ما جرى في مصر
د. محمد موسى الشريف
بسم الله الرحمن الرحيم
ما جرى في مصر اليوم ينظر إليه المسلم في ضوء الحقائق التالية ليبرد قلبه ويثلج صدره إن شاء الله تعالى :
أولا: هو قضاء الله تعالى الذي لابد أن يستقبله المسلم بانشراح الصدر وعدم الاعتراض , ذلك أن الله تعالى قدر الصراع بين الحق والباطل إلى يوم القيامة , فتارة الدولة للحق وأخرى للباطل , ودولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة , فمن رضي فله الرضى , ومن سخط فعليه السخط , وليس معنى الرضى إلا التسليم بأمر الله تعالى ولا يعني أبدا الانهزام أمام الباطل وعدم مقاومته بكل السبل الممكنة .
ثانيا: الذي حصل على سيادة الرئيس المصري الدكتور محمد مرسي - حفظه الله تعالى - هو ظلم محض , وبغي واضح , والله سبحانه وتعالى أوجب على نفسه الشريفة المنيفة أن ينصر المظلوم ولو بعد حين , وهو سبحانه وتعالى يسمع ويرى , وهو أغير منا على عباده الصالحين , نعم إن للرئيس بعض الأخطاء - وهذا شأن عامة البشر -لكن هذه الأخطاء باتفاق عقلاء الأمم لا تؤدي إلى عزل الرئيس .
ثالثا: الذين فرحوا وهللوا بزوال الرئيس هم عدة أقسام :
القسم الأول : جماعة من الصالحين والطيبين لكنهم غير واعين بخطورة زوال الرئيس وفيهم غفلة واضحة وقلة وعي فهؤلاء نسأل الله تعالى لهم الهداية , وسيرون بأم أعينهم أنهم أخطأوا بصنيعهم هذا .
والقسم الثاني : جماعة كبيرة من البلطجية والذين يبيعون دينهم بعرض من الدنيا قليل , وهم عبيد لكل من يدفع , فهؤلاء وأمثالهم لا تتعبوا أنفسكم بالرد عليهم , فهم أقل وأذل من ذلك .
والقسم الثالث : هم المفسدون من جماعة الحزب الوطني البائد وهم المفسدون في الأرض وأتباعهم من بعض الإعلاميين والقضاة وضباط الشرطة ورجال الأعمال وأمثالهم , فهؤلاء نقول لهم : مهلا يكفيكم خزيا وعارا أنكم وقفتم مع الباطل ضد الحق وأنتم تعرفون ومتأكدون من هو المحق ومن هو المبطل , وهل تظنون أن الله غافل عن مكركم وما تفعلونه بالليل والنهار , هيهات فالله تعالى لكم بالمرصاد فاضحكوا قليلا ولكن اعلموا أنه على الباغي تدور الدوائر , ولتعلمن نبأه بعد حين ., و" إن الله لا يهدي كيد الخائنين "
والقسم الرابع : بعض الأشخاص والدول التي أظهرت الفرح والسرور بما جرى ووقفت مع الباطل وساعدته وساندته بكل وجه , فهؤلاء يقال لهم : وهل أمنتم بوقوفكم مع الباطل أن ينتقم الله منكم ويجعلكم أثرا بعد عين , هذا وقد قال صلى الله عليه وسلم : إن الله يمهل للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته
رابعا: أما إخواننا الصالحون المصريون من المعتصمين في محيط مسجد رابعة وغيره : صبرا جميلا , وإياكم والانزلاق إلى الدماء والمصادمة , فهذا غاية ما يريده أعداؤكم , واجتمعوا بمشايخكم وعقلاؤكم واستشيروهم في خطوات العمل القادمة , وإياكم أن تعملوا بالعواطف فقط دون إلجامها بالشريعة ونظر العقول السليمة .
خامسا: أما الصالحون في أنحاء العالم الذين حزنوا كثيرا وتألموا بما جرى - وهم مئات الملايين -فأقول لهم : حافظوا على معنوياتكم مرتفعة , ونفسياتكم قوية , وإياكم أن تنهاروا , أو تنكصوا على أعقابكم , أو تنتكسوا , أو تتركوا الدعوة إلى الله تعالى والعمل لدينه , فهذا إن حصل فهو عين مراد أعداء الإسلام منكم , فخيبوا ظنهم , واعلموا أن العاقبة للمتقين , وكم أصاب الصالحين من بلاء قبلكم "فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين "
أسأل الله تعالى أن يحمينا جميعا ويحفظنا ويوفقنا لما يحبه لنا ويرضاه , وأن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه , وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.