تقرير السفارة في باريس
منذر ماخوس
أولًا: في المجال السياسي
اتصالات مستمرة مع الجهات المسؤولة في وزارة الخارجية الفرنسية على كافة المستويات لمتابعة التحولات المستمرة في ما يتعلق بالقضية السورية وتطور المواقف الدولية منها. كما يتم حوار حول الإرهاصات الأخيرة في ما يتعلق بمبادرة ديمستورا والمبادرة الروسية وتفاعل أطراف معارضة معهما، بالإضافة طبعًا إلى عرض لموقف الائتلاف ورؤيته في ما يتعلق بكل أشكال الحراك السياسي للمعارضة والائتلاف.
تواصل مع الجهات المعنية بالملف السوري في الرئاسة ضمن الأُطر المذكورة أعلاه نفسها.
تواصل وحوارات منتظمة مع سفراء دول البينولوكس (هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ) ودول أوربا الشمالية (السويد والنرويج والدانمارك وفنلندا) وأوربا الوسطى (النمسا) في ما يتعلق بتطورات مواقف هذه البلدان على ضوء تحول الأوضاع السياسية والميدانية للمسألة السورية ومحاولة شرح الإشكاليات والتطورات الجارية خلال الشهور الأخيرة، وخاصة في ما يتعلق بوضع المعارضة من أجل تطويق الآثار السلبية وارتدادات أحداث العنف الأخيرة والتفجيرات في فرنسا وغيرها وتأثير ذلك على مسألة اللجوء السياسي للمواطنين السوريين في أوربا.
وكمؤشر على ردود الأفعال المحلية في فرنسا، على سبيل المثال، فنحن نعجز اليوم عن استئجار قاعة اجتماعات للجالية السورية في باريس في المناسبات الضرورية باسم تنسيقية الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة المسجلة رسميًا كجهة اعتبارية نمارس عبرها الأمور التنظيمية الإدارية والقانونية للسفارة بسبب عدم إمكانية إجراء أي شيء باسم السفارة مباشرة، كون الاعتراف بالائتلاف هو اعتراف سياسي وليس قانوني؛ علمًا أننا كنا، سابقًا، نستطيع الحصول على قاعات اجتماعات للجالية ببساطة ودون مقابل في كثير من الأحيان.
نحن نعمل منذ بداية الفترة الجديدة بعد الانتخابات الأخيرة للائتلاف على تنظيم زيارة رسمية إلى فرنسا للسيد رئيس الائتلاف مع وفد مرافق له يمكن أن يشمل رئيس الحكومة، وربما رئيس الأركان. كل ذلك من أجل خلق زخم سياسي جديد، وكمؤشر سياسي يساعد على ترميم صورة الائتلاف وإعادة الاعتبار له ولو نسبيًا والذي لحقه أذى كبير في الفترة الأخيرة. كما قمنا بترتيب برنامج واسع ضمن حملة اعلامية لشخص رئيس الائتلاف عبر أهم المحطات ووسائل الإعلام الفرنسية وفي مقدمتها مقابلة تلفزيونية مع محطة BMF الأكثر شعبيةً وانتشارًا في فرنسا كصوت إعلامي حيادي (نسبيًا) وذي مصداقية في تشكيل الرأي العام الفرنسي، وكذلك عبر مقابلة مع جريدة اللوموند (Le Monde) اليومية المعروفة، ثم موعد مع إذاعة Eeurope-1، وهي بدورها من الوسائل الأهم في مجال الإعلام السمعي، وأيضًا محطة France 24 (بالعربية أو الإنكليزية). وفي النهاية مع قناة العربية للمشاهدين العرب. وقد تم تأجيل الزيارة ثلاث مرات حتى الآن لأسباب لوجستية في الغالب وأحيانًا بسبب تضارب المواعيد. وعلى أي حال، لا تزال الزيارة قائمة وستكون في إطار أفضل لتشمل مقابلة مع رئيس الجمهورية، وربما ضمن أوضاع سياسية أكثر نضوجًا.
ثانيًا: في المجال الإغاثي
نقوم بالتنسيق مع منظمات إغاثية سورية في فرنسا لتأطير وشحن مساعدات إغاثية معتبرة إلى سورية وذلك بالتعاون والتنسيق مع الحكومة المؤقتة من جهة أخرى والتي تقوم بتحويل عمليات شحن وتوزيع المساعدات للجهات الأكثر حاجة داخل سورية. ومن حيث المبدأ، فإن الآليات التي نعتمدها تقوم على نقل المواد الإغاثية إلى مستودعات الحكومة في الريحانية بواسطة شركات نقل وتخليص جمركي تركية تتعاقد معها الحكومة. المسار الذي تتبعه قاطرات الشحن يبدأ في فرنسا ثم إيطاليا ثم عبر البحر من ميناء تريستا في إيطاليا أو طولون في فرنسا إلى ميناء مرسين أو اسطنبول في تركيا حسب كل حالة وهناك يتم التخليص الجمركي وتستمر برًا حتى الريحانية.
وبالطبع، تتم إجراءات إدارية هنا لخروج البضاعة من فرنسا بينما تقوم الشركة بالإجراءات الجمركية في تركيا. إن اعتماد هذه الخارطة للتنسيق من قبل السفارة بين المنظمات الإغاثية من جهة والحكومة من جهة أخرى يأخذ بعين الاعتبار أن الحكومة بوصفها الأداة التنفيذية للائتلاف هي الطرف الأكثر تأهيلًا لجمع وتوزيع المساعدات الإغاثية بشكل متكافيء ومنظم بحيث تصل إلى مناطق عديدة تكون مهمشة في كثير من الأحيان.
لكن، وفي المقابل، ومن أجل مرونة وشفافية أكثر في التعامل مع الجمعيات الإغاثية التي تقوم بجمع المساعدات، فإننا نقبل في حالات خاصة وبالتنسيق مع الحكومة إرسال بعض المساعدات إلى مناطق أو جهات بعينها بناءًا على طلب الجمعية الإغاثية المعنية والراغبة بذلك لتقوم الجهة المقصودة باستلام البضاعة المخصصة بعد تفريغ القاطرة في الريحانية لإدخالها إلى سورية والتصرف بها حسب رغبتها.
وقد تم شحن وإرسال قاطرة يوم السبت 7 شباط 2015 من مدينة مونبلييه في جنوب فرنسا باتجاه مرفأ مدينة طولون لتعبر عبر البحر إلى اسطنبول وبعدها إلى مستودعات الحكومة في الريحانية. وزن هذه الشحنة يصل إلى 28 طن من الأدوية والأدوات الطبية والألبسة (معظمها جديد) والمواد الغذائية بقيمة تصل إلى عشرات الآلاف من الدولارات. وقد قامت بجمع هذه المساعدات جمعية "سورية حرة"Free Syria ومسؤولها السيد نبيل عقاد.
كما أن من المبرمج أن يتم تحميل وشحن قاطرتين أخريين من المواد الإغاثية (أجهزة ومواد طبية وتجهيزات كاملة لعيادة طب أسنان وألبسة وأغذية) من المنطقة الباريسية يوم 11 شباط الحالي باتجاه إيطاليا فتركيا وفق الآليات التي عُرضت سابقًا.
هذه المساعدات الأخيرة قامت بجمعها جمعيةSOS Syrie ومسؤولها السيد نذير المصري والجمعية مسجلة في مدينة ديجون في شرق فرنسا.
لا نزال بصدد البحث لاستئجار مجموعات بيوت مستقلة (pavillon) في المنطقة الباريسة بحدود (7-10) غرف في البيت الواحد من أجل اسكان اللاجئين السوريين في المرحلة بين تقديم طلب اللجوء والحصول على قرار اللجوء والوثائق (على الأقل).
ومرة أخرى، نصادف صعوبات جمة في قبول تأجيرنا مثل هذه البيوت من المالكين بمجرد معرفتهم أن الأمر يتعلق بسوريين!!!
