حول "فوبيا الأخونة"!
حول "فوبيا الأخونة"!
بدر محمد بدر
ال"فوبيا" هي حالة من الخوف الشديد، تتملك الإنسان من شيء غامض ومخيف، و"الأخونة" هو مصطلح اخترعه بعض الكتاب العلمانيين وجنود الثورة المضادة، وألحوا به على أسماع الناس ليل نهار، بوصفه محاولة ل"شيطنة" الآخر.
و"أخونة الدولة" معناها أن كل مفاصل وهيئات ومؤسسات الدولة، أو على الأقل معظمها، أصبحت تحت سيطرة تنظيم "الإخوان المسلمين"، بغض النظر عن مدى كفاءة هؤلاء الإخوان المهنية أو قدراتهم العلمية أو خبراتهم الإدارية، هذه السيطرة إذن، في رأي هؤلاء، هي نوع من المحاباة أو المحسوبية أو توزيع الغنائم، فهل هذا بالفعل صحيح، وهل معنى وجود رئيس دولة منتخب من 13 مليون مصري، وسبعة وزراء من بين 35 وزيرا، وأربعة محافظين من بين 26 أن هذه أخونة؟!
"الأخونة" إن كان لها معنى يتفق مع الديمقراطية، وهو ما أشك فيه بكل تأكيد، يفهمها الإخوان على أنها تقديم الأكفأ في التخصص والأكثر خبرة والأفضل مهارة والأنشط حركة والأقدر على إدارة فريق العمل من أجل تحقيق الإنجاز، إضافة إلى صفات أساسية أخرى مثل: مراقبة الله وحسن الخلق ونظافة اليد والاستقامة، سواء كان المتقدم لحمل المسئولية من الإخوان أو من غيرهم، وأشدد على "من غيرهم" لأنهم لم يتربوا على إقصاء أو استبعاد أي شخص أو فصيل سياسي جاد.
لقد عانى الإخوان كثيرا من الظلم والاضطهاد والقهر طوال الستين عاما الماضية، وبذلوا من أرواحهم وأعمارهم وحرياتهم وأموالهم الكثير والكثير، وتحملوا كل ذلك بصبر ورضا واحتساب، حبا في دينهم ووطنهم وأمتهم، ولم ييأسوا من طول الطريق أو كثرة عقباته، وفي نفس الوقت لا يمنون على أحد بما قاموا به من واجبات، ولا ما تحملوه من متاعب، ولا يطلبون من أحد مغنما أو سلطة، فإذا اختارهم الناس في انتخابات حرة ونزيهة قدموا أنفسهم وما يملكون لصالح الوطن.
منذ منتصف الثمانينيات وحتى أوائل التسعينيات نجح الإخوان في إدارة مجالس النقابات المهنية المنتخبة، وحققوا جماهيرية واسعة بين الطبقات العليا في المجتمع (مهندسين وأطباء وصيادلة ومحامين وغيرهم)، وطبعا أغضب هذا النجاح أعوان النظام البائد، فسارعوا إلى استصدار قانون "ديمقراطية النقابات المهنية" بهدف منع "الإخوان" من إدارة هذه النقابات، وانتهى الحال إلى فرض الحراسة عليها، لأن النظام الفاسد لم يكن يملك برنامجا حقيقيا، ولا رموزا مقبولة يواجه بها الإخوان.
نجاح رجال الإخوان جماهيريا في العهد البائد رغم كل مظاهر الكيد والضغط الأمني، وأيضا نجاح رموزهم في المرحلة الحالية، وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية د. محمد مرسي، ورئيس أول برلمان بعد الثورة د. محمد سعد الكتاتني، ورئيس مجلس الشورى الحالي د. أحمد فهمي، والسادة الوزراء، ومنهم بالطبع وزير التموين د. باسم عودة، والسادة المحافظين، دليل على أن الإخوان لديهم مخزون كبير من الكفاءات المتميزة، علما وعملا وخلقا وقدرة على الإنجاز.
أعتقد أن الإخوان المسلمين لديهم العزيمة والإصرار على قبول التحدي، بهدف الانطلاق بهذا الوطن إلى الأمام، عبر آليات الديمقراطية واحترام إرادة الشعب، مهما كانت العقبات والتحديات والصعوبات، وليس لديهم الرغبة في الدفاع عن أنفسهم، لأن وطنهم ومشروعهم الإسلامي أغلى عندهم من أنفسهم وذواتهم، وهذا هو السر في أن السيد الرئيس يتحمل كل هذا النقد الجارح والإهانات، ويلقي بها في سلة المهملات، لأن أمامه هدف واحد، هو رفعة وتقدم واستقرار هذا الوطن.
وعلى كتبة العهد البائد ودعاة الثورة المضادة أن يكفوا عن حديث "الأخونة"، لأنها لم تحدث بعد، وهي آتية بإذن الله، ثم بإرادة هذا الشعب الحر.