اتفاق ,اما فيما يتعلق بواشنطن فقد طلبت السعودية موافقة واشنطن على تطوير مفاعل نووي سعودي للأغراض المدنية بالإضافة لإقامة حلف دفاعي عسكري وتزويد السعودية بأسلحة متطورة.
الكيان وعلى لسان أكثر من عضو في حزب (الصهيونية الدينية) وحزب (القوة الصهيونية) رفضوا منح تنازلات للفلسطينيين أي كانت وقال العديد من أعضاء الحكومة ان الثمن الذي تطلبه السعودية مرتفع وخاصة فيما يتعلق بنقطتين ,أولها المفاعل النووي المديني الذي تطالب السعودية تزويدها به لخدمة المجالات المدنية,والنقطة الثانية فيما يتعلق بإنهاء الاحتلال للأرض الفلسطينية والقبول بحل الدولتين ومنح الفلسطينيين حقوقهم السياسية ,وهذا يعني تنازلات احتلالية كبيرة لا تقدر عليها دولة الاحتلال سواء هذه الحكومة المتطرفة او أي حكومة قادمة. الحقيقة ان اليمين المتطرف الذي يحكم الكيان اليوم لا يقبل باي تنازلات مقابل اتفاق تطبيع وخاصة في الملف الفلسطيني في الوقت الذي ينفذ خطة على الارض لحسم الصراع لصالحه بالاستيطان وسرقة الارض وضمها للسيادة الاحتلالية. يحاول الاحتلال عبر المفاوضات بوساطة أمريكية ان يناور بمنح الفلسطينيين حكم ذاتي موسع لسبع محافظات فلسطينية بالضفة الغربية دون ان يشتمل الحكم على أراضي القدس الشرقية وهذا لا تقبله المملكة العربية السعودية فشروطها واضحة وغير قابلة للتخفيض او ربطها بمراحل مستقبلية كما تفعل دولة الاحتلال في كثير من الملفات. ان قبول حكومة نتنياهو المتطرفة بهذا الشرط خاصة يعني وقف الاستيطان وإزالة الكثير من المستوطنات يتناقض مع اتفاق نتنياهو مع الأحزاب الدينية التي تشكل الائتلاف اليميني المتطرف من اغلبها بالإضافة لليكود واي اتفاق يلبي الشروط يهدد هذا الائتلاف.
الثمن الذي تطلبه السعودية معقول ولم تغالي فيه , بل هو الحد الأدنى من المعقولية لان اقل من ذلك يعتبر تطبيع بالمجان كما فعلت الامارات والبحرين والمغرب والسودان وان دل هذا على شيء فانه يدلل على مدي ثبات الموقف السعودي على مبادرة السلام العربية 2002 لأنهاء الصراع والتي حرمت أي علاقة مع الاحتلال قبل ان ينتهي الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة ويعترف بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة القابلة للسيادة على ارضه وعاصمتها القدس, وان دل هذا على شيء فانه يدلل على مدي الوعي السياسي الكبير بأهمية ان يكون للعربية السعودية دور مركزي واستراتيجي في الضغط على دولة الاحتلال وواشنطن الحلف الاستراتيجي للاحتلال لأنهاء هذا الاحتلال الطويل الذي هو سبب رئيس في عدم استقرار المنطقة العربية لازمان طويلة. الحقيقة ان العربية السعودية تدرك قيمة الثمن الذي طلبته ولا اعتقد ان تتنازل عنه لاي سبب كان حتى لو تغيرت الإدارة الامريكية او جاء حكام جدد لتل ابيب، من يعتقد ان السعودية يمكن ان تخفض طلباتها، وتقبل بقشور مقابل اتفاق التطبيع فهو لم يقرأ تاريخ العربية السعودية جيداً ولا يعرف مواقف ال سعود خلال حروب العرب مع الكيان ولا يعرف طبيعة الدور القيادي والمركزي بالعالم العربي والإسلامي الذي تؤديه العربية السعودية في هذه المرحلة.
وسوم: العدد 1044