في ذكرى قرار تقسيم فلسطين
د. لطفي زغلول /نابلس
تصادف هذه الأيام الذكرى السادسة والستون لصدور القرار 181 في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر 1947 القاضي بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود الذي وافقت عليه الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة بواقع 33 صوتا لصالح هذا القرار في مقابل 13 صوتا، وامتناع 10 دول عن التصويت
إن قرار تقسيم فلسطين هو الإسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامةالتابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم 181 والذي صدر بتاريخ 29 نوفمبر 1947بعد التصويت (33 مع، 13 ضد، 10 ممتنع) ويتبنّى خطة تقسيم فلسطينالقاضية بإنهاء الإنتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة، كالتالي: 1. دولة عربية: وتقع على الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوبا حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر. 2. دولة يهودية: على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب تل أبيب، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا وإصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش أو ما يعرف بإيلات حاليا. 3. القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت وصاية دولية.
تصادف هذه الأيام الذكرى السادسة والستون لصدور القرار 181 في التاسع والعشرين من شهر تشرين الثاني / نوفمبر 1947 القاضي بتقسيم فلسطين بين العرب واليهود الذي وافقت الجمعية العمومية التابعة للأمم المتحدة بواقع 33 صوتا لصالح القرار في مقابل 13 صوتا، وامتناع 10 دول عن التصويت
ومما جاء في هذا القرارإقامة دولة لكل من العرب واليهود في القسم الذي خصصته له، ولم يحظ ذلك القرار بموافقة أية دولة آسيوية أو أفريقية في حينه.
لم يكن قرار التقسيم إبن ساعته وإنما جاء في سياق نشاط المنظمة الصهيونية الذي بدأ قبل نصف قرن من ذلك التاريخ، حيث أخذت هجرة اليهود تتنامى بعد المؤتمر الصهيوني الأول (مؤتمر بال 1897) الذي اختار فلسطين وطناً قومياً لليهود.
في حيثيات هذا القرار نقرأ ما يلي:
ينص مشروع قرار تقسيم فلسطين الصادر في العام 1947:توصي المملكة المتحدة، بصفتها
الدولة المنتدبة على فلسطين جميع أعضاء الأمم المتحدة
بالموافقة وبتنفيذ مشروع التقسيم مع الإتحاد الإقتصادي لحكومة فلسطين على الصورة
المبينة أدناه، وتطلب:
أ- أن يتخذ مجلس الأمن التدابير الضرورية المنوه
عنها في المشروع لتنفيذه.
ب -أن يقرر مجلس الأمن إذا أوجبت الظروف
ذلك أثناء المرحلة الانتقالية ما إذا كانت الحالة في فلسطين تشكل تهديدا للسلم.
فان قرر مجلس الأمن أن مثل هذا التهديد قائم بالفعل فيجب عليه المحافظة على السلم
والأمن الدوليين أن ينفذ تفويض الجمعية العامة وذلك باتخاذ التدابير وفقا للمادتين
39 و41 من الميثاق، لتخويل لجنة الأمم المتحدة سلطة في أن تمارس في فلسطينالأعمال
التي يلقيها هذا القرار على عاتقها.
ج - أن يعتبر مجلس الأمن كل محاولة
ترمي إلى تغيير التسوية التي يهدف إليها هذا القرار بالقوة تهديدا للسلم أو قطعا
أو خرقا له أو عملا عدوانيا بموجب نص المادة 39 من الميثاق.
د - أن يبلغ
مجلس الوصاية بالمسؤولية المترتبة عليه بموجب هذا المشروع.
وتدعو الجمعية
العامة سكان فلسطين إلى اتخاذ جميع التدابيرالتي قد تكون ضرورية من ناحيتهم لوضع
هذا المشروع موضع التنفيذ، وتناشد جميع الحكومات والشعوب الامتناع عن كل عمل قد
يعرقل أو يؤخر تنفيذ هذه التوصيات.
