عشر سنوات ضارية
الحادي عشر من سبتمبر-2001
بسام الهلسه
[email protected]
عشر سنوات ضارية مرَّت على هجمات الحادي عشر من سبتمبر-أيلول- 2001 وما تلاها مما سُمِّي "بالحرب العالمية على الإرهاب" التي أطلقها الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، الأبن، مُمنياً نفسه وجماعة المحافظين الجدد، بإخضاع العالم وبسط السيادة الأميركية عليه، وجعل القرن الحادي والعشرين قرناً خالصاً لملكية الولايات المتحدة الأميركية الحصرية.
الحصيلة واضحة اليوم: خسر العرب والأفغان. وخسر شعب ودولة الولايات المتحدة. أما من ربح، فهو "إسرائيل"، وشركات السلاح والنفط الأميركية، وإيران.
- هل كانت الحرب، وغزو الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق، خياراً اضطرارياً لا مناص منه؟
- خافِتة، ومترددة، هي الأصوات التي تقر بهذا الرأي علناً اليوم. ويعترف كثيرون من الذين يؤيدون الحرب على "الإرهاب" في أميركا، بأنه كان يمكن خوضها بوسائل اُخرى أكثر نجاعة وأمناً، وأقل كلفة. وبالطبع، هم غير مبالين بما حلَّ بالعراقيين والأفغان، فليس مما يعني الفيل- وبخاصة إن كان هائجاً- أن ينشغل بما تدوسه أقدامه في طريق سيره واندفاعه!
أميركا خسرت شعباً ودولة، وهي ما زالت تتخبط حتى الآن في أفغانستان، عاجزة عن إحراز نصر، وتائهة في إيجاد مخرج لائق.
أما في العراق، فبرغم الهدوء النسبي، فإنها تعرف أن بقاء قسم من قواتها هناك- حسبما ترغب وتريد- هو أمر مرهون بإرادة المقاومة العراقية من جهة، وبموافقة ورضا إيران من جهة ثانية. وهذا يعني أن المكاسب التي طمحت أميركا إلى الظفر بها عندما شنت الحرب، تحولت إلى مصائب طالت سمعتها ومكانتها ودورها في العالم، وقدرة جيشها القتالية، وعشرات الآلاف من رجالها ونسائها القتلى والجرحى والمضطربين، ومئات المئات من المليارت من أموال خزينتها التي
تواجه أزمة عجزٍ كما تبدَّى في الشهر الماضي في حكاية سداد الديون.
ويكفي أن نقارن بين سلوك أميركا قبل ثماني سنوات، عندما تحدَّت قيادتها العالم بصلفٍ وقررت غزو العراق منفردة، وسلوكها اليوم حيث تتقنع بالحرص على الشرعية والمؤسسات الدولية، وتدعو دول حلف النيتو- وشركاء آخرين- للعمل. وهذا يعني بوضوح أن أوهامها المُحلقة بالهيمنة المنفردة على العالم، قد ارتطمت بالحقائق القاسية على الأرض. ومع أزمتها المالية والاقتصادية المرشحة للتفاقم، سيكون عليها أن تستعد لأوقات عصيبة قادمة تواجه فيها أسئلة شعبها،
وانتظاراته التي ستعلن عن نفسها بهذا الشكل أو ذاك.
ربحت شركات السلاح والنفط الأميركية، كما سبق القول، ولن يكون من مصلحتها تراجعُ أميركا أو حتى ترددها. وستفكر بطرقٍ جديدة، للتحايل على الشعب الأميركي للاستحواذ على النصيب الأكبر من ميزانية دولته، وعلى شعوب العالم للسطو على ثروته. والأكيد أن خيال مُخططيها لا ينضب، وستجد الوسائل لإختلاق أعداء لأميركا، وإفتعال أزمات وفتن في الكرة الأرضية.
وربحت "إسرائيل" بخلاصها من عدو لدود، هو العراق، الذي كان يشكل رصيدا قوياً وعمقاً استراتيجياً عربياً في الجبهة الشرقية.
الرابح الأكبر، في المنطقة، كان إيران. فقد جاءتها الغنائم تسعى دونما جهدٍ سوى جاهزيتها العالية لإقتناص الفرص. فكانت أشبه حالاً بالعشيق- أو العشيقة- في الكوميديا الفرنسية، الذي يظهر على المسرح عند إختلاف الزوجين!