كوردستان والسوط الكوردي الموجع...
كوردستان والسوط الكوردي الموجع...
حسين أحمد
منذ عشرات السنين ,والشعب الكوردي يناضل ,ويكافح بكل الوسائل المتوفرة لديه أن كان سياسياً أو عسكرياً أو إعلامياً وحتى دبلوماسياً , في سبيل أن يحصل على حقوقه القومية المشروعة و أن يعيش كما يعيش الشعوب المجاورة له بأمان واطمئنان فوق أرضه التاريخية ارض الآباء والأجداد وان يكون له كيان سياسي يعبر فيه عن تطلعاته القومية في بناء دولته المستقلة ,فهذا النضال الذي تكلل بالصعوبات قد كلف الكورد ثمناً باهظاً لا يستهان به من الشهداء لا تعد ولا تحصى هؤلاء الأبطال الذين كان لهم الشرف بان يقدموا دمائهم الذكية قرباناً لحرية كوردستان وكرامتها وحيث تجسد كل هذه التضحيات على مساحة كوردستان بأكملها.
ولعل أن اقليم كوردستان العراق أخذت نصيبها الأوفر من المظالم لربما أكثر من غيرها هذا لأنها تعرضت إلى الكثير من الويلات والماسي وخاصة ما جرى من عمليات الأنفال السيئة الصيت وصولا إلى الأرض المحروقة - تطهير العرقي- ( جينوسيد ) إضافة الى تشريد الالاف من الكورد الذين عرفوا بالهجرة المليونية الى خارج حدود كوردستان وانتشروا في تركيا وإيران .
في عام 1991 اخذ مجلس الأمن الدولي ولأول مرة قراراً تخدم الكورد وهو حماية الكورد من هجمات قوات صدام حسين باسم خط ( 36 ) والجدير بالذكرلا يستطيع أحد ان يغفل دور البيشمركه البواسل في التضحية والفداء في تحرير اقليم كوردستان بقيادة البرزاني الخالد لا بل قاتلوا بشراسة وقدموا الغالي والنفيس لأجل قضيتهم القومية ووقفوا وقفة واحدة في وجه كل الأنظمة الشوفينية التي حكمت العراق وانتصروا في أكثر من جبهة خلال المعارك التي خاضوها مسطرين بذلك أروع البطولات كما ليس لاحد الحق في أن ينكر دعم أبناء الكورد في الأجزاء الأخرى وخاصة كورد سوريا ما قدموه لإخوانهم البشمركه في كوردستان كل ما يملكونه من امكانات والتي ستذكره التاريخ للأجيال القادمة .
لعلي وجدت من الضروري كتابة هذه المقدمة لأسرد لكم حكاية – مؤلمة من حكايات كورد سوريا والذين دفعتهم قسوة الحياة للهجرة من ديارهم ويمضوا باتجاه كوردستان العراق لعل وعسى أن يحققوا جزء ولو بسيطاً من أحلامهم في هذه البقعة الآمنة والمستقرة , فالبعض منهم هرب من جحيم النظام السوري والبعض الأخر يبحث عن لقمة العيش له ولأولاده .
والحكاية التي نحن بصدد الحديث عنها جرت أحداثها المؤلمة أمام جمع غفير من البشر وكنت شاهداَ عليها .....
بتاريخ ( 7 – 4- 2013 ) كانت لي زيارة إلى إقليم كوردستان مع بعض الزملاء نسير جميعاً مشياً على الأقدام عبر المنطقة الحدودية الوعرة والمسموح العبور فيها وهي المساحة الحدودية الفاصلة بين قرية (شرك) الكوردية السورية و( سحيلة ) الكوردستانية العراقية إلى أن وصلنا جميعاً إلى نقطة البشيمركه – هكذا يسمون - حيث هناك يوجد غرفة مسبقة الصنع ) وضابط من ( parastin) يتم تسجيل الأسماء وإعطاء لكل قادم رقم " عددي " وهو بمثابة ( رقم لاجئ ) والسؤال عن أسباب قدومهم إلى كوردستان .وبدوري أتممت من هذه المرحلة , بعدها سرت باتجاه " القلعة " فهناك يتم الموافقة على السماح بدخول كوردستان - أو ربما يمنع... .
