لا تضح حولك من يقول نعم، نعم
لا تضح حولك من يقول نعم، نعم
يسري الغول
جلس رئيس جمهورية جنوب إفريقيا السابق تابو إيمبيكي ذات مرة إلى جوار نيلسون منديلا، وطلب منه النصح، فقال له الأخير:" لا تضع حولك من يقول لك دائماً نعم، نعم".
إن القائد أو المسئول بعد أن يصبح بتلك الصفة سيفقد شيئان مهمان، هما الحقيقة والوجبة السيئة. لذلك فكل مسئول يجب أن يعرف تلك البطانة التي تصطف إلى جواره، وتلحن له في القول، فالذي يضع حوله تلك البطانة التي تقول دوماً نعم، نعم، فإنها بكل تأكيد تدلس عليه الأمر، وستجعله في واد سحيق غير ذي زرع، بينما سيكون أفراد مؤسسته في صحراء الكراهية والأحقاد والضغائن، وهو ما لا نتمناه بأي حال.
ولقد أعجبني السيد ستيفين كوفمان، كبير المديرين التنفيذيين لشركة (Arrow Electronic Inc) الموجودة في الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه أدرك حقيقة أن تكون مسئولاً، بعد تلك الحادثة التي غيرت مفاهيمه تجاه صفة (المسئول). فقد سأل ذات مرة عن أفرع الشركة التي يديرها، وحين أجابوه، سأل عن إمكانية دمج أحد الأفرع بفرع آخر، ليقوم حينها نائبه بتسريح العمال الموجودين بذلك الفرع، الأمر الذي أثار حفيظة كوفمان، وسأل عن السبب، فكانت الإجابة بأن تساؤله الأخير اعتبره نوابه أمراً يجب تنفيذه. تلك الحادثة دفعت بكوفمان أن يتساءل: ماذا لو قال بأن لون المكتب سيكون أجمل لو تم طلاؤه بالأخضر؟ هل سيقوم نوابه بتغيير لون الغرفة إلى الأخضر، وماذا لو قال أن الطعام غير جيد، هل سيتم تغييره. لذلك توصل إلى قناعة مفادها أن القائد لن يحصل على الحقيقة بعد الآن.
فالموظفون سيعتبرون أسئلة القائد أوامر، يجب أن تنفذ. وغالباً ما سيجيب كثير منهم بنعم، وقد يقول بعضهم شعراً في أفكار القائد كأنها وحي من السماء، وهو ما يرفضه كل قائد ذو عقل ومنطق رشيد. وعليه، فلا بد من طرح الأسئلة على المرؤوسين، دون خوف أو إذعان، وحينها فقط قد يحصل القائد أو المسئول على الحقيقة، والحقيقة المنقوصة أيضاً.
إنك كقائد لا بد أن تتصرف أمام الجميع كأنك فرد عادي، لا تنفك عن موظفيك بأي حال، فاشكر المجتهد، وحفز المحبط والكسول، وإياك والعبوس أو الجواب الغاضب أو السلبي، وكم سيكون جميلاً لو تناولت طعاماً مع موظفيك، وتبادلت معهم أطراف الحديث، لأنك حينها ستكون قد كسرت حاجز الخوف من أن يقولوا رأيهم بكل وضوح.