ماذا نريد من الروس ؟!
بعد اليأس من الأمريكيين ..هل يفي الروس بإعلاناتهم
زهير سالم*
يعيد الروس توجيه الدعوة إلى قوى المعارضة السورية للقاء في موسكو . ويخصون الائتلاف الوطني بدعوة خاصة يتم تبليغها شخصيا من مسئول كبير في الخارجية الروسية إلى السيد الجربا ..
تفرض المتغيرات الضخمة في المواقف الدولية علينا أن نعيد تقدير الموقف من الدعوة الروسية . في ظل الصفقة ( الأمريكية – الأسدية) حول الكيماوي التي جعلت من بشار الأسد شريكا للأمريكيين مستحقا لثنائهم ، وكذا الصفقة (الأمريكية – الإيرانية ) حول الملف الإيراني النووي التي جعلت الولايات المتحدة تسلم عمليا بحق إيران في احتلال سورية ، وبحق ميليشيا حزب الله في ذبح أطفالها ؛ كل هذه الأمورتفرض على السوريين أن يستذكروا قول المتنبي :
ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى ...عدوا له ما من صداقته بد
المعارضة السورية ليست مضطرة أن تعلن نظريا اليأس من الولايات المتحدة ، ولكنها سترتكب الخيانة لدماء الشهداء إن ظلت سادرة في وهم الصداقة الأمريكية أو عولت أدنى تعويل على مكالمة هاتفية تأتي ليس من جون ماكين بل من كيري وأوباما نفسه . إن مسئولية الإدارة الأمريكية عن كل قطرة دم سقطت وتسقط على الأرض السورية لا تقل أبدا عن مسئولية بشار الأسد والروس والإيرانيين ..
وحين تقرر المعارضة السورية أن تذهب إلى موسكو ، وأن تلتقي مع المسئولين فيها فلا نظن أنها يمكن أن تطمع في زحزحة الموقف الروسي ولو قيد أنملة عن الانخراط الكامل في الدفاع عن بشار الأسد وعصاباته. بل المتوقع أن يجد المعارضون السوريون المضيف – وليس المفاوض – الروسي أكثر زهوا وغطرسة . وسيحتمل وفد المعارضة من لافروف أو ربما من بغدانوف كل التفوهات المعتادة التي تعودوا أن ينطقوا بها ..
وسيكون للشعب السوري من وراء هذه الزيارة رسالتان مهمتان ..
الأولى أن يسأل الروس عن مدى وفائهم لإعلانهم المتكرر بضرورة احترام القانون الدولي ورفض التدخل في الشأن السوري الداخلي وعن مصير هذا الالتزام إزاء ما يعلنه حسن نصر الله في الصباح والمساء عن تدخل مباشر في الشأن الداخلي السوري ، وعن الوجود الإيراني العسكري المعلن والمثبت على الأرض السورية ، وربما نسأل المضيف الروسي عن حقيقة موقفهم مما نشرته صحيفة فونتانكا الروسية عن وجود مركز في مدينة بطرسبرغ الروسية لتجنيد مقاتلين محترفين روس للقتال في سورية ..
ولن يكون مقنعا أن يقول الروس إن هذا التدخل هو الرد المباشر على تدخل من سيسمونهم ( الإرهابيين والمتطرفين ) ؛ لن يكون مقنعا لأنه في القانون الدولي لا يوازي تدخل الدول بتدخل الأفراد . ولن يكون مقنعا لأن الروس إذا كانوا مقتنعين بضرورة التدخل الخارجي ( إيراني وعراقي وحزبللاوي ) لصد هجمة الإرهابيين والمتطرفين على سورية أفلم يكن من الأحكم أن يتم التدخل للتصدي لهؤلاء تحت راية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي الأمر الذي أعاقه الروس طويلا ..
لن نطمع من الروس في إطار أي لقاء مستقبلي أكثر من الوفاء بإعلاناتهم التي كرروها حتى مللناها: منع أي تدخل خارجي في الشأن السوري والمقصود هنا بالطبع منع التدخل الإيراني والحزبللاوي والعراقي ...
والرسالة الثانية التي يجب أن تصل واضحة صريحة إلى الروس أنهم إن ربحوا بشار الأسد – وهذا سيظل مشكوكا فيه – فإنهم قد خسروا الكثير الكثير من السوريين ومن العرب ومن المسلمين ..
* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية