لقطات من المشهد السياسي المصري
لقطات من المشهد السياسي المصري
عبد الرحمن يوسف بريك
الشواشنة / الفيوم /مصر
رن تليفون ابني الشاب الجامعي المتحمس دائماً ، فإذا بالرنين المستخدم هو هتاف " يسقط يسقط حكم العسكر " ، ضحكت من شدة الأم ، فقد كنت أنتقده بشدة أول أيام الثورة وهو يكرر نفس الشعار ، ويتداوله هو وأقرانه على صفحات " الفيس بوك " ، لكنه كان - بأدب – يردد لي : ستثبت لك الأيام صدق ما أقول ، وها أنذا – بعده بقرابة العام – أكتشفت أنه – وأقرانه – كانوا على صواب ، بينما كنت – وأنا الذي أبدو أمامه في ثياب الواعظ الحكيم – أظن أنني آوي إلى ركن شديد ، لكن ظني خاب ، وأثبتت الأحداث أننا خسرنا الرهان ، فهل تظل الأيام على عهدها بنا من تقلب أسرع من مداركنا ؟ أم أن وعينا قد عاد إلينا وأصبحنا ندرك الأمور على حقيقتها ؟ ليتني أعرف ما تخبئه الليالي الحبالى لنا من أحداث .
قرأت كثيراً عن معنى " إدارة الأزمات " وأنها تعني في المقام الأول الإعداد الجيد واستخدام أساليب جديدة ومتطورة لمواجهة الأزمات المحتملة ، لكني وجدت مؤخراً أن حكومتنا " الرشيدة " تتعامل مع الأزمات بمنطق رد الفعل ، وهو ما يسبب تفاقم الأزمة وإمكانية تحولها إلى كارثة ، هذا على فرض حسن الظن أن تلك الحكومة ليست السبب في الأزمات ، وهذا إن دل فإنما يدل على سوء التخطيط والعجز عن اتخاذ قرارات مصيرية وواضحة وحاسمة وفي الوقت المناسب حتى تؤتي أثرها المطلوب ، وأبرز الأمثلة على ما أقول التخبط الواضح في مواجهة الأزمة الناشبة مؤخراً بين مصر والسعودية بسبب احتجاز السلطات السعودية للمحامي المصري المتهم بتهريب أقراص مخدرة للمملكة ، عجزت الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية عن احتواء الأزمة بل ساهمت – بغباء سياسي تحسد عليه – في تفاقمها ، وتهديد أمن وقوت مليون ونصف مليون مصري يعيشون في السعودية ، ثم بعد ذلك تصر تلك الحكومة على البقاء ‼‼ يا حمرة الخجل أين وجهك ؟؟؟؟
استبعاد الشاطر من سباق الرئاسة والإبقاء على أحمد شفيق ضرب من ضروب العبث و" استلطاخ " الشعب ، مع الاعتذار عن حدة اللفظ ، وكأننا لم نقم بثورة ولا يحزنون ، رجل سجن ظلماً في العهد البائد ، وصدر قرار من المجلس العسكري الذي يدير البلاد بالعفو عنه ، وفجأة نجده خارج السباق الرئاسي ، ورجل آخر كان آخر رئيس وزراء للمخلوع وصدر تعديل لقانون مباشرة الحقوق السياسية من المجلس المنتخب من الشعب باستبعاد رموز النظام السابق وصدق عليه المجلس العسكري ، ولكن لجنة انتخابات الرئاسة تعيده للسباق بحجة أنه قد يطعن بعدم دستورية القانون ، وأكاد أصرخ بأعلى صوتي : أين المساواة إذن ؟ الشاطر استبعد بقانون مطعون في دستوريته ، وهذا يبقى بقانون " قد " يطعن في دستوريته ، هل قمنا بثورة فعلاً ؟؟ أم أنني في كابوس لم أفق منه بعد ؟؟
كيف سيمر يوم 2 يونيو القادم ؟؟ وما السيناريو المعد له ؟ وهل سيرتبط حكم المحكمة على الرئيس المخلوع وابنيه ووزير داخليته ومساعديه بنتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية ؟ وعندئذ سيثور السؤال : هل ستسمح الظروف وقتها بإجراء انتخابات الجولة الثانية في حالة صدور حكم مخفف أو بالبراءة للمخلوع ؟ هل هو سيناريو لقلب الطاولة ، ونقطة ، ومن أول السطر ؟؟؟ ونبدأ أولى ثورة من جديد ؟ لكن هذه المرة بعد أن تم الاستقطاب والاحتقان بين فصائل الشعب المصري الذي تشرذم ولم يعد يثق أحد في الآخر ؟ وهل ستكون الفرصة سانحة حينئذ للعسكر لتصدر المشهد وبمباركة من البعض للإجهاز على البعض الآخر ؟ أيتها الأيام : بوحي بمكنوناتك قبل أن يجرفنا الطوفان.