ثورة مضادة
ثورة مضادة
أ.د. حلمي محمد القاعود
تمنيت أن أفرغ لمعارضة الرئيس والحكومة, وأقوم ما يجري, فمهمة الكاتب هي المتابعة اليقظة الواعية من أجل بناء وطن ظلم كثيرا, وعاش علي مدي قرنين من الزمان رهينة لمن ينكلون به ويستضعفونه, ويستبيحون حرماته وممتلكاته وتراثه وثقافته, ويبطشون بقيادته الفكرية الناضجة, فضلا عن إشاعة الرعب والخوف.
بعد ثورة يناير العظيمة صار المستبدون والجلادون والدولة العميقة بعيدا عن سدة الحكم وتشجعوا في العدوان علي من يتولي المسئولية بلغة متدنية غير مسبوقة, وإهانة الرئيس والحركة الإسلامية في ملحمة من الكذب الصارخ الفاضح, وتعطيل حركة البلاد, وإيقاف دولاب العمل, ووقف حال الناس, أملا في العودة إلي حكم البلاد بالحديد والنار!
منذ فوز الإسلاميين في الانتخابات التشريعية تم الغدر بمجلس الشعب المنتخب في مشهد من البشاعة السياسية غير مسبوق, وقال قاض علي الملأ: لو كنا نعلم أن صندوق الانتخابات سيأتي بهؤلاء ما كنا أشرفنا علي الانتخابات! وحين أعلن عن ترشيح إسلاميين لمنصب الرئيس, عملت ماكينة التشويش والتدليس والتضليل, فتم شطب مرشحين وقبول آخرين, لحرمان وصول رئيس إسلامي إلي السلطة. كان الغدر أقوي صرامة وتبييت النية لإنهاء الثورة وإزاحة الإسلام والعودة إلي النظام القديم في صورة محسنة, وهو ما بدا من انقلاب صاخب عقب وقوف الدولة العميقة مع مرشح النظام السابق ودعمه بكل قوة حتي حصل علي أصوات تقترب به من الفوز. كان التشهير بالرئيس المنتخب وعدم منحه فرصة للعمل والإنجاز منذ ترشحه, والتعامل بالمولوتوف والخرطوش والمظاهرات التي لا تهمد, وقطع الطرق وتعطيل القطارات وافتعال الأزمات وتطفيش السياح والمستثمرين ودعوات التدخل الخارجي واستدعاء الجيش للانقلاب علي الديمقراطية, ومنع بناء المؤسسات الديمقراطية; ثورة مضادة فاجرة وعملا لا ينتمي إلي السياسة أو الأخلاق بسبب.
وقد اخضرت أرضهم بمطر التمويل الخليجي والخارجي, والأموال المنهوبة وعصابات البلطجة التي صنعها النظام الفاسد, ودكاكين حقوق الإنسان الموالية لمن يدفع, وإنا لله وإنا إليه راجعون!