أيها السوريون حكوا جلودك بأظافركم
الجزء الرابع
أيها السوريون حكوا جلودك بأظافركم
نريد عنبا ...لا مجال للنزاع مع الناطور
ناديا مظفر سلطان
وصلتني رسالة من الآنسة "ميم" المقيمة في كندا ، تنتقد فيها الصبغة الإسلامية الغالبة على النشاطات الداعمة للثورة هناك ، سواء كانت مظاهرات ، أو تجمعات داعية إلى مؤازرة الثورة ماديا ومعنويا.
ليست " ميم "فقط من وجه هذه الملاحظة ، كثيرون أجمعوا على أن هذه الصبغة الاسلامية ، تشعرهم بعدم الارتياح ، لأنها تفقدهم الشعور بالانتماء ، وبالتالي تغريهم بالانسحاب.!!...
الآنسة "دال " أيضا ، قالت أنها بدأت وزملاؤها ، يفكرون جديا بتنظيم مظاهرات مستقلة ذات صبغة "انسانية عامة" ، لدعم الشعب السوري ، فيما إذا بقيت النشاطات الداعمة للثورة تحمل الصبغة الإسلامية...بل وأكدت أن الآلاف سينضمون إليهم ، ولعل الجدير بالذكر أن معظم من أدلى بهذه الآراء هم من المسلمين "السنة".
فهل يتجاوب القائمون على هذه النشاطات مع هذا النقد ، أم يقابلونه بالتجاهل ؟؟؟؟
والثورة السورية منفردة ومختلفة عن سواها من الثورات ، فهي قد كشفت النقاب عن كل الوجوه ، المدّعية للإنسانية ،أو المدافعة عن الدين والعقيدة الإسلامية ،أو الرافعة لشعار الوحدة العربية ، فإذ بالوجوه كلها ، تشكو من الدمامة دون " رتوش" أو أصبغة ، وإذ ب "نيوب" القوم بارزة ، كما "الليث" مهما ادّعت أو حاولت الابتسام!!!وإذ بالجميع أصدقاء .....ولكن للأسد!!!
وهكذا فالثورة السورية وحيدة غريبة ، أغلقت من دونها أبواب الأرض.. فلم يبق أمامها سوى باب السماء ، فرفعت أكف الضراعة إلى الله سبحانه
منذ عام ونيف و"عربة الثورة " ، تجري بوقود "الإسلام" ، زادها التوحيد ،وماؤها الإيمان .
"الله أكبر" سلاحها ، رفعه الثوار العزل أمام الدبابة والمدفع ، فأمدهم بالبأس والعزيمة .
"يا الله مالنا غيرك" ، ..تسليم وتوكل ويقين ، "حسبنا الله ونعم الوكيل" خير عزاء للمعتقلين الصامدين أمام التعذيب والتنكيل .
"عالجنة رايحين شهداء بالملايين "، أمل باللقاء بعد الرحيل ، لأم ثكلى ،وولد يتيم.
الثورة السورية ، هتافها ،غناؤها ، قوامها ، إيمان بالله الواحد ، وتسليم.
وأغنية "مجاريح يا حمص مجاريح" ، أغنية عجيبة ، أدتها عجوز منقبة مجلببة ،متشحة بالسواد من أهل السنة في حمص ، أدتها وهي تحتضن " فدوى سليمان" العلوية الحرة الشريفة... فلم "يشمئز" قلب فدوى من الأغنية المفعمة بالمفردات الاسلامية ومن ذكر الله كنداء وتوكل وتضرع ...و العجوز لم
تضن على فدوى ، بالمأوى والحماية والرعاية ، الأمر الذي سيعرض العجوز إلى مخاطر قد تودي بحياتها . ورغم التناقض العجيب في الشكل بين الاثنتين إلا أنهما بدتا متشابكتا الأيدي تعملان جنبا إلى جنب لأجل الوطن وحريته وخلاصه، دون اعتبار آخر.
ولكن المفردات والشعارات والهتافات مختلفة بين هنا وهناك ، بين المنفى وبين الوطن ، هناك "حرب "، وهنا "سياسة"، هناك ساح وغى ، وهنا ساح تعارف ، وشتان بين المكانين ، وما أبعد المسافة بين اللغتين !!!
ووضع الندى في موضع السيف بالعلا....مضر كوضع السيف في موضع الندى
و"المحارب" يختلف عن" المحاور" فلكل واحد ، لغة وأدوات ومنهجية ،مغايرة تماما للآخر .
و الرسول صلى الله عليه وسلم ، قد أتقن الصفتين ، فكان ذا بأس وشدة في ساح القتال ، وكان ذا حكمة ولين على مائدة الحوار ، فانسحب في صلح الحديبية ، مغضبا صحبه حتى كادوا أن يهلكوا ، ولكنه كان خير من يعلم أن هزيمة جولة ، لا يعني خسارة الحرب ، بل العكس تماما هو الصحيح.
ولعل تخفيف الصبغة الإسلامية من مفردات ومن طقوس (صلاة ، ودعاء ،وشعارات ) في النشاطات في بلاد الغرب ليس "هزيمة" ، يمكنها أن تتسبب في غضب بعض المتحمسين للخطاب الإسلامي ، بل هو جوهر الإسلام في الحكمة.
"ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا "269-2
وهو روح الإسلام في معرفة لغة "العصر"، حتى لا تودي بالإنسان إلى الخسر.
و "من دخل دار أبو سفيان فهو آمن " ، أسلوب للتحاور مع رجال الأعمال السنة من أهل المال والنسب ، في دمشق وحلب ، لابد أن يقلب موازين القوى التي لازالت بيد النظام بسبب "أولئك الحيتان".
و"اذهبوا فأنتم الطلقاء"، أسلوب آخر ، لاستيعاب كل المذاهب والطوائف ، وامتصاص لكل فتنة أو طائفية يسعى لها النظام.
وتقبل الاسلام روحا تمد جسد الثورة بالحياة ، واجب على المؤمنين " السنة خاصة" في المنفى و في الوطن أسوة ب فدوى والعجوز ، لتجتمع القلوب وتتوحد الصفوف .
"يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله" 136 -4....
والحرية لسورية عنبا قد "دنت قطوفه " و أيادي السوريين يجب أن تعمل مجتمعة ، في المنفى و في الوطن كما "فدوى والعجوز "، لجنيه ، قبل أن تتناوش عناقيده الغربان ، ونحن مشغولون بالنزاع مع الناطور.