قصور فلسطيني تام في الإفادة من المواقف العالمية المناصرة للقضية الفلسطينية
متوالية المواقف العالمية المناصرة للقضية الفلسطينية العادلة توالي زخمها قويا . بعد اعتراف البرلمان البرتغالي بالنكبة الفلسطينية هي ذي وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونج تعلن أمام برلمان بلادها أن حكومتها ، حكومة حزب العمال ، ستستخدم في أدبياتها مصطلح " الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية " بالإضافة إلى اعتبار المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية مثلما يعتبرها القانون الدولي غير شرعية . وسبق أن طلب مؤتمر حزب العمال الحاكم في البلاد من الحكومة الاعتراف بدولة فلسطين . العالم يتغير جوهريا في كل شيء ، وقوى كثيرة تخطط لأن يكون هذا التغير نحو الأحسن والأعدل للإنسانية كلها متذمرة من الويلات والمظالم التي جلبتها أحادية القطبية الأميركية التي بدأت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، أي قبل ما يقارب 33 عاما ، ومن هذه المظالم والويلات تبني أميركا المطلق لجرائم إسرائيل ومنكراتها الرهيبة في الأرض الفلسطينية كأنها ، إسرائيل ، شيطان لا قيود عليه . ومن أفعل أسباب تغير العالم جوهريا تأثير الشبكة العنكبوتية بكل وسائلها التي فتحت عيون الناس وآذانهم وقلوبهم وعقولهم على كل ما يحدث في العالم فور حدوثه مبسوطا أمامهم صوتا وصورة كأنهم في موقع حدوثه . ووسائل هذه الشبكة جعلت ملايين الناس إعلاميين دون احتراف للإعلام مثلما كانت الحال زمن الصحافة الورقية ، وهذا التوسع في الأداء الإعلامي قضى على القيود التي كانت تفرضها الحكومات على الأخبار والحقائق التي كانت تريد كتمانها عن مواطنيها وعن بقية العالم . ووفر الإعلام الجديد للعالم مجالات واسعة حية لمشاهدة ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين من مآس ومظالم لا يمكن قبولها والسكوت عليها بأدنى المقاييس العالمية لحقوق الإنسان . وبدأ التحرك العالمي المعارض لهذه المآسي والمظالم فرديا وإعلاميا وأكاديميا واستثماريا بوقف بعض الشركات العالمية نشاطها في المستوطنات الإسرائيلية ، وأخيرا صار رسميا مثلما حدث في البرلمان البرتغالي والخارجية الأسترالية . ولا نغفل عن عظم التحول في موقف اأستراليا التابعة للتاج البريطاني صانع البلاء في فلسطين ، والتي لا زال أحفاد فرسانها الذين اجتاحوا الدفاعات العثمانية شرقي غزة في نوفمبر 1917 يأتون إلى مدينة بئر السبع المحتلة في الذكرى السنوية لذلك الاجتياح ، ويحيونها مقلدين لأولئك الفرسان . ومهد احتلال غزة لاحتلال القدس في ديسمبر من نفس العام ، وللانتداب البريطاني على فلسطين الذي مكن اليهود من الهجرة إليها ، ومن اغتصابها لاحقا . والمشكلة الكبرى هنا أنه لا وجود لجهة رسمية فلسطينية تفيد من هذه المواقف العالمية المناصرة للقضية الفلسطينية ، وتوظفها توظيفا ذكيا دؤوبا يأتي بالمزيد منها ، ويحولها إلى حقائق سياسية . السفارات الفلسطينية لا تفعل شيئا في هذا الميدان العالمي العظيم الأهمية ، والسلطة الفلسطينية تكتفي بالترحيب والابتهاج على لسان وزارة الخارجية . وجلي أنها لا أمل في أن تفعل في الساحة العالمية ما يغضب إسرائيل ، وهذا طبيعي ومنسجم مع وظيفتها في حماية الأمن الإسرائيلي . صديق الداخل صديق الخارج ، ومن يحفظ أمنك ودمك لن يزعجك ويضرك في السياسة . وهذا القصور الرسمي التام يلقي عبء الإفادة من المواقف العالمية المناصرة للقضية الفلسطينية على القوى الشعبية الفلسطينية خاصة الموجودة في الخارج ، وهي قادرة على حمل جانب كبير من هذا العبء بحكم انتشارها في العالم ، وتمتعها بجنسية البلدان التي تعيش فيها ، والمكانات العالية التي يحتلها بعض أبنائها في هذه الدول في البرلمانات والجامعات والإعلام والاقتصاد والمال ، وبحكم ثراء بعض أولئك الأبناء ، وقوانين تلك الدول تيسر كل هذه الأنشطة . وهذا النشاط تقوم به الفلسطينية الديمقراطية رشيدة طليب عضو مجلس النواب الأميركي عن ولاية ميتشيجان ، والديمقراطية الصومالية إلهان عمر عضو المجلس عن ولاية منيسوتا . وللاثنتين إرادة حديدية في هذا النشاط تستأهل الإعجاب والإكبار ، وثبتتا دائما في مواجهة اللوبي اليهودي القوي . وفظائع إسرائيل المجنونة في الضفة الغربية والقدس وسائر الأراضي الفلسطينية نفَرت منها أصواتا أميركية بدأت تدعو إدارة بلادها إلى إعادة النظر في الأموال التي تدفعها إليها سنويا والبالغة حوالي أربعة مليارات . وأبرز هذه الأصوات السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين عضو لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الذي أطلق دعوته هذه في مقابلة مع كريس ماكجريل مراسلة " الجارديان " البريطانية الواسعة التأثير . وفي إسرائيل ذاتها تصرخ أصوات متنوعة بأن الإرهاب اليهودي عبر كل حد في توحشه ضد الفلسطينيين . ولم يبق على الفلسطينيين إلا أن يفيدوا من هذه المواقف المناصرة لقضيتهم والضائقة صدرا بجرائم إسرائيل التي تصب ويلاتها عليهم صبا موصولا ، وفي غياب جهة رسمية فلسطينية تصنع هذه الإفادة يتوجب ، مثلما أسلفنا ، أن تقوم بها القوى الشعبية الفلسطينية .
وسوم: العدد 1044