حوار ساخن بين الشيطان وطالب إبراهيم
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
الجزيرة الفضائية
معنا الآن من دمشق رئيس قسم البحوث الإستراتيجية الأستاذ طالب إبراهيم
المذيعة استاذ طالب , لاتقل أنه لايوجد مظاهرات في سورية
ولا تقل أنه لايوجد ضرب على المدنيين العزل وهناك الكثير من القتلى في الشوارع والجرحى
ولا نريد منك أن تقول أن هذه المظاهرات ليست في سورية
كل مانريده منك هو :
معرفة لماذا تقوم السلطات السورية بقتل المتظاهرين بعد رفع قانون الطواريء؟
طالب ابراهيم:
إن كل هذه الصور والأفلام المعروضة الآن على الشاشة أفلام مفبركة ويستطيع أي شخص سينمائي أن يصنع الكثير وبحشد عدد قليل من الناس , لتظهر للآخرين أنها بالآلاف , طيب واطلاق النار والقتلى بالشوارع والهتافات , تقول المذيعة
كله ياسيدتي هذا مفبرك ولا أساس له من الصحة
شكراً لك استاذ طالب ابراهيم
تنتهي المقابلة الفضائية , يتمطى طالب فوق كرسيه والبسمة تعلو شفتيه فرحاً في انتصاره الكاذب , ويدور نصف دورة مع كرسيه ملتفتاً لضيفه العزيز ومبتسما بعرض شفتيه
ليجد ضيفه وصديقه العزيز ابليس اللعين مقطبا حاجبيه عابسا غاضبا والشرر يتطاير من عينيه يود لو يستطيع حرق تلميذه لحرقه في تلك اللحظة من شدة الغيظ من هذا الصعلوك البشري والذي بسبب أباه تم طرده من الجنة
قطع طالب ابتسامته العريضة وخاف من شيطانه لعله لم يرضه بالإجابة هذه المرة كسابقاتها , وهو مقتنع بنفسه أنه لم يتحدث ولو بكلمة واحدة صادقة عما يجري في سورية , وأنه يستحق شكر من شيطانه على فعلته هذه , ثم قال مخاطبا شيطانه , أراك غاضبا
فهل وجدتني قد أخفقت في الإجابة وأنني خرجت عن مسار مدرسة الشياطين والتي دربتني عليها طيلة حياتي هذه؟
فسكت شيطانه قليلاً والغضب مازال مسيطر عليه ثم قال:
منذ آلاف السنين وأنا اتناوب على مصاحبة البشر ونتيجة لنجاحي الكبير والمتواصل في حرف عقيدة المهمين من الناس , أرسلني الملك بمهمة خاصة لك حتى تكون شيطانا إنسيا صالحا تنفذ خططنا ونحن مطمئنين لك لكل عمل تؤديه , فالمعلومات الاستراتيجية والبحث فيها وإشرافك عليها كنت ناجحا فيها في أن أوصلت البلاد لمستوى لاتحسده عليه أدنى دول الأرض في التخلف , ولذلك كانت أهميتك عندنا كبيرة جداً , وتم اختياري حتى أقف لجانبك في هذه الأزمة التي يمر فيها صاحبنا للدفاع عنه أي الدفاع عن النظام والذي أوصل البلاد للمستوى المتدني من التخاف والقتل والبطش , واخترناك لأن تكون المدافع الأول أمام العالم عن هذا النظام الفاسد
فلقد فشلت فشلاً ذريعا من أول لقاء
وحاولت معك النصح وجهدت في تدريبك حتى تظهر للملأ الذي يسمعك أن كلامك يحتمل مصداقية ما , ليتم التشكيك في اعتقادهم , ولكنك مازلت تصر على نفس الأخطاء القاتلة في بعدك المطلق عن الحقائق , ولا تنطق بكلمة ذات مصداقية ولو بالمعنى البعيد
وصاح فيه بصوت عال إفهم أيها الغبي
فرد عليه طالب خائفا متلعثما , وبصوت مرتجف لقد نفذت كل تعاليمك ودروسك وحتى زدت عليها في الكذب والتهويل وإلغاء رأي الآخرين وأن الذي يجري تمثيلية بحتة لاوجود لأي صدق في مصدرها وشكلها ولونها
فأرجوك ياسيدي قل لي بماذا أخطأت ؟
وركع على ركبتيه وحنى رأسه أمامه والدموع تسيل من عينيه
فأمسك الشيطان بشعره بقوة وشد رأسه إلى الوراء وقال انظر بعيني واسمع ماأقول
أيها الغبي
هذه آخر مرة أنذرك فيها , وهذه هي كلماتي الأخيرة إليك فإن لم تعها وتطبقها كما هي , فسوف تكون نهايتك الحتمية عندما تصل الشكوى للملك وهو سوف ينتقم منك في أن يشكيك للشيطان البشري الأكبر في هذه البلاد , وعندها لن يخلصك ماضيك المخلص من النجاة
إن الكذب هي مهمتنا وإن تكراره هو من أهم دروسنا لتلاميذنا من البشر, ولكن الكذب الواضح والذي لايختفي وراءه نوع من الصدق فيكون وبالاً على الكاذب والكاذب نفسه
إن الذي أغضبني منك هو انك لم تقل كلمة واحدة صادقة لتغطي فيها كلامك والذي لايمت للحقيقة بأي صلة
فقل لي كيف سيصدقك الناس ؟
ولو نشرت الآن بيانا تعلن فيه استفتاءاً على الناس من هو أكذب شخص في سورية ؟
فحتماً ستكون النتيجةا 99.99% كالنتيجة التي حصل عليها زعيمك من قبل
ثم أفلت الشيطان رأس طالب بقوة بعد أن نزع من رأسه عدداً من الشعيرات وقال له:
هذه شعيرات قليلة أخذتها من رأسك الشيطاني هذا , واعلم أنه في المرة القادمة إذا لم تنفذ تعاليمي إليك فسوف يكون رأسك مفصول عن جسدك في المرة القادمة وتركه واختفى من أمامه بدون وداع
ليبقى طالب ابراهيم وحيداً في مكتبه ولم يجد من يواسيه إلا الشحات الصحفي الكاذب في سورية الصمود والممانعة