تقرير "الزول": شهادة زور
تقرير "الزول": شهادة زور ..
وجريمة تزوير في أوراق رسمية !!
محمد خليفة
[email protected]
المؤتمر الصحافي لوزير خارجية بشار الاسد كان احتفالا سريا بتقرير بعثة المراقبين العرب عن مهمتهم في نهاية شهرها الاول , لأن التقرير يحقق للنظام بعض المكاسب الديبلوماسية والاعلامية . الاطراء المتكرر من الوزير الهمام لصاحب التقرير الجنرال التعيس محمد مصطفى الدابي , شهادة على هذا , لا شهادة له , وحجة عليه لا حجة له . ولم نكن نحتاج لهذه القرينة القوية لإقامة الحجة عليه وإدانته برزمة جرائم .
أولها : تزوير وتزييف الحقائق والمعطيات على الارض لتمويه الجريمة وتضليل العدالة , وإبعاد الشبهة عن القاتل الحقيقي , وذلك بإصراره على وجود أطراف متعددة تقتتل وتستعمل السلاح , وهو ما يؤدي لتثبيت رواية النظام المسبقة عن وجود عصابات ومجموعات مقاتلة ضد الدولة والجيش والمواطنين , ثم يؤدي للمساواة في القتل والتخريب بين الاطراف , ويبرىء النظام من تهمة القتل العمد للمواطنين . ما قام به "الزول"
وهو رجل استخبارات حريّف ومتضلع , يشبه ما يقوم به الموطفون والمسؤلون الحكوميون عندما يرتكبون جرائم اختلاس أو تزوير , إذ يعمدون إلى محاولة إخفاء معالم الجريمة وطمس الاثار التي تدل عليهم .
ثانيا : الشهادة الكاذبة عن حسن سلوك النظام وتقديم صورة غير صحيحة عنه بإصراره على ان النظام سحب الاليات الحربية الثقيلة , وعن سلوكه الإجرامي تجاه المواطنين بإصراره على أن مستويات إطلاق النار والعنف والقتل انخفضت بشكل ملحوظ بعد وصول المراقبين , مع أن البيانات العينية تبين بوضوح ارتفاع عدد القتلى والشهداء والمصابين في نفس الفترة , وكذلك سلوكه الإجرامي تجاه المراقبين , إذ أخفى ولم يشر
أبدا لما تعرض له المراقبون من رقابة محكمة عليهم وعلى تحركاتهم ونشاطاتهم , وتهديدهم وابتزازهم حسب شهادة [شاهد من أهلها] وكذلك تجاه مندوبي وسائل الاعلام الاجنبية , إذ لم يشر لأي تضييق او اجراءات تحد من تحركاتهم المهنية , وأكد الزول أن السلطات كانت متجاوبة مع كل طلب منه لها في جميع المجالات . وسعى ايضا لتكذيب شهادات المراقبين المنشقين وإلتشكيك بهم وبصدقيتهم ودوافعهم . ومع أن التقرير لم يبرىء النظام تماما , لكن الوزير البليد كان سعيدا جدا به واعتره وثيقة رسمية مهمة , واعتبر ما
قام به الوزراء العرب الاخرون التفافا على التقرير .
ثالثا : جريمة استعمال مزور , إذ ان القانون السوري الجنائي يفرق بالطبع بين جريمتي التزوير واستعمال المزور , واستعمال المزور هنا هو تقديم التقرير إلى الجامعة العربية مليئا بهذا العدد من جرائم التحريف والتزوير , مع سبق الاصرار والتزوير خدمة غير مجانية لنظام بشار الاسد .
هذه أهم الجرائم المادية التي اقترفها الدابي في تقريره ,وفي دوره , والأهم منها الجريمة الأخلاقية والادبية التي لا يمكن حصرها وتحديدها بشكل محدد , وهي ناتجة عن انحيازه الظاهر إلى جانب النظام , على حساب الدم السوري الذي يهرق ويراق على مدار الليل والنهار منذ عشرة شهور ونيف , لكن الجنرال لم ير سوى طرفين متكافئين يتصارعان , بل قال إنه رأى مسلحين من المعارضة يقصفون القوات الحكومية دون سبب
وهي لا ترد عليهم . هذه الاقوال التي وردت في التقرير وتكررت في تصريحاته أثناء المؤتمر الصحافي , تجعل النظام السوري معتدى عليه , والشعب السوري وقواه المعارضة الثورية هو المعتدي الأثيم , وقد بلغ هذا الكذب المفضوح حدا استفز وزير الخارجية السعودية المخضرم سعود الفيصل فصرح فورا بعد جلسة الاستماع للتقرير بقوله حرفيا : إننا سنسحب مراقبينا لأننا لا نريد ان نكون شهود زور على ما يجري في سوريا من قتل منظم للشعب . وهذا ابلغ وصف لما قام به الدابي , فهو شهادة زور رسمية وجريمة تزوير في
أوراق رسمية .
ما يؤكد النية الجرمية لدى الطرفين , النظام القاتل والزول الكذاب , هو أن النظام الذي رفض بسرعة قياسية المبادرة العربية يوم الاحد , عاد بسرعة وفصل بين المبادرة المرفوضة ومهمة البعثة المراقبة , وأعلن بليد المعلم الترحيب بالمراقبين شهرا ثانيا , بل شهورا كثيرة كما يريد "الزول " !!
السوريون وبعض حلفائهم العرب لم يكونوا يريدون سوى استمرار مهمة المراقبة طويلة الأجل , لكي تستكمل في الواقع مهمة التضليل وتزوير الوقائع والبينات على الارض , وتقديم سلسلة من شهادات الزور تبييضا لوجه النظام , وتحسينا لسمعته وصورته .
هذه التطورات المهمة لا بد أن يكون لنا رد عليها في سياق الثورة وإطار المعارضة الوطنية . لا بد من التركيز على جوانب التزييف والكذب في تقرير الدابي , وتصريحاته . لا بد من حملة منسقة عليه , باعتباره شخصا مشبوها , والمهمة التي اسندت اليه لا يناسبها ولا تناسبه , وسجل خدمته في نظام الجنرال عمر البشير لا يشرف , رغم عدم ملاحقته من جانب المحكمة الدولية .
لا بد أن نرفض دور المراقبين بدون الموافقة على جميع عناصر المبادرتين القديمة والجديدة لأنهما متكاملتان ومتلازمتان , ولا معنى ابدا للمراقبة بدونهما , خصوصا بعد الشهادة الكاذبة للزول , وانسحاب المراقبين الخليجيين , ولا بد ان نطلب تحقيقا في صحة التقرير ودقة ما فيه من معلومات من خلال استجواب المراقبين انفسهم , ومواجهة الدابي والمنسحبين وخاصة انور مالك .
علينا جميعا كشعب سوري وقوى ثورية وقوى ميدانية , ومعارضة , أن نعلن رفضنا للبعثة في ظل الالتباسات والشروط والتشوهات التي شابت عملها وتشكيلها ومواقف رئيسها , ونعلن مقاطعتنا لها مقاطعة تامة ورفضنا المسبق لما سينتج عنها , وأن نحمل المسؤولية الادبية والجزائية للدابي بتهمة التورط والتواطؤ في جرائم النظام ضدنا , وتزييفه للحقائق .
لا يستطيع تقرير مزيف ولا شاهد زور ولا مراقبون ضعفاء وجبناء أن يغطوا على حقيقة ما يجري على أرض سوريا , لأن الحقيقة أنصع وأسطع من تقاريرهم وشهاداتهم الملوثة بالنفاق والرياء .