مقاطعة الثّورة الجزائرية للاستدمارالفرنسي، ومقاطعة كلّ من يدعّم الاحتلال الصهيوني لفلسطين
الدّارس لجماعة 22، والسّتّة الذين فجّروا الثّورة الجزائرية لم يكن منهم إمام، ولا فقيه، ولا مفتي، ولا زاوية، ولا جمعية، ولا متصوّف، ولا زاهد، ولا محدّث، ولا مفسّر، ولا لغوي، ولا عالم في السّيرة النبوية، ولا القراءات.
كانوا كغيرهم من الجزائريين يعرفون الله تعالى بالفطرة النّقية الطّاهرة. ويؤدون العبادات على المذهب المالكي الذي تربوا عليه في الصّغر.
ويطعمون الطعام وهم أحوج النّاس إليه، ويخرجون "حَقّْ رَبِّي" ولو كان بهم خصاصة.
حين طالب قادة الثّورة الجزائرية بمقاطعة سلع الاستدمار الفرنسي كالخمر، والدخان، ودخول الحانات، وبيوت الدعارة وغيرها لم تمنع لأنّها حرام. بل منعتها لأنّ استهلاكها يعين المحتلّ، ويقوي اقتصاده على حساب الجزائر، والجزائري.
مع العلم بعض قادة الثّورة الجزائرية عارضوا المقاطعة. ولذلك عاد الجزائري إلى شرب الدخان الفرنسي المحتلّ. لأنّ العمال اشتكوا البطالة، والفقر، والحاجة من مقاطعة سلع المحتلّ. ومن أراد الزّيادة فليراجع الكتاب باللّغة الفرنسية: "جزائري اسمه بومدين[1]".
وقد أمر قادة الثّورة الجزائرية في البداية عدم عمل الجزائريين في تشييد خطي موريس، وشال المجرمين على الحدود الجزائرية لمنع دخول المجاهدين، والأسلحة، والعتاد، والدّعم قصد قبر الثّورة الجزائرية، وقادتها في مهدها ولم يستطيعوا رغم ماألحقوه من أضرار. وحين اشتكى سكان الحدود البطالة، والفقر سمح لهم قادة الثّورة الجزائرية بالعمل في تشييد السّياج لينتفعوا بما يقدّم لهم من مال مقابل العمل، وتستفيد الثّورة الجزائرية من الضرائب التي فرضتها على كلّ جزائري يشارك في العمل. وبهذا ينتفع الجزائري من مدخول ولو قليل، وتستفيد الثّورة الجزائرية من مدخول على شكل ضرائب ولو رمزية لاترهق الجزائري.
وشرح هذه النّقطة جيّدا لخضر بن طوبال[2] قائد الثّورة الجزائرية في كتابه من جزأين باللّغة الفرنسية لمن أراد الزّيادة.
أريد أن أقول وهذا هو غاية المقال: المقاطعة لاعلاقة لها بدين، ولا ينتظر بشأنها إذن الحاكم. وكلّ يقاطع المحتلّ، ومن ألحق الأضرار بالأمّة بما يقدر، ويستطيع، ويؤمن به.
لم تفرض الثّورة الجزائرية على الجزائريين المقاطعة التي تزيد في فقرهم، ومعاناتهم التي فرضها عليهم الاستدمار الفرنسي منذ اليوم الأوّل للاحتلال. بل طالبتهم بمقاطعة المحتلّ بما يستطيعون، ويقدرون عليهم وهم الفقراء، والجوعى، والمحتاجين لكلّ شيء، وأبسط شيء.
ونفس الأمر يقال لإخواننا الفلسطينيين الغزاويين. فلا داعي أن يرهقوا بالمقاطعة وهم الذين لم يجدوا شربة ماء يروي ظمأهم، ولا قطعة خبز تسدّ جوعهم، ولا قطعة قماش تستر عورتهم. ويكفيه أنّ الدنيا قاطعتهم، والجيران خذلهم، والإخوة تنكّروا لهم، والعدو أمعن في تدميرهم، وإبادتهم.
ومن الخيانة العظمى التي لاتغتفر أن يقول الحركى الجدد وهم يفتخرون بقولهم: "لامقاطعة إلا بإذن ولي الأمر؟ !".
وسوم: العدد 1085