الثورة السورية تجاوزت مرحلة الخطر

وعلى العالم أن يعيد حساباته

م. عبد الله زيزان

[email protected]

حين كان المواطن السوري يتابع بلهف الأحداث في تونس ومن ثم في مصر وبعدها في كل من اليمن وليبيا، كان يشعر بخيبة أمل لصعوبة حدوث مثل هذه الثورات في وطنه المغمور بالقهر والظلم...

فالظلم وصل في سورية لمراحل متقدمة جداً يصعب معها على المواطن أن يفكر مجرد تفكير في أن يثور على جلاديه...

وعندما بدأت الأحداث من درعا كان الخوف مسيطراً على هذه الثورة الوليدة، فعلامات ديمومتها لم تكن واضحة، لا بل كانت علامات وأدها أكثر وضوحاً، فمن جهة كان جدار الخوف عالياً جداً وصعب الاختراق، ومن جهة أخرى كان النظام يتعامل بشيء من الحكمة حين عزل محافظ درعا وبعدها محافظ حمص وقام ببعض الإصلاحات البسيطة والشكلية، فهذه الإصلاحات رغم محدوديتها إلا أنها كادت أن تسحب البساط عن الثورة...

وفي كل خطوة كان يقوم فيها النظام بتقديم تنازل كانت علامات وأد الثورة تزداد وعلامات ديمومتها تقل... وجاء خطاب الأسد الأول ليتوج المخاوف على الثورة من أن تنتهي ببضع وعود أو قرارات، فكان من الأسد ما كان، وتحول خطابه إلى دعامة قوية لهذه الثورة ووقوداً لها باستهتاره بما جرى على أرض سورية...

حينها زالت مرحلة الخطر الأولى على الثورة، وبات الجميع على يقين أن الشعب لم يعد ينطلي عليه ألاعيب النظام ووعوده، وكان الإجماع على هذا بداية القوة للثورة السورية المباركة...

لكن الخطر تجدد مرة أخرى حين استخدم النظام الآلة القمعية الرهيبة، واستعان بخبرات الآلة القمعية الإيرانية... حينها كان الشعور المخيم أن هذه الوحشية ستخيف الثوار في الشارع وستدفعهم لإعادة حساباتهم، لكن الشعب السوري أثبت من جديد أنه شعب حي وأنه لم يعد يطيق استنشاق غير الحرية...

الآن وبعد أن استخدم النظام كل أوراقه، من قتل واعتقال وتعذيب لم يسلم منه حتى الأطفال، بات من السهل الحكم على الثورة السورية أنها قد تجاوزت مرحلة الخطر... وأن النصر الآن مسألة وقت فحسب...

هذه النتيجة أدركها الشباب في الداخل والخارج... وأكدها استخدام النظام السوري لآخر أوراقه الدولية وهي قضية الجولان المحتل، فلعبه على هذه الورقة يوضح مدى إفلاسه الداخلي بمحاولته تصدير أزمته للخارج وإيصال رسالة قوية أن الفوضى هي البديل الوحيد لنظامه، والحق خلاف ذلك تماماً...

لكنّ كثيراً من الدول والأنظمة لم تصل بعد إلى هذه النتيجة أو أنها تحاول التعامي عنها حرصاً منها على بقاء الوضع في سورية كما هو منذ أربعين عاماً...

إن تأخر الدول العربية والغربية في وصولهم إلى هذا الاستنتاج سيكلفهم الكثير... فالشعب السوري الآن يفرز الأصدقاء عن الأعداء... فمن يقف في صف النظام ويدعمه فعليه أن يستعجل بمراجعة حساباته حتى لا يصنف ضمن الأعداء... ونخص بالذكر كلاً من روسيا والصين، حيث عودونا بطأً في تغيير مواقفهم... وهذا البطء سينعكس عليهم سلباً في المستقبل من حيث العلاقات الدبلوماسية والتجارية... فالحديث الآن عن ما بعد نظام الأسد... وعن خريطة العلاقات المستقبلية...

وكذلك تلك الدول التي تقف على الحياد وتنتظر رجوح إحدى كفتي الصراع عليها أن تحسم أمرها وتسحب الشرعية عن النظام الحالي، فإن الشعب السوري لن ينسى أي موقف معه كان أم ضده...

والموقف الايجابي مرتبط بالزمن أيضا، فلا معنى لوقوف دولة ما إلى جانب الشعب السوري قبيل السقوط المرتقب بقليل...

فكل يوم يزداد فيه نزيف الدم السوري يخسر المبطئون رصيدهم عند الشعب وبالتالي عند الحكومة الديمقراطية الجديدة التي سترى النور حال سقط النظام الحالي...