فجأة سمعت صراخ امرأة أدرت إلى جهة المصدر لأشاهد امرأة ملقاة على الأرض ورأيت شاب بلباس البشمركه يضرب لاجئ سوري كان ضمن القادمين من سوريا . لا اخفي عليكم إنني اندهشت من الموقف وقلت في داخلي ما الذي يدور هنا ...؟! ترى من يضرب من ..؟! بعد هذا السؤال المريب وأنا أراقب الموقف من مسافة ( 20 ) متراً, رأيت كل من كان موجودا وقتئذ ومرتديا بزة البشمركه كان يركض من تلقاء نفسه إلى جهة الحدث ويتعاونون على ضرب هذا " اللاجئ " بالعصي أو باللكمات أو الركل بالأرجل وكان عدد الذين يضربونه يقارب ( 15 ) شخصاً, فالشاب كان يتلقى الضرب المبرح من كل حدب وصوب وفي جميع جسده دون أن يسأله احد في نفسه لم اضربه..؟ ومن ثم امسك به وبقوة وجرى سحبه إلى داخل احد الغرف الشبيهة بالمرآب للسيارات .
أما عن تلك المرأة فوقفت في وسط الساحة تماماً أي في داخل ساحة القلعة وبصوت حزين وبوجع عميق تبكي وتلطم وجهها وتستغيث تارة بالموجودين وتارة أخرى بالرئيس مسعود البرزاني
لقد قتلوا ابني يا رئيس مسعود البرزاني
هو لم يفعل شيئا
أن الذي يدافع عن الشرف الكوردي هكذا يضرب ويهان في كوردستان
الى هذا المستوى الشرف الكوردي رخيص عندكم
أهكذا علمكم الرئيس البرزاني
فعلا انتم لا تخجلون من أنفسكم .
حتى هذه اللحظة لم أدرك الموقف . ما الذي يجري تماما .؟؟ ما حكاية هذا الشاب وهذه المرأة ..؟ لماذا ضرب بهذه القسوة
من الموقع الذي كنت فيه لمحت شخصاً كان اقرب مني إلى دائرة الحدث , اقتربت منه حتى التصقت به.. بصوت خافت سألته : ما جرم الشاب لكي يضرب كل هذا الضرب ..
بحسرة.... قال ...
تلك المرأة التي هوت أرضاً وداستها الأرجل كانت تنتظر دورها – إنها والدة الشاب - قام احد عناصر البشمركه بدفع المرأة من صدرها.... رد الشاب عليه – مشيراً إلى البشمركه
ألا تخجل من نفسك كيف تدفع امرأة بهذا الشكل ..
اعاد البشمركه ذات التصرف متحديا الشاب ..
بعد حوالي ساعة أو ربما أكثر ظهر الشاب مع أمه المسكينة على المشهد ثانية كان هندامه مرتباً ووجه مغسولا – على ما يبدو تمت معالجة مظهره بالطريقة التي رؤاها مناسبة. بالرغم من انه ظهر طبيعياً- لكنني أحسست بأنه مقتول من داخله - يرافقه احد العناصر من البشمركه يمضون سويا نحو باب المكتب لأجراء اللازم لدخوله هو وأمه أراضي كوردستان .
خرج الشاب ومعه ضابط يحمل في يده رزمة من الأوراق مدونة فيها أسماء وأرقام لأشخاص ممن يسمح لهم بالدخول ..
قبل أن يعلن عن الأسماء - قال بالحرف الواحد ...
نحن اخوة
وكوردستان واحدة
لا فرق بين كوردستان سوريا وكوردستان العراق
انتم لستم ضيوف عندنا بل انتم في وطنكم كوردستان
نعتذر عما جرى ..
أدار الضابط رأسه نحو الشاب المجروح.
وقال :
لأجلك فقط أسرعنا بإتمام معاملة ( 150 ) شخصاً ليتسنى لهم دخول كوردستان أنها وطنكم ...بلدكم ....ونحن أهلكم .....وإخوانكم
أهلا وسهلا بكم في كوردستان.
في هذه العجالة , لم يكن أمامنا ,سوى أن نقدم هذه الحكاية , كما جرت بحذافيرها, للقراء على حدود كوردستان ولأخذ العبرة منها في المستقبل القادم, و يبدو أن سطوة الأنانية ,ستغير كل عاداتنا وتقاليدنا الكوردية الأصيلة إلى الدرك الأسفل. بدلاً أن نستفيد منها نحو الأحسن والأرقى ...
أخيراً , علينا جميعا أن نردع مثل هؤلاء الذين يسيؤون إلى قيم البرزاني الخالد , ونضاله الطويل , وفكره النير. ونهمس في آذان الشاب وأمه فلتكونوا صابرين أكثر, ان الذي حصل لكما , من جراء هذا التصرف الغير لائق , من تلك النفوس المريضة من ذلك البشمركه الذي لا يحمل أية سيمات البرزاني الخالد , لنتذكر حديث الرسول ( ص ) عندما : قال ( دماءكم واموالكم واعراضكم حرام عليكم ).