هزيمة الإسلام في موريتانيا
علي الصراف
مروّع ما يفعله الموريتانيون.
مثلهم مثل الدواعش الذين يرقصون حول جثث الناس، فقد رقصوا وزغردوا وتظاهروا واحتفلوا بالحكم الجائر الذي صدر بحق رجل، قيل انه "أساء الى الرسول".
محمد الشيخ ولد امخيطير كتب مقالا قبل عام ينتقد فيه التمييز في الأحكام بين البشر في عهد الرسول. والخطأ الذي وقع فيه ولد امخيطير هو نفسه الخطأ الذي نقرأ فيه نحن الإسلام كله: التعميم حيث يستوجب التخصيص، والتخصيص حيث يستوجب التعميم. ذلك لأننا نادرا ما تعلمنا كيف نقرأ القرآن والسيرة النيوية الشريفة قراءة عقلانية، تقتفي أثر الدوافع والأسباب المحددة بكل حالة على حدة، قبل أن ننظر في ما إذا كانت مصدرا قمينا بانتاج قيم، وقبل أن ننظر في ما إذا كانت تلك القيم نفسها عابرة، متغيرة، أو جديرة بالخلود.
الصدق والأمانة والشجاعة والكرم والإيثار، مثلا، قيم جديرة بالخلود، ولكن ليس بالضرورة الزواج من قاصرات. فهذا شيء وذلك شيء آخر. القيم الأولى خالدة، أما الثانية فجدير النظر اليها باحترام في بيئتها وزمانها فحسب.
ولد اميخيطر أدرك الخطأ، وأعلن، جهارا نهارا توبته عنه. ومع ذلك فقد حكمت محكمة الدواعش في مدينة نواذيبو (شمال موريتانيا) بإعدامه، وابتهج الدواعش من الناس وخرجوا يحتفلون ويغردون ويرقصون.
ولعله أساء للرسول بالفعل. ولكن، لو كان الرسول صلى الله عليه وسلم أعدم كل الذين أساوا اليه، لما بقيت قريش!
وثمة مَنْ أسأوا وأجرموا بالقول والفعل بحق الرسول والإسلام، فأصبحوا، بفضل الرحمة والمغفرة، من خيرة المسلمين.
لقد أهين الرسول وشُتم وضُرب بالحجارة حتى أشفق عليه المشركون أنفسهم، ولكنه لم يطلب الإعدام لكل من أهانوه أو آذوه وهددوه وشردوه وجوعوه.
وثمة من الآيات البيّنات، في العفو والتوبة، وفي الرحمة والمغفرة، ومثلها في سنة الرسول الكريم، ما يمكن أن يشكل نصف الإسلام أو أكثر.
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم "التائب من الذنب كمن لا ذنب له"، ويقول "كل ابن آدم خطّاء، وخير الخطّائين التوابون".
وقبل إعدام مخطئ بحق الإسلام، أفلا يحسن بالمسلمين أن ينظروا الى خطايا العبودية والتهميش والفقر والحرمان وإنعدام المساواة، فلا يرمون بها إسلامهم ولا ينسبونها إليه؟
ألا يجدر بهم أن يعدموا هذه الخطايا أولا؟
ألا يرون أنها تسيئ الى الإسلام أكثر بكثير؟
أم أنهم لا يرون؟
أم تراهم عن باقي المظالم في الناس "صم بكم عمي فهم لا يعقلون"؟
لقد انتصر الإسلام (يومها) بالمثل الحسن؛ بالعدل والإحسان؛ بمكارم الأخلاق، بالعفو عند المقدرة، لا بالرقص حول الجثث!
ولا يفعل دواعش المجتمع في موريتانيا، في يومنا هذا، سوى أنهم يهزموه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كاتب وصحافي ومدير دار "إي-كتب"