نحن بصدد التواصل لشراء عدد مهم من الأجهزة الطبية مثل أجهزة غسل الكلى مضاف إليها أجهزة لتحلية المياه بشكل يمكن استعمال أجهزة غسل الكلى تلك في ظروف ميدانية صعبة لا تتوفر فيها بالضرورة المياه المُعالجة الضرورية لعملية الغسل. والشيء المغري في مثل هذه العمليات أنه يمكن شراء أجهزة في حالة جيدة وبأسعار شبه رمزية قياسًا إلى أسعار الأجهزة الجديدة.
وأرجو أن يتم، منذ الآن، اتخاذ قرار أو توصية من الهيئة العامة للائتلاف بتمويل صفقات قد نتمكن من الحصول عليها مستقبلًا والتي يمكن أن تكون مغرية جدًا. التمويل يمكن أن يكون عن طريق الحكومة أو وحدة تنسيق الدعم أو حتى الائتلاف مباشرة.
قمنا باتمام مسألة إحضار عائلتين سوريتين (أسر شهداء) ذات عدد كبير من الأطفال القُصر مع تأمين سكن مسبقًا. الأسرة الأولى ستصل إلى باريس يوم 17 شباط والأخرى في وقت لاحق حيث أن اجراءات السفر قيد الإنجاز.
لانزال ندعم العديد من المواطني السوريين ذوري حاجات ملحة في مجال الحصول على تأشيرات دخول أو دعم لملفات اللجوء السياسي لدى السلطات المختصة.
ثالثًا: على الصعيد الإعلامي
بعد جهود مضنية لتشكيل مكتب إعلامي تابع للسفارة في باريس يضم أهم الوجوه الإعلامية والنشطاء الموجودين على الساحة (كان المشروع يضم حوالي 12 شخصًا بما فيهم السفير)، لم تثمر، في الحصيلة، المحاولات المذكورة في المرحلة السابقة. فشل تلك المحاولات يعود إلى أن العديد من الوجوه المذكورة أعلاه أعلن لاحقًا بشكل أو بآخر أنه لا يريد العمل تحت مظلة الائتلاف!! أو أنهم يستطيعون أن يكونوا مستشارين فقط!! لا أدري من سيعمل إذن في الميدان؟.
آخر محاولة كانت في إطار جديد بالاشتراك مع شركة DLA piper الأوربية والتي كانت تمولها لصالح الائتلاف مشكورة دولة الإمارات العربية المتحدة. ومن دواعي المفارقة أن بعض الأشخاص المعنيين الذين دُعوا إلى اللجنة في الإطار الجديد كانوا يودون أن يكون المكتب الإعلامي قيد التأسيس هو الممثل للائتلاف في فرنسا بينما تكون السفارة جزءًا من المكتب وهم تقريبًا نفس الأشخاص الذين كانوا يقولون سابقًا أنهم لا يريدون أن يعملوا تحت مظلة الائتلاف!! بينما يريدون أن يكون المكتب الإعلامي الذي يعملون فيه هو ممثل الائتلاف في فرنسا. لكم أن تستنجوا مدى الانسجام في المواقف ومدى المصداقية.
وبالحصيلة قامت الإمارات العربية المتحدة بإلغاء عقد شركة DLA piper، ربما بسسب الشعور بأن أداء الشركة المذكورة كان ضعيفًا!
وقد حاولت أن أموِّل توظيف رئيس المكتب الإعلامي إياه من ميزانية السفارة بعد شهور من عدم الوصول إلى نتيجة لتمويل تفريغ ثلاث أشخاص في المكتب هم رئيس المكتب وناطقتين رسميتين أحداهن مقترحة من الائتلاف، لا من الائتلاف ولا من شركة DLA piperولا من جهة محلية هنا كانت تراهن عليها الشركة الأوربية DLA piper. بعد ذلك قام الشخص المرشح لرئاسة المكتب الإعلامي بالاعتذار عن العمل لأسباب تتعلق بموقفه من الائتلاف والحكومة ووحدة تنسيق الدعم كما ورد في رسالة الاعتذار علمًا أن لديه اختين كانتا متفرغتين وتقبضان رواتب من مؤسسات الائتلاف في اسطنبول. كما اكتشفت مؤخرًا أن أحد الأقرباء المقربين من هذا الشخص هو واحد من أهم المسؤولين في القصر الجمهوري في دمشق.
