كلمة في طلب الحماية الدولية
من جانب الهيئة العامة للثورة السورية
خطوة بالغة الأهمية على طريق نقلة حاسمة في مسار الثورة
أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية، كبرى التشكيلات القيادية للثورة ميدانيا وإعلاميا، عن مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء 27/9/2011م في واشنطون تمهيدا للتقدم بطلب لمجلس الأمن الدولي بحماية المدنيين. ودون استباق ما سيتم إعلانه في البيان الصحفي، وما هي فحوى الطلب الموجه لمجلس الأمن الدولي، ومع الإشارة إلى ما نشر من تعليقات في مواقع شبكية مختلفة بما في ذلك موقع الهيئة، ينبغي تأكيد عدد من المعلومات والحقائق المبدئية:
1- من يطلع على واقع الهيئة، وإنجازاتها داخل سورية، ومواقفها الصادرة عنها حتى الآن، وتواصلها مع مختلف الأطراف في نطاق الثورة الشعبية في سورية ومن يسعى لدعمها والسعي لتحقيق أهدافها، يعلم أنّها تنطلق من إن إسقاط النظام الاستبدادي المتهالك في سورية، هو الهدف الأول الذي لا مساومة عليه، وأنه هدف لا يتحقق إلا عن طريق شعب سورية الثائر، وجميع الجهود الأخرى تصبّ في دعم هذا الهدف، إيجابيا ما دامت تنطلق من أرضية مشروعية الثورة، وسلبيا في حالة التنازع على ذلك بغض النظر عن النوايا والتوجهات.
2- سبق أن أعلنت الهيئة العامة للثورة السورية، أنّ مطلب "الحماية المدنية" الذي انطلق من الجماهير الشعبية الثائرة ردّا على بلوغ درجة الإجرام القمعي من الهمجية حدّا غير مسبوق في سورية ولا سواها، هو مطلب لا يعني التخلّي عن رفض التدخل العسكري الأجنبي، إنّما ينطوي على ضرورة حصار بقايا النظام وسدّ المنافذ التي تعتمد عليها، إقليميا ودوليا، في استمرار الحفاظ على قدرتها لممارسة القمع الهمجي وتصعيده.
3- رصدت الهيئة كسواها أن ما وصلت إليه الثورة الشعبية في ليبيا رغم ملابسات التدخل العسكري جوا دون إنزال قوات برية، تدفع قطاعات شعبية ثائرة في سورية للدعوة إلى حظر جوي مشروط، لا سيما وأن ازدياد انضمام العسكريين الشرفاء، من ضباط وجنود، إلى الثورة، يضاعف احتمال اعتماد النظام القمعي على الطائرات العسكرية، وقد بدأ فعلا في استخدام المروحيات المقاتلة، وفي خرق جدار الصوت بالمقاتلات الحربية، بينما لم يعد مستبعدا أن تنهار البنية الهيكلية للقمع داخليا، نتيجة الدور الذي تقوم به أو يمكن أن تقوم به مجموعات الضباط والجنود الشرفاء أداء لواجب الدفاع عن الشعب، وهو الواجب الأصلي للجيش الوطني السوري.
4- لا يخفى وجود توافق كبير بين فعاليات ثورية سورية، ومعارضة سياسية تقليدية، على مطلب تحويل مرتكبي الجرائم ضد الإنسانية في سورية للمحكمة الجنائية الدولية، رغم الشبهات المرتبطة بها، ومحورها تمكين مجلس الأمن الدولي، وبالتالي الدول الدائمة العضوية فيه، أن تستخدم المحكمة تجاه مرتكبي مثل تلك الجرائم، خارج نطاق الدول الخمس الدائمة العضوية تحديدا، وهو ما لا يزال يمثل إساءة لسمعة المحكمة الجنائية الدولية، لن يزول إلا بإصلاح حقيقي للمنظومة الدولية للأمم المتحدة نفسها.
5- الأصل في مقاضاة المسؤولين المجرمين أن تكون داخل سورية بعد إسقاط النظام القمعي الاستبدادي، ويثبّت ميثاق المحكمة الجنائية الدولية، أنّ لذلك الأولوية، فإن لم يتحقق تأتي الخطوة التالية وهي أن يوكل الأمر إلى المحكمة الجنائية الدولية.
6- إن التحرك الذي تقدم عليه الهيئة العامة للثورة السورية، لا يكتمل إلا بالخطوات التالية المنتظرة منها، لتثبيت الرؤية السياسية المنبثقة عن المشروعية الثورية، والتي تعتبر هي الأرضية التي لا بد أن ينطلق منها أي مشروع سياسي لمستقبل سورية.
. . .
لا ريب أنّ هذه الخطوة من جانب الهيئة العامة، لا تظهر أهميتها الكبيرة للعيان إلا من خلال وضعها في الإطار الأشمل للمرحلة الراهنة في مسار الثورة الشعبية في سورية، وفي هذا الإطار ورد لكاتب هذه السطور سؤال عن العوامل التي تلعب دورها في التأثير على هذا المسار حاليا، وكانت إجابته على ذلك من خلال النقاط التالية:
العامل الأول: الشعب الذي صنع الثورة، ولا يبدو أنه سيتراجع قبل إسقاط النظام، فلن يقبل بأنصاف الحلول أو ما يسمى حلول وسطية، والسؤال هو: كم يبلغ حجم التضحيات.
العامل الثاني: القيادات الميدانية، وهي مستهدفة أكثر من سواها، ولا يزال الثوار قادرين على التعويض عن الخسارة بأعداد مضاعفة، والسؤال: ما هي قدرة هذه القيادات على التواصل والتنسيق رغم الظروف المعيقة القاهرة، وما هي قدرتها على بلورة الرؤى السياسية للشعب الثائر في صياغات تفرض نفسها محليا وإقليميا ودوليا فلا يمكن تجاوزها.
العامل الثالث: المعارضة السياسية التقليدية، وضرورة ارتفاعها إلى مستوى الثورة، والآن فقط بدأت تظهر مؤشرات في هذا الاتجاه، وهو ما يشهد عليه تأسيس المجلس الوطني السوري، وازدياد مؤشرات اكتماله والإعلان عن تأييده من جانب أطراف عديدة في الساحة السورية، والسؤال: كم سيستغرق وصول المعارضة إلى توحيد كلمتها على الكليات الكبرى التي تمثل قواسم مشتركة، وتأجيل الاختلافات إلى مرحلة التنافس المشروع بعد إسقاط النظام وإرساء دعائم الدولة الجديدة، مع ضرورة تلاحمها مع الثورة على أساس المشروعية الثورية، وتجنبها الحلول الوسطية مع قوى أجنبية لها مآربها الذاتية.
العامل الرابع: القوى الإقليمية والدولية، ومتى تنتقل من مرحلة التخلي عن النظام كلاميا الى مرحلة استكمال حصاره بمقاطعة اقتصادية وتجارية ومالية وعسكرية (توريد السلاح) وديبلوماسية، ومن شأن ذلك أن يضاعف سرعة الانهيار الداخلي لبنية النظام الهيكلية (الأمنية القمعية والمالية والعسكرية).
العامل الخامس: احتمالات التدخل العسكري الأجنبي، والسؤال هل يقع.. وكيف.. ومن يشارك فيه، وإن وقع -وهذا ما يحمل النظام القمعي وحده.. المسؤولية عنه- فسيكون مرتبطا بمآرب من يشارك فيه، مما يؤثر على توجهات الثورة، ولا يمكن مسبقا التنبؤ بما يعنيه ذلك على ارض الواقع وإلى أين ينتهي، مع استمرار الاعتقاد بأن الثورة لن تتوقف زمنيا إلا بعد الوصول إلى كامل أهدافها.. ولو بعد حين.
جميع العوامل السابقة ترتبط ببعضها بعضا، وجميعها رؤية ذاتية.. تتكامل من خلال الاطلاع على رؤى أخرى من جانب المخلصين لثورة سورية.