‏يا أمهات العالم اتحدوا

أحاديث النسوية ... وخراب البيوت العامرة !!

‏وليس كل حديث النسوية من الباطل الصريح

ومنذ عقود ومع مركز الشرق العربي أدير موقعي "أمهات بلا حدود" أدافع فيه عن الأمومة بوصفها قيمة إنسانية عليا..

‏قيمة وليست غريزة جبلية في النساء، فقط...قيمة توازي التضحية، وفناء الأول في الثاني، على طريقة يعرفها أهل الفناء الوجدي فقط. والأبوة صنو ولكنها دونها بدرجتين. نقتبس ذلك من قول نبينا: أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك..

‏منذ أيام كنت أحاور حفيدي بشر "خمسة عشر عاما" قلت له: لا أحد يغتبط أن تكون أفضل منه غير والديك، أمَّك وأبيك..وكل الناس بعد إما حاسد أو غيور...

‏وبما أنني مشتبك في قضية النسويات في العمق منذ عقود، ومنذ كرّت مؤتمرات التمكين الأممية بعد 1975 ،ومنذ كان مؤتمر بكين ومؤتمر القاهرة، فأنا أعلم بمداخل القوم ومخارجهم والتفافاتهم. ولكنني أقول وما كل ما دعا إليه القوم باطل، وإن جاء في سياق الباطل. ولقد قرأت السيداو مؤشرا عليها منذ صدرت 1981 بالقلمين الأحمر والأخضر، وكذا دائما أقارب النصوص والأفكار والمقولات، بالقلمين. وحتى في موسيقا الشعر قبلوا الزحاف والخبن..

‏وأعود بكم إلى قضية استطار شررها من غير نار ،فأعيد طرح سؤالكم : هل يجب على الزوج أن تخدم زوجها في بيتها؟؟

‏في كل موضع في القرآن الكريم سمّى الله سبحانه وتعالى كل واحد من الزوجين "زوجا" (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ) التأنيث ليس عيبا، ولكنه ضرب من المساواة اللغوية. كان البدوي في صحرائه أكثر أناقة. وقال الأصمعي: الزوجة لغة رديئة لبعض العرب. وقالت العرب والإنسان يطلق على المذكر والمؤنث، فلا تقل إنسانة أبدا. وقالت العرب الشخص يطلق على المذكر والمؤنث بل هو شخص قبل أن تتبين ملامحه...

‏وأعود إلى السؤال: هل يجب على الزوج أن تخدم زوجها، وهل يجب على الزوج بالمقابل أن يخدم زوجه!!

‏ولعل كثيرا من الإشكال يزول لو عرضنا السؤال بالطريقة التالية: هل يجب على المرأة أن تعمل في بيتها؟؟ ولماذا الإصرار على تسمية عمل المرأة في بيتها "خدمة" ونحن في عصر تأنقت فيه اللغة حتى صرنا نسمي الخادمة في البيوت "شغالة" أو "عاملة منزل" والتي تقدم الخدمة للركاب على متن الطائرة "مضيفة" تمدين اللغة والمصطلحات له أبعاده الشرعية والأصولية أيضا...أولا تعلم هذا من صاحب الخلق العظيم، يقوله في عصر كانت فيه العبودية نظاما عالميا متمكنا "لا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاي وفتاتي" قال الأحناف وتجوز الكنايات في عقد الزواج، فيقول زوجتك.. واشترط آخرون الألفاظ الصريحة!!

‏أليس كل عمل مقابل أجر في حقيقته العامة هو نوع من الخدمة؟؟ أليس الرجل الذي يشتغل عتالا في السوق يشقى طوال اليوم ليحصل على دريهمات، يشتري فيها عند المساء الخبز وبعض الإدام ليرفعها مغتبطا إلى فيه و في امرأته وأطفاله، وقد يقدمهم على نفسه يخدمهم؟؟

‏ولو أعدنا السؤال: هل يجب على المرأة أن تشتغل في بيتها، ولأزيد بياني حجة أذكر بقوله تعالى (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ) نعم إنه بيتها بوجه، وبيت زوجها بوجه آخر وما أصدق من سماه "بيت الزوجية" !! والمرأة كما نص حديث كلكم راع، "راعية" وليست خادمة، في بيتها حسب تعبير الآية، وبيت زوجها كما نص الحديث...

‏أتابع منذ عقود حربا شعواء تشن على الأمومة حول العالم. العشرة الأغنى في العالم يضيقون بحليب الأطفال. يشرعنون لمجتمعات متآكلة، كل الحكايات الملفقة، والدعوات المقنعة تقودنا إلى هناك...عالم بلا طفولة، وإنسانية متآكلة، وكل ذلك بذريعة أن موارد الأرض لا تكفي. ولو أعدنا حساب ما يهدر لكان للحسابات العلمية شأن آخر. أن تشتاق حين تمشي على الرصيف إلى صورة طفل يضحك، ذاك أمر يخص الشعراء.

‏في كتابه وحي القلم كتب مصطفى صادق الرافعي مقاله: أيتها الشرقية احذري...ولو كان لي أن أتلقف الكرة منه فأبث نداء لناديت: يا أمهات العالم اتحدوا...

‏والآن أعيد طرح السؤال: هل يجب على المرأة أن تعمل في بيتها...

‏أعرف رجلا إذا أراد أن يبلغ أنه مجاف بادر إلى صنع قهوته بنفسه!! وما أسرع ما تصل الرسالة، ويستدعي الجواب..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 1091