في حينه رفض العرب ومعهم الفلسطينيون هذا المشروع مستندين إلى الحقائق التالية:
رفضت الزعامات العربية، باستثناء زعماء الحزب الشيوعي، خطة التقسيم ووصفتها بالمجحفة في حق الأكثرية العربية التي تمثّل 67% مقابل 33% من اليهود. فقد أعطى الإقتراح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني. والسبب الثاني لرفض العرب خطة التقسيم كان الخوف من المستقبل، إذ خشي العرب أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية. ولم تأت مخاوف العرب من فراغ، فقد أعلن بن غوريون في حزيران/يونيو 1938، في كلام أمام قيادة الوكالة اليهودية، بشأن اقتراح آخر لتقسيم فلسطين، عن نيّته في إزالة التقسيم العربي-اليهودي والاستيلاء على كلّ فلسطين بعد أن تقوى شوكة اليهود بتأسيس وطن لهم.في بث إذاعي في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، صرّح مناحيم بيغن،الذي كان في ذلك الحين أحد زعماء المعارضة في الحركة الصهيونية، عن بطلان شرعية التقسيم، وأن كل أرض فلسطين ملك لليهود وستبقى كذلك إلى الأبد.
من منطلق القوانين العالمية, قوانين الإحتلال وقوانين الأمم المتحدة كان لقرار تقسيم دولة فلسطين معارضة استمرت حتى هذه اللحظة لأن فلسطين هي دولة عربية كانت تحت الإنتداب البريطاني منذ سنة 1923 حتى سنة 1948 وبعد انتهاء الإنتداب البريطاني قررت بريطانيا تسليم فلسطين للصهاينة.
حسب القوانين العالمية للإحتلال (إتفاقيات جنيف) لا يجوز للأشخاص المحميين أنفسهم التنازل عن حقوقهم (المادة 8 من الإتفاقية الرابعة). وبحسب القوانين والتشريعات المتعارف عليها عالميا أنه وبعد انتهاء الإنتداب يجب إعادة تسليم البلاد إلى أصحابها الحقيقيين.
تنامت الضغوط السياسية على هيئة الأمم المتحدة لقبول خطة التقسيم، واستحسن معظم اليهود مشروع القرار وبخاصّة الوكالة اليهودية، إلا أن المتشددين اليهود من أمثال مناحيم بيغن رئيس منظمة الإرجون الصهيونية، وعضو منظمة الشتيرن، اسحاق شامير رفضوا هذا المشروع. وتشير سجلّات الأمم المتحدة إلى فرحة الفلسطينيين اليهود الذين حضروا جلسة الأمم المتحدة بقرار التقسيم. وإلى هذا اليوم، تشيد كتب التاريخ الإسرائيلية بأهمية الـ 29 من نوفمبر 1947.
إجتمعت الجامعة العربية الناشئة بعد هذا القرار وأخذت بعض القرارات كان أهمها:
1. أصدرت مذكرات شديدة اللهجة لأمريكا وإنجلترا
2. إقامت معسكرا لتدريب المتطوعين في قطنة بالقرب من دمشق بسوريا لتدريب الفلسطينيين على القتال، والذي تم لاحقا إغلاقه بسبب رفض بريطانيا له.
3. تكوين جيش عربي أطلق عليه جيش الإنقاذ وجعلت عليه فوزي القاوقجي
4. رصد مليون جنيه لأغراض الدفاع عن فلسطين، وهو مبلغ لم يصل للفلسطينيين منه إلا النذر اليسير.
واليوم وقد مرت 66 سنة على ذكرى قرار التقسيم، يمكن القول بما لا يدع مجالا للشك أن رفض العرب لهذا القرار لم يأت من فراغ، ذلك أن مخاوفهم من استيلاء اليهود على كامل التراب الفلسطيني كانت محقة، فها هو الإستيطان قد افترس معظم الأراضي الفلسطينية، وها هو التهويد جار على قدم وساق.