النظام الإيراني يرضع تنظيم القاعدة حتى الإشباع 1
النظام الإيراني يرضع
تنظيم القاعدة حتى الإشباع 1
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي
تعريف الإرهاب لا يزال يمثل إشكالية من الصعب حلها في ضوء إخفاق الشرعية الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة وخبراء القانون الدولي من حصره في حدود ضيقة على الخارطة الدولية. رغم ان الأمم المتحدة أكدت في ميثاقها وصكوكها الدولية على ضرورة إتخاذ التدابير اللازمة لحفظ الأمن والسلام ووضع حد للإرهاب الدولي الذي يعصف بحياة الناس ويفني قاعدة الحريات من أساسها. ورغم فشلها في تعريف الإرهاب لكنها تمكنت من تحديد أوصافة وأشكاله بصورة وافية يمكن الإستدلال عليه بسهولة. وربما التعريف الفرنسي أقرب من غيره لواقع الإرهاب فهو" خرق للقانون، يقدم عليه فرد من الأفراد، أو تنظيم جماعي بهدف إثارة اضطراب خطير في النظام العام عن طريق التهديد بالترهيب" لكن التعريف يمكن أن يسري على أية جريمة أخرى.
ومن المعروف إن الولايات المتحدة إنفردت بتفسيرها الأحادي المعنى للإرهاب بالشكل الذي يتوافق مع رؤيتها ومصالحها السياسية فقط. فهو وفقا لقانونها( U.S Code Section 2656f"d ) يمثل" العنف المتعمد المدفوع بعوامل سياسية والمرتكب ضد أهداف مدنية على أيدي جماعات لا تتمتع بالمواطنة أو عملاء سريين, ويكون هدفه عادة التأثير في جمهور معين". كما وصفه البنتاغون بأنه الإستعمال غير قانوني لأعمال العنف أو التهديد باستخدامها ضد الأشخاص والممتلكات بغرض إشاعة الخوف وإجبار الحكومة أو الشعب على أمر ما بهدف تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو ايديولوجية محددة. وإذ طبقنا هذه المعايير على الممارسات الامريكية في العراق ضد الاشخاص المدنيين لاسيما في الفلوجة وسجن أبو غريب ومدينة الثورة وكذلك تدمير الممتلكات العامة. ستكون الولايات المتحدة الامريكية اكثر دولة ارهابيةأو راعية للإرهاب في العالم.
ولا أعرف ان كانت مجرد صدفة أن يكون أصل كلمة إرهاب فارسيا أم إن هذا المعنى جاء متناغما مع سياسات هذه الدولة التي لها تأريخ حافل في الإرهاب. فإيران والكيان الصهيوني الراعيان الأساسيان للإرهاب بعد الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. ولا نبالغ إذا قلنا بأن الشعب الفلسطيني والعراقي والأحوازي والأفغاني من أكثر الشعوب في منطقة الشرق الأوسط التي أكتوت بنار الإرهاب الامريكي والصهيوني والإيراني.
ويبدو إن المشرع القانوني العراقي قد دخل في لجة التعاريف المتبانية للإرهاب دون أن يحمل معه طوق المعرفة القانونية! فإقتبس من هنا وهناك دون أن يكون له شرف المساهمة الجدية في تعريف أو تحديد أطر الإرهاب. وهذا الأمر خارج موضوعنا الحالي. فالذي يهمنا هو موقف القانون العراقي من الإرهاب ومدى إنطباق المفهوم على ممارسات الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية. في قانون مكافحة الإرهاب رقم(13 لسنة2005) الذي اقرته الجمعية الوطنية(المادة 33/أ ،ب). عرف الإرهاب بأنه
هناك كما ذكرنا المئات من الشواهد التي تثبت بأن الحكومة العراقية تمارس الإرهاب ضد شعبها وفقا للمعايير القانونية التي اقرتها في قانون مكافحة الإرهاب الذي أشرنا إليه.
ينفرد العراقيون عن غيرهم من بين خلق الله بأن خيمة الإرهاب التي قبعوا تحتها نسيجها عراقي وحبالها صهيونية وأوتادها امريكية وخياطتها ايرانية. الغريب في موضوع الإرهاب في العراق إن كل جهة من تلك الجهات الإرهابية تختص بصيد نوع محدد من الفرائس. فالأحزاب الحاكمة تختص بتصفية المعارضين للعملية السياسية والطوائف الأخرى. والنظام الإيراني يختص بصيد كبار القادة العسكريين والطياريين والبعثيين. والكيان الصهيوني يختص بصيد العلماء وكبار الأكاديميين والأطباء والمهندسين ورجال التصنيع العسكري. أما قوات الغزو الأمريكي فهي أكثر عمومية من غيرها ففرائسها من رجال المقاومة العراقية الأبطال بالدجة الأولى من ثم المدنيين بشكل عام. والأكثر غرابة إن هذا التخصص في العمليات الإرهابية ليس عفويا بل هناك تنسيق وتناغم مسبق بين جميع تلك القوى. فكل منهم يسكت عن جرائم الطرف الآخر ولا يثيرها أو يتطرق لها البته. كما إنه لم يحدث نوع من التعارض والإصطدام بين تلك القوى مما يؤكد وجود قواسم مشتركة بينها.
في الآونة الأخيرة طلعت علينا فضيحة جديدة تضاف إلى مسلسل الفضائح المتراكمة لحكومة الإحتلال، جاءت لتؤطر صورة المائة يوم التي تعهد بها المالكي لشعبه بإصلاح فساد حكومته المزمن. هذه الجريمة ذات طابع يختلف عن بقية الجرائم من حيث أسبابها وإدارتها وأشخاصها ونتائجها. فالشماعة التي كانت حكومة المالكي تعلق عليها ملابسها الوسخة وهي تنظيم القاعدة وأزلام النظام السابق والتكفريين أمست بالية ومتهرئة لا تتحمل ثقل الملابس القذرة لحكومة المالكي التي بدأت تتساقط يوم بعد يوم! وقبل أن نتحدث عن طبيعة الجريمة التي فضحتها قناة الشرقية وبطلها أحد كبار مستشاري المالكي، نود أن نوضح نقطة مهمة تتعلق بالعلاقة بين القاعدة والنظام الإيراني قبل وخلال تلك الفضيحة.
البعض يعتقد إن هناك نوع من التعارض بين تنظيم القاعدة من جهة والنظام الإيراني من جهة ثانية وهذا أمر بديهي. بإعتبار إن القاعدة محسوبة على السنة كما أن التنظيمات الإرهابية الإيرانية كالحرس الثوري وفيلق بدر وجيش المهدي وغيرها محسوبة على الشيعة. مع إن الطائفتين عموما بريئتان من تلك التنظيمات الإرهابية التي تمثل أحزابها وأشخاصها فقط، وليس المذاهب التي تدعي الإنتساب لها. لكن هذه النظرة مع صحتها تعد أحادية الجانب وليست شمولية.
لو رجعنا قليلا إلى الوراء وتمعنا بصورة مكثفة في بعض الشواهد القريبة لوجدنا الكثير من المؤشرات التي تؤكد بأن القاعدة والأحزاب الإيرانية المتطرفة هما وجهان لعملة واحدة. نعم قد تختلف الأفكار والوسائل ولكن الأهداف هي واحدة. فتنظيم القاعدة يبقى في خدمة النظام الإيراني طالما أنه يساهم بشكل فاعل في تشويه صورة الإسلام من خلال وسمه بالإرهاب. حتى أمسى الإسلام مرادفا لكلمة الأرهاب جراء نشاطاتهم الإرهابية.
كما إن النظام الإيراني يعمل بدوره على تشويه صورة الإسلام ولصقه بالإرهاب من خلال تصدير الدجل والشعوذة. وإحتلاله المرتبة الأولى في العالم بعدد الإعدامات بحق مواطنيه، وإستحقاقه مركزا مرموقا في إنتهاكات حقوق الإنسان. إضافة الى مشاكسته للشرعية الدولية من خلال إصراره على تطوير برنامجه النووي لخدمة أهدافه التوسعية. وتدخله السافر في شئون دول الجوار من خلال تصدير الإرهاب كبند من بنود تصدير الثورة الممسوخة وإطلاق التهديدات ضد دول الجوار. كما إن رعاية النظام الإيراني للتنظيمات الشيعية الموالية له وزرع الخلايا النائمة في البلدان العربية وتحريض الأقليات الشيعية على أعمل الشغب والفتنة والمطالبة بالإنفصال كما جرى في اليمن والبحرين والسعودية. الغرض منه تمزيق الوحدة الإسلامية، وهذا المنهج يمارسه تنظيم القاعدة أيضا. وهناك مثل معروف بأن" عدو عدوي هو صديقي".
من المعروف إن عدد من قادة تنظيم القادة تحتضنهم إيران مع عوائلهم. وبعضهم مطلوب بالإسم للعدالة لنشاطاتهم الإرهابية في العديد من دول العالم بما فيها الشيطان الأكبر وقوى الإستكبار العالمي حسب تصنيف النظام الإيراني. لكن النظام لأيراني يتحفظ عليهم ولا يسلمهم لغاية في قلب يعقوب!
ثم أليس من الغرابة إن أذرع أخطبوط القاعدة طالت القارات السبع وشملت ساحة عملياته العشرات من الدول القريبة والبعيدة، لكن أذرعه قصرت عن إيران ولم تطلها؟ رغم إن العديد من بيانات القاعدة ذات نفس سلفي طائفي معادي للصفوية التي هي الأولى كما يفترض بالتصفية كخصم مزمن وعتيد. ناهيك على الإختلاف الأيديولوجي بين الصفوية والوهابية!
كما إن الساحة الإيرانية مكشوفة أمام تنظيم القاعدة من خلال دولتين مجاورتين ( العراق وأفغانسان) بحدود طويلة وتضاريس وعرة من الصعب السيطرعليها. فما هو السبب من خلو الساحة الإيرانية من إرهاب القاعدة؟
الأنكى من هذا كله ان مكاتب الأحزاب الإيرانية في العراق أو الموالية لإيران كحزب الدعوة بشطريه والمجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الله وعصائب أهل الحق كذلك الهيئات الإيرانية في العراق بأغطية إستخبارية مختلفة كالمؤسسات الخيرية والسياحية والبنوك والشركات الأخرى هي بمنأى عن إرهاب القاعدة؟ فما هو السبب؟
ثم لماذا لم تستهدف القاعدة عملاء أمريكا وإيران من كبار المسئولين في الحكومة العراقية في ظل الأوضاع الأمنية المتردية وخلو الوزارات الأمنية من الوزراء؟ في حين تستهدف الأبرياء الذين لا حول لهم ولا قوة؟
للحديث بقية.. سنكملة في المقال القادم بإذن لله.