تجب الإشارة إلى أن تذرع البعض بالوضع في الائتلاف أو الحكومة أو وحدة تنسيق الدعم لتبرير مواقفه من الثورة أو المعارضة هي حجج واهية على الأقل في العديد من المناسبات لسبب بسيط هو أننا كنا نكرر وفي كل المحطات بأن العمل في النهاية هو لصالح الثورة والشعب السوري بغض النظر عن الوضع في مؤسساتها ولم نكن نطلب يومًا من أحد أن يقوم بدعاية لأي مؤسسة أو للائتلاف نفسه أو للحكومة.
الآن نقوم بالبحث عن إطار جديد للعمل الإعلامي ولكن يجب القول أن الكفاءات الإعلامية النزيهة والتي هي في صف الثورة، والأهم من ذلك المستعدة للعمل الإعلامي المؤطر، هي قليلة للغاية رغم وجود جالية كبيرة العدد. في باريس وضواحيها تُقدَّر بـ 30.000 سوري.
وبانتظار الوصول إلى حل يقوم السفير بإصدار إعلانات صحفية أو بيانات في المناسبات الهامة والتي تعكس رأي الائتلاف مع توضيحات ومقاربات تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المجتمع الفرنسي والأوربي.
وكانت المناسبة الأخيرة هي على إثر أحداث العنف الأخيرة في فرنسا، حيث أصدرتُ بيانات صحفية أهمها بيان صحفي وزعته وكالة الصحافة الفرنسية A.F.P. وكذلك مقالة في "كلنا شركاء" وذلك بالإضافة إلى النشاط الإعلامي الروتيني المتواصل حول كل القضايا السياسية للمسألة السورية عبر عشرات المداخلات التلفزيونية لمحطات فرنسية وعربية وعالمية وكذلك عبر محطات راديو أو صحف وبلغات متعددة.
رابعًا: في المجال الأداري وترتيب أوضاع السفارة
نقوم منذ عشرة أشهر بإعداد مقر السفارة وهو عبارة عن شقة من أربع غرف صغيرة وصالون. تمت في البداية عمليات الصيانة والتصليح وبعد فرش المقر من ميزانية السفارة والتي هي ميزانية شهر يتيم تم استلامها حتى الآن من جميع مخصصات لسفارة منذ نشأتها وحتى اللحظة!
وقد تم إعداد مشاريع خمسة عقود حتى الآن لمسؤولي مكاتب الإدارة والإغاثة والمالية والاقتصاد والإعلام (الذي اعتذر المعني به مؤخرًا كما ورد سابقًا) أُرسلت للأمانة العامة للائتلاف، وحتى هذه اللحظة ومنذ ما يقرب من السنة لم يتم إنجاز أي من هذه العقود ولم نستطع دفع أي مبلغ (لشخصين متفرغين بالكامل، على الأقل). علمًا أن هناك شخصين بنصف تفرغ ولا يريدان مقابل كونهم موظفين برواتب. وبالرغم من عشرات الاتصالات الهاتفية والوجاهية (خلال فترة الاجتماعات في اسطنبول)، فلم يتم انجاز أي عقد حتى الآن، على الرغم من تسليم الوثائق اللازمة والشروط الأساسية للعقود وذلك بذرائع مختلفة. آمل أن يكون كل ذلك مجرد صدف لعينة وسوء حظ!! كما هو الحال في كل مسيرة الائتلاف المنكوب.
ودمتم سندًا للشعب السوري العظيم الذي لا يزال ينتظر.