الطريق إلى الحل السياسي

للجادين فقط

زهير سالم*

[email protected]

الطريق إلى الحل السياسي ليس بعيدا عن رؤية السوريين ، لا عن عقولهم ولا عن قلوبهم . بل الكثير من السوريين العقلاء يؤمنون بهذا ويتمسكون به . يؤمنون الكثير من السوريين يؤمنون بضرورة جبر الكسر ولأم الجراح التي أحدثتها سياسات الفاسدين المجرمين في بنية المجتمع السوري .

والسوريون المؤمنون بالحل السياسي يدركون أنه لا يمكن للحل السياسي  أن يبنى على فساد أو على دخن . وأنه لا بد من تنظيف الجرح من العفن وتطهيره من الطفيليات قبل أن يخاط أو يمسح  ، وإلا لن يكون هناك شفاء  ومهما كانت متانة خيوط الجراح .

في اعتقادنا أننا في سورية أشد حاجة اليوم إلى بناء المجتمع المدني الموحد قبل التقدم على طريق بناء الدولة المدنية . لا يمكن للدولة المدنية أن تنبثق إلا عن مجتمع مدني . وهذا المجتمع هو الذي يتعرض ما تبقى منه اليوم للتهديم على يد عصابات الأسد ومرتزقة الولي الفقيه وتحت إشراف دولي مباشر .

إعادة صياغة المجتمع المدني يحتاج إلى المناخ الطبيعي الذي يلتقي فيه السوريون بكامل هيئتهم وتعدد خلفياتهم الدينية والمذهبية والعرقية ، على كأس الشاي أو فنجان القهوة الوطني . المناخ الذي يستطيع فيه السوريون جميعا أن يثرثروا معا وبلا حدود . أشعر أحيانا أننا محتاجون إلى           ( الثرثرة للثرثرة ). لنوع من النجوى ( المونولوج ) المعلن . أو البوح أو الإفضاء أو الاعتراف أو التفكير بصوت مرتفع وبلا خوف ..

المجتمع الدولي الذي يتصنع الحرص على بقاء سورية أرضا وشعبا عليه أن يساعد على تأمين المناخ الوطني لهذه الثرثرة ، بين فئات وطبقات ربما أقل أهمية من هؤلاء المتطلعين إلى الوزارات والإدارات . يجب أن يعرف السوري كيف يفكر مخالفه . يجب أن يعطى الفرصة لتتبع مسارب الوعي في عقله وقلبه . وحين يتخلى المجتمع الدولي عن دوره في تأمين هذا المناخ فإنه بذلك يقطع الطريق على أي حل سياسي منشود وأول الطريق إلى ذلك الإطاحة بعوامل التفتيت والفساد..

الحل السياسي لن يكون ، ولا يمكن أن يكون بين ضحية وجلاد . الحل السياسي يجب أن يكون بين ضحايا مفترضين يتعاونون على بناء قاعدة لا يبقى على أساسها في سورية ضحية بعد اليوم ..

سورية بلا ضحايا تعني سورية بلا عسكر يقتلون ، ولا رجال أمن يرهبون ، ولا محتلين يفرضون إرادتهم على الناس .

ستكون الثرثرة الوطنية صاخبة أولا ثم سيزهر الصراخ ويثمر الألم وتكون لدينا القاعدة الوطنية التي نبني عليها مشروعنا الوطني . دولة مدنية ديمقراطية تعبر عن مجتمع مدني موحد ومتماسك ..

أعتقد أن كل هذا الكلام لا يمر على جنيف ، ولا يحتاجها . والذين يتجاهلون الداء لن يصح منهم دواء ..

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية