تناقضات حسن نصر الله
د. هشام الشامي
مركز الدراسات الإستراتيجية لدعم الثورة السورية
كتبت هذه المقالة بعد غزوة بيروت الشهيرة التي قاد فيها حسن نصر الله حزبه ضد المدنيين العزل في شوارع بيروت عام 2006 م ، و قبل انطلاق ثورة الكرامة في سورية . هذه الثورة المباركة التي دقت آخر مسمار في نعش مقاومة حسن و حزبه و أسقطت آخر أوراق التوت عن عورة السيد الطائفية المقيتة و حزبه الفارسي الصفوي ..
فإلى المقال :
(( تناقضات سياسة أبو هادي في زواريب دمشق وبيروت والرمادي))
السيد حسن نصر الله جاهد الصهاينة ودحرهم من جنوب لبنان في عام 2000م؛ وحقق نصراً عزيزاً عليهم طالما انتظرناه وحلمنا به واشتقنا إليه نحن الشعوب العربية المقهورة؛ إلى أن رأيناه حقيقة على يد رجال السيد حسن الأشداء واحتفلنا به جميعنا نحن العرب والمسلمون، لقد كان السيد حقاً أثناء قيادته للمقاومة الإسلامية ضد إسرائيل مثال القائد القدوة المتواضع الصامد الصابر المصابر المحتسب المرابط الذليل على المؤمنين العزيز على الصهاينة المعتدين؛ قدم ابنه الشاب هادي فداءً للحق فاسترجع واحتسبه شهيداً عند الله؛ كما احتسب كافة الشهداء الآخرين من أبنائه وإخوانه الذين سجّلوا بدمائهم أروع وأصدق قصص البطولة والفداء.
واستمر السيد حسن في نهجه المقاوم المشرِّف زاهداً عن الدخول في معترك السياسة اللبنانية ودهاليزها؛ وفاجأ شبابه الشجعان في تموز الماضي جنود الصهاينة داخل فلسطين المحتلة فقتلوا بعضاً منهم؛ وعادوا معززين بأسر آخرين.
وهللنا ثانية لهذا العمل البطولي ولما تبعه من صمود أسطوري في وجه أعتى آلة حرب صهيونية حاقدة؛ رغم كل التساؤلات والاستفهامات والتشكيكات عن توقيت هذا الهجوم وارتباطه بأجندة نظامي إيران النووية وسوريا المتوجسة من المحكمة الدولية؛ مع حزننا العميق لحجم الدمار وعظم المصاب الذي لحق بلبنان الوطن والمواطن.
وكانت هذه الحرب ((كارثة)) – بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى - رغم الصمود البطولي الأسطوري لرجال المقاومة؛ كارثة على لبنان شعباً ودولة؛ ولكن الكارثة الأكبر كانت بحق السيد حسن وحزبه المقاوم. لن نصور حجم الدمار والمصاب الذي ألحقه العدو الصهيوني الحاقد بلبنان؛ فقد تولت وسائل الإعلام نقله إلينا؛ رغم أن الحقيقة على الأرض أكبر من أن تستطيع الكاميرات نقلها كاملة؛ وسنحاول أن نقرأ في نتائج هذه الحرب على حزب الله أولاً لندلل لماذا اسميناها بالكارثة.
سنبدأ بالنتائج السلبية لهذه الحرب على حزب الله والتي قننها القرار 1701 الأممي:
1-لأول مرة يقبل حزب الله الذي كان يشكل القوة العسكرية الوحيدة في جنوب لبنان بدخول قوات الجيش اللبناني لمناطق الجنوب؛ وقد كان هذا مطلباً إسرائيليا منذ انسحاب جنود الاحتلال من الجنوب سنة 2000، لكن حزب الله كان يرفض هذا الانتشار للجيش اللبناني ويعتبره إلغاء لمشروعية المقاومة.
2- بل إن قرار الأمم المتحدة المذكور منع من تواجد أي مظاهر لبنانية عسكرية في الجنوب عدا الجيش اللبناني النظامي؛ وهذا يعني أن حزب الله الذي لم يقبل قبل هذه الحرب بمشاركة الجيش اللبناني لوجوده في الجنوب؛ أصبح الآن يقبل بوجود الجيش اللبناني وحيداً وبدون مسلحي الحزب جنوب الليطاني.
3- بل ذهب القرار أبعد من ذلك؛ عندما أقر بنشر قوات أجنبية متعددة؛ مهمتها منع الحزب من مقاومة إسرائيل؛ فكان أن انتشرت نتيجة هذه الحرب قوات فرنسية وإيطالية وألمانية وغربية وشرقية مهمتها الإشراف على تنفيذ القرار الأممي؛ ومنع تكرار أي هجوم لحزب الله على إسرائيل.
4- كما أفرزت تلك الحرب حصاراً أممياً (براً وبحراً وجواً) على لبنان لمنع الحزب من تجديد ترسانته الحربية وخاصة من الصواريخ؛ التي كانت تأتيه من إيران وعبر الممر السوري. وبذلك انقطعت إلى حد كبير طرق الإمداد الضرورية لاستمرار المقاومة.
5- حجم الدمار والخراب الواسع الذي حل بالبنية الأساسية للبنان؛ وخاصة في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية من بيروت؛ حيث مركز ثقل حزب الله وقاعدته الشعبية؛ ومقتل وإصابة الآلاف من اللبنانيين؛ وتهجير مئات الآلاف من منازلهم، وتأثير ذلك على الاقتصاد اللبناني عامة؛ سيدفع الكثيرين (وهذا ما حصل) من أتباع السيد ومناصريه للتساؤل المشروع: إلى متى سنبقى نحن الجبهة الوحيدة المفتوحة ضد إسرائيل؟. لماذا لم يساندنا الآخرون – ممن لديهم أرض محتلة - في الحرب؟. ماذا أغنت عنا عواطفهم ودعمهم الكلامي لنا؟. هذه التساؤلات ستؤدي مع الوقت لصدع بين الحزب وجماهيره (يحاول نصر الله أن يتقيه بإلهاء جماهيره بغزوة بيروت حاليا).
6- ازدياد الهوة بين الحزب ومعارضي سياسته الحربية خارج جماهيره من الشيعة؛ أولئك الذين يرفضون أن يبقى لبنان ساحة صراع مفتوحة بين قوى إقليمية لها أجندتها من جهة وإسرائيل وأمريكا من جهة أخرى، ويعارضون أن يبقى لبنان ورقة ضغط لقوى خارجية ترغب أن تحقق مكاسب ذاتية على حساب دمار لبنان ودماء اللبنانيين.
7- عدم تحقيق الحزب لأي من أهدافه المعلنة، والتي كان يتذرع بها للتمسك بسلاحه رغم نزع كافة أسلحة المليشيات اللبنانية الأخرى، وهي تحرير مزارع شبعا وفك أسر الأسرى اللبنانيين.
أمام هذه النتائج الكارثية لحرب الصيف الأخير والتي أنهت عملياً وللأسف الشديد حزب الله اللبناني كحزب مقاوم؛ لا نستطيع أن نغفل الجانب أو الجوانب الإيجابية لهذه الحرب؛ والتي أفرزها صمود مقاومي حزب الله الأسطوري على الأرض؛ ومنع الجيش الإسرائيلي (الذي لا يقهر) من تحقيق نصر عسكري ساحق ماحق لطالما هدد به وحققه في مواجهة جيوش عربية نظامية استهلكت ميزانية دول كبيرة كمصر وسوريا والأردن. وبالتالي أحيت الأمل من جديد بفعالية المقاومة وقدرتها على تحقيق النصر على الصهاينة.
هذا الصمود العظيم وهذه الشجاعة النادرة والبسالة الشديدة التي أبداها مقاومي حزب الله الأشداء جعلتنا نحن الشعوب العربية نتفاعل مع هذا الحزب ونشجعه وندعو له بالنصر والثبات؛ وأصبحنا ننظر إلى أمينه العام نظرة إكبار وإعجاب وإجلال واحترام وتبجيل.
ولكن هذه الهالة القدسية التي اكتسبها السيد حسن من مقاومة الصهاينة ما لبثت أن بدأت تتلاشى بعد الحرب؛ ولعلّها الخسارة الأكبر التي خسرها السيد حسن وحزبه في هذه الحرب؛ فبعد أن تفاعلت وتعاطفت معه الجماهير من المحيط إلى الخليج؛ بل على امتداد العالم الإسلامي - ورُفعت صوره وأعلام حزبه في أكثر من عاصمة عربية وإسلامية وحتى عالمية؛ وبدأت تنادي باسمه وتجد فيه أمل الأمة ورمز عزتها وعنفوانها؛ سرعان ما هدأت تلك العواطف الجياشة؛ وفترت تلك النفوس التواقة؛ وخاب رجاء الجماهير بالسيد حسن وحزبه...
لماذا حصل هذا التراجع؟؛ وكيف خسر السيد حسن جماهيره؟؛ وأين تلاشت الهالة العظيمة التي كنا نراها حوله تجلله في حله وترحاله؟
سلفاً نحن كنا نعلم أن السيد حسن إيراني الهوى؛ وهو لم يخف ذلك كما لم يخف علاقته الخاصة و المميزة بالنظام السوري؛ وكنا نلتمس له عذراً في هذه العلاقة المشبوهة رغم عدم ثقتنا بنظامي طهران ودمشق، والسبب أن محذورات هذه العلاقة لم نكن نراها تؤثر على أحد ما دام حزب الله يستخدمها في خدمة مشروعه المقاوم؛ الذي هو في النتيجة يصب في مصلحة الأمة، وحتى عندما ارتاب البعض بمواقف حزب الله المتناقضة من قضايا الأمة؛ وحتى عندما شكك البعض بأهداف حرب تموز الأخيرة؛ وأن أجندتها إيرانية سورية وليست لبنانية؛ كان صمود أبطال السيد حسن على الأرض لمدة ثلاث وثلاثين يوماً في وجه نخبة جيش الصهاينة يغطي على كل هذه الارتيابات؛ ويطغى على مجمل تلك الملاحظات.
أما عندما عكس البوصلة و وجه جيشه العرمرم الذي بناه على مدى عقود بدعم من سوريا وإيران من جهة الجنوب( على حدود إسرائيل ) إلى بيروت ليسقط الحكومة؛ ويسقط معها المحكمة الدولية التي ستحاكم المجرمين الذين اغتالوا الرئيس رفيق الحريري ورفاقه من معارضي نظام الوصاية السورية على لبنان؛ وإصراره على تخوين الحكومة التي وقفت معه وآزرته أثناء الحرب؛ وإصراره على الدفاع عن رقاب المجرمين في دمشق وفي ريف دمشق ( رستم غزالة )، وتمسكه بفرض آرائه وأفكاره على الآخرين، وتكبره وتجبره وطغيانه على أبناء وطنه الذين وقفوا معه وساندوه وحموه، ومحاولة استثماره لنتائج الحرب من رفاقه في الوطن بعد أن فشل في استثمارها مع عدونا الصهيوني جعلتنا نراجع كل مواقفنا السابقة واللاحقة من هذا الحزب المقاوم، وكأن صموده في حرب تموز أسكرنا؛ ونزوله إلى شوارع بيروت أذهب السكرة وأعاد الفكرة.
لا شك أن لحزب الله أجندته الخاصة من غزوة بيروت الشعوبية؛ ولكن أجندة نظام الإجرام في الشام؛ ونظام الملالي في خراسان طغت وزكمت روائحها النتنة الأنوف.
حتى أجندة حزب الله لم تعد كما كنا نراها أجندة مقاومة شريفة مضحية زاهدة في شؤون الدنيا والسياسة؛ بل على العكس تماماً؛ فالسيد حسن شعر بحجم الكارثة التي أوقع حزبه بها؛ أو وهو الأغلب دُفع لها دفعاً؛ وأعترف أنه لم يقدّر حجم الكارثة قبل وقوعها، فعوضاً أن يعالج المشكلة التي أوقع بها حزبه ووطنه بحكمته المعتادة؛ عالج خطأه بخطأ جديد؛ ليغطي على خسارته السياسية أمام العدو بعد حرب الصيف بمحاولة إحراز نصر على حكومة سبق أن شهد لها بالوطنية وشاركها جميع قراراتها السابقة منذ تشكيلها وحتى انسحاب وزرائه - المباشرين والغير مباشرين – منها عشية طرح مشروع المحكمة الدولية التي ستحاكم قاتلي الحريري على المجلس. ولأنه فشل من استثمار صمود رجاله أمام العدو سياسياً؛ حاول أن يستثمره داخلياً؛ ليبرر لأتباعه وشيعته المتضررين أنه حقق لهم شيئاً بعد كل هذا الدمار والخراب؛ أما رجاله الذين لم يعد لهم عمل بعد أن أنهت نتائج الحرب مقاومتهم لإسرائيل؛ فيجب إلهاؤهم بعمل جديد ينشغلون به عن طرح تساؤلاتهم عن نتائج الحرب؛ وماذا حققت لهم من مكاسب كانوا يقاتلون ويدفعون أرواحهم من أجلها؟
و النتيجة أن السيد حسن انحرفت بوصلته 180 درجة؛ فطاش سهمه؛ وهذا ما يعرفه هو نفسه قبل غيره، فنحن نشهد له بالفطنة والذكاء وسرعة البديهة؛ ودليلنا على ذلك بعد كل ما سبق هو خطابه الأخير الذي بدا فيه لأول مرة مهزوزاً وفاقد الثقة ومنعدم التركيز.
أما إيران فلم تخف أجندتها؛ وخرج الولي الفقيه أية الله خامنئي ليقول: أنه سيهزم أمريكا في لبنان، بعد أن ورطها في مستنقات العراق الأسنة، وغرّزت في رمال أفغانستان المتحركة. فخامنئي والآيات الملالي يأخذون من فم أبناء شعب إيران ليسخوا وينفقوا على رأس حربتهم - حزب الله - في صراعهم مع أمريكا وإسرائيل اللتين تعارضان حصول إيران على السلاح النووي لتبقى إسرائيل الدولة النووية الوحيدة في المنطقة.
وباختصار: يريد نظام الملالي في طهران أن يقول لأمريكا والغرب وإسرائيل: هذه فرصتنا – وربما لن تتكرر – في حصولنا على السلاح النووي؛ بعد أن ساعدناكم في أفغانستان والعراق؛ وقاتلتم عنا هناك؛ فأسقطتم عدونا الأيديولوجي نظام طالبان؛ ثم عدونا التاريخي نظام صدام؛ وسلمتمونا العراق على طبق من ذهب؛ وكنتم قبل ذلك قد ساعدتم بتفكك الاتحاد السوفيتي على حدودنا الشمالية؛ وبذلك أمنتم لنا حدودنا الشمالية والشرقية والغربية؛ وتمددنا عبر العراق وسوريا إلى لبنان؛ لنصبح مع صنيعتنا حزب الله على حدود إسرائيل؛ والآن أصبح بإمكاننا أن نهدد قواتكم المنتشرة في جوارنا بشكل مباشر (في الخليج وأفغانستان والعراق) أو بشكل غير مباشر (عبر تنظيماتنا الشيعية في العراق)؛ كما بإمكاننا تهديد صنيعتكم إسرائيل عبر رأس حربتنا في لبنان حزب الله. فما عليكم إلا الإقرار بالأمر الواقع والاعتراف بنا كدولة عظمى في المنطقة، ومفاوضتنا على هذا الأساس لنتقاسم معكم مناطق النفوذ في المنطقة.
أما نظام الأسد فأجندته واضحة جلية لا تخفى على ذي بصيرة؛ فهو وقبل كل شيء وفي رأس أولويّاته يريد إسقاط المحكمة الدولية التي ستنظر في جريمة الحريري ورفاقه بأي ثمن قبل أن تصل مقصلتها لرقبته وتهدد وجوده؛ ويريد أن ينفذ وعده بتدمير لبنان على رؤوس أهله إذا ما أخرجوه منه ومنعوه من حلب تلك البقرة الحلوب بعد أن اعتاد وأدمن على شرب حليبها الدسم على مدى عقدين؛ ويريد أن يثبت للعالم أنه ما زال يملك أوراق وأدوات يستطيع أن يشاغب بها إذا ما تم عزله وتجاهله في سياسة المنطقة؛ ويريد أن تبقى جبهة لبنان مفتوحة كورقة ضغط على إسرائيل ما دام هو نفسه من تكفّل بحراسة جبهة الجولان السورية من أي إزعاج للإسرائيليين؛ ويريد أيضاً أن يستمر بخداع بعض قصيري النظر والذين يطربون لأصوات المطبلين والمزمرين من أهل الخطب الحماسية التي ليس لها رصيد من أنه ما زال نظام الممانعة والصمود والتصدي في المنطقة والذي يدعم حماس وحزب الله ويمنع في الوقت نفسه أي مخلوق من الاقتراب أو حتى التفكير بالاقتراب من حدود الجولان المحتل.
ولا نرى أي سبب آخر يستطيع السيد حسن أن يقنعنا به بمشروعية غزوته البيروتية الشعوبية الفاشلة.
أما الآن وبعد أن تورط السيد حسن في زواريب بيروت التي فعلت بالسيد – وبغيره - كما فعلت المليحة ذات الحجاب الأسود بالناسك المتعبد المشمر ثيابه للصلاة عندما وقفت له في باب المسجد، وبعد أن أصبحنا نراه على حقيقته البشرية وبدون الهالة المقدسة التي كنا نراه بها؛ وأصبح في أعيننا بشراً غير معصوم يُخطئ ويصيب؛ وأصبح من حقنا أن نسأل تساؤلات كثيرة عن سياسة السيد التي كانت هالته القدسية تحجب أبصارنا وبصيرتنا عنها:
- يا سيد حسن ما معنى هذا الدفاع المستميت عن المجرمين الذين اغتالوا وفجروا البشر في بلدك لبنان؟. وأنت تعرف أكثر من كل البشر حجم وعدد جرائمهم.
- يا سيد حسن ما معنى مسيرة الشكر والعرفان لآل الأسد في سوريا؟. وهم الذين نهبوا لبنان وقتلوا أحرارها واغتصبوا الحرائر وفرقوا وفتنوا بين أهل البلد الواحد وجعلوا لبنان حديقة خلفية لهم استباحوا أهلها وبنوكها وكل شيء فيها.
- يا سيد حسن؛ هل تعلم بعدد الأسرى اللبنانيين في السجون السورية؟’ وهل تعلم كم فقد من اللبنانيين هناك، وكم هو عدد السجناء السورين في السجون البعثية؟، وكم عدد الأسرى الفلسطينيين والعرب فيها؟، وهل يمكن مقارنتهم بعدد الأسرى اللبنانيين في سجون الاحتلال الغاشم.
- يا سيد حسن؛ ما معنى أن تختصر سوريا الحضارة والتاريخ والأمجاد بآل الأسد؛ فتقول سوريا الأسد؛ وأنت تعلم ماذا فعل آل الأسد بسوريا؛ وكم قتلوا من أبنائها واستباحوا مدنها وأحرارها وسجنوا وعذبوا واضطهدوا وهدموا المساجد والكنائس ونهبوا ثروات الوطن وجيّروها لحساباتهم الخاصة.
- يا سيد حسن؛ هل سمعت بقانون رقم 49 في سوريا؟، والذي يحكم بالإعدام لمجرد الانتماء لتنظيم سياسي أو فكري، والذي لا يوجد له مثيل أو شبيه في دول العالم، وهل تعلم كم صفّي اعتماداً على هذا القانون الإجرامي من بشر؟
- يا سيد حسن؛ ما معنى أن تخون الرئيس السنيورة الذي رفض أن يجلس مع الإسرائيليين رغم دعواتهم المتكررة له، ورفض أن يوقع أي معاهدة سلام مع الصهاينة، وقالها على رؤوس الأشهاد: لبنان آخر بلد عربي سيوقع صلحاً مع الصهاينة؛ وتجعل من بائع الجولان بطلاً؛ ومن وريث ملكه الذي يتوسل إسرائيل ليل نهار أن ترضى عنه وتجربه وتحاول أن تفتح معه صفحة جديدة، وكذلك ما فتئ يتوسل أمريكا وهو مستعد أن يفعل كل شيء من أجل الصهاينة والأمريكان – حتى أن يبيعك كما باع غيرك – وهو لم يكتف بالكلام بل أفشل عدة محاولات لضرب المصالح الصهيونية والأمريكية ومد يده الذليلة لتصافح الرئيس الصهيوني، وبعد ذلك تعتبره بطل الأبطال ورمز الصمود وهو لم يطلق طلقة واحدة من أجل تحرير أرضه المحتلة، فكيف تناقض نفسك وضميرك بهذا الشكل المفضوح؟
- يا سيد حسن؛ هل للسوريين أرض محتلة؟. ستقول: نعم، سأقول: ماذا فعلوا من أجل تحريرها؟. ستقول كما قال الأسد: هذا تقصير منكم أنتم أيها الشعب السوري لأنكم لم تأسسوا مقاومة كما فعلنا نحن في لبنان؟. سأقول لك: هل سمح الأسد الأب والابن (وروح القدس المخابراتية) بتأسيس مقاومة؛ وهل تدري ماذا يفعلون بمن يحاول أن يفكر بتأسيس عمل مقاوم؟، وحتى في لبنان؛ هل سمحوا لغيرك بتأسيس مقاومة أو حمل سلاح؟، لو كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم.
- يا سيد حسن، ألم يعلن الرئيس الإيراني السابق خاتمي – وغيره من زعماء فارس - وعلى رؤوس الأشهاد أنه لولا إيران لم تستطع أمريكا دخول أفغانستان والعراق؟، ألم تسمع أكثر من مسؤول إيراني يتبجح بمساندة الأمريكان؟، ألم تقف التنظيمات العراقية صاحبة الهوى الإيراني ولم تزل مع أمريكا؟، فهي التي دعته لاحتلال العراق، وهي التي ترفض أن يخرج من العراق، كما صرح الحكيم والجلبي وباقي الشلة الإيرانية في العراق بذلك، ألم تسمع بفتاوى الآيات بمنع محاربة الأمريكان في العراق؟، لكننا لم نسمع أي نقد منك لأولئك الإيرانيين العراقيين، فهل مقاتلة أمريكا وإسرائيل حلال في لبنان وحرام في العراق وسوريا؟.
- يا سيد حسن ن ألم تسمع بجرائم العصابات الإيرانية في العراق؟، ألم تسمع بسجون المخابرات الإيرانية هناك؟، ألم تسمع بوسائل التعذيب التي فاقت كل تصور؟، ألم تسمع بالمثقاب الكهربائي الذي يحفر الجماجم؟، ألم تسمع باغتصاب النساء قبل قتلهن وحرقهن من قبل عصابات غدر وجيش المهدي؟، ألم تسمع بتمزيق المصاحف وهدم المساجد وحرق مرتاديها؟، ألم يعترف العديد من أفراد عصابات بدر أنهم تدربوا في إيران ويتلقون تعليماتهم من المخابرات الصفوية؟، ألم يعترف الكثير من عناصر جيش المهدي أنهم تدربوا في لبنان على يد رجالك الأشداء؟، أم أنك ترى أن كل ذلك مباح لأن أهل السنة هم نواصب وأعداء لأهل البيت الكرام ...
- ألم تسمع بعرب الأهواز الذين يذبحون في إيران لا لشيء إلا لأنهم يطالبون بحقوقهم المشروعة؟، ألم تسمع بالتمييز الحاقد على أهل السنة في إيران؟ حيث لا يحق لهم أن ينشئوا مساجداً لهم رغم أنهم يشكلون نسبة تصل إلى ثلث السكان، وهم في طهران وحدها أكثر عدداً من شيعة لبنان كلها، لكنهم مضطهدون ومظلومون ومحرمون من كل حقوقهم المشروعة.
تساؤلات عديدة تراودني و لم أجد لها جواباً عندك يا سيد، وتناقضات مريبة لا يرضى عنها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الذي أتشرف وتتشرف بالانتساب إليه، ولا يرضى بها دينه القويم، وإلى أن تقنعني فعلاً لا قولاً بغير ما أرى، ستظل في نظري أحد جنود نجاد الصفويّين الذين يريدون اختراق قلوبنا وعقولنا بدعوى رمي إسرائيل في بحر الأوهام الساسانيّة!!؟؟ ..