فكرة جريئة لحل مشكلة ديون مصر الخارجية!

فكرة جريئة لحل مشكلة ديون مصر الخارجية!

بدر محمد بدر

[email protected]

تعاني الميزانية العامة للدولة من أزمة كبيرة، تتعلق بارتفاع حجم وفوائد الديون الخارجية على مصر، وقد ارتفعت أقساط هذه الديون وفوائدها إلى أرقام مذهلة، وصلت إلى حد إلتهام ما يقرب من ربع الإيرادات العامة للدولة، وهو ما يعيق بالتأكيد تصحيح المسار الاقتصادي، وتحسين أحوال المعيشة.

وهذه القضية يجب أن تسترعي اهتمام جميع المتخصصين، في الاقتصاد والسياسة والقانون الدولي وغيره للبحث عن حل، خصوصا أن هذه الديون هي إحدى مصائب العهد الفاسد التي ورثناها كرها، والتي أصبحت تكبل انطلاقتنا الآن لرفع مستوى المعيشة، والخبراء يعرفون أن عبد الناصر تسلم حكم مصر دون أن تكون مدينة لأي دولة بل كانت دائنة لبريطانيا العظمى، وبدأت الديون في عهده ثم زادت في عهد السادات، حتى انفجرت في العهد الفاسد ووصلت 35 مليار دولار! 

وفي الموازنة الأخيرة المعروضة الآن على مجلس الشورى أذهلني حجم المخصصات المالية لسداد فوائد الديون، التي زادت حتى عن أقساط الديون نفسها، وبلغت هذه المخصصات نحو 280 مليار جنيه! وهو رقم يفوق بند الاستثمارات الذي يفتح الطريق امام زيادة فرص العمل، وبند المرتبات، وبند النفقات العامة، ومخصصات الدعم، وإذا كانت إيرادات الميزانية العامة في حدود 800 مليار جنيه فكيف تزيد قيمة مخصصات الديون وفوائدها إلى هذا الحد؟! إنها كارثة بالطبع. 

أحد الحلول لأزمة الديون الخارجية طرحها خبير الاقتصاد الإسلامي المعروف والأستاذ بجامع الأزهر الشريف الدكتور حسين شحاتة في حوار صحفي معه نشر مؤخرا، اقترح فيه أن تتفاوض الحكومة مع أصحاب هذه الديون، سواء كانت دولا أو هيئات ومؤسسات، على أساس انتهاء جميع الفوائد المركبة والبسيطة، التي على هذه الديون قانونا، وشرعا لنا الحق في ذلك، وإذا ألغينا فوائد هذه الديون، التي تصل إلى 25% من ديوننا الخارجية، فسوف تقل قيمة الأقساط التي ندفعها سنويا.

وثانيا: علينا أن نطلب من الدائنين إعطاء مصر فترة سماح، لا تقل عن خمس سنوات، لبدء تسديد هذه الديون، وخلال هذه الفترة نعمل بقوة وننتج بجودة ونصدر بإصرار، وننشئ مشروعات اقتصادية جديدة، ونقوم بتشغيل مناطق حرة جديدة، ونعمل على تعمير سيناء وتعمير الصحراء، ونبدأ بإنشاء مشروعات قناة السويس، ونعطي العامل حقه، وصاحب المال ربحه، فينتج الجميع ويبدعون، ومن أرباح التصدير نسدد الديون خلال خمس سنوات، هذا هو المنهج العملي لحل الأزمة.

انتهى كلام خبير الاقتصاد الإسلامي د. حسين شحاتة، وهناك بالتأكيد أكثر من دولة مرت بظروف اقتصادية صعبة مثلنا، وتم إسقاط فوائد وأقساط الديون عن كاهلها حتى تعافت، ورغم أن وضع مصر الاقتصادي صعب ويمر بأزمة واضحة، وهو ما يدفع السيد الرئيس للعمل ليل نهار، ليتفادى آثار هذه الأزمة التي استفحلت خلال العامين الأخيرين، إلا أن مصر نجحت في سداد أقساط الديون وفوائدها في مواعيدها المحددة سلفا وهذا بالطبع إنجاز مهم يحتاج إلى دعم دولي.

أعتقد أن على الدول الدائنة لمصر، وبخاصة الدول العربية الغنية، أن تتفهم أبعاد ونتائج الأزمة المالية التي تعيشها مصر في السنوات الأخيرة، وأن تبادر طواعية إلى إسقاط فوائد هذه الديون، لأن تعافي مصر هو تعافي  لأكبر بلد عربي إسلامي، وعلى الدول الغربية كذلك أن تدرك أن إقالة مصر من عثرتها المالية يصب في مصلحتها أيضا.

أدرك تماما أن حل مشكلاتنا الاقتصادية هو نتاج جهدنا وعرقنا وكفاحنا نحن المصريين، وأن سواعدنا بعون الله هي مفتاح نهضتنا وأملنا في المستقبل المشرق، ولكنها فرصة لمعرفة أصدقائنا عند الشدائد.