لن أقول عذرا بعد اليوم
بأنك أيها المسمى, بالجيش السوري
لست إلا تافها ومسخرة للوطن
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
كان الإنقلاب الذي قاده حسني الزعيم عام 1949 في سورية بداية تحول الجيش من درع للوطن إلى مركز التآمر على ا لوطن , وتوالت بعدها الإنقلابات وفي كل انقلاب يتم تصفية المخلصين من القادة العسكريين , حتى جاء انقلاب البعث 1963 عندها تحول الجيش من جيش محطم لكن كان يمتلك بعض البقايا الوطنية فيه وقام البعث بتصفيتهم نهائياً , ولم يبق فيه إلا الحثالة من العسكريين السوريين , وكانت هدية الحثالة تلك تسليم الجولان بدون حرب
فهل يتصور عقل أن تسليم الجولان تم في مقابل استشهاد 135 جندي سوري والذين لم ينسحبوا وقاتلوا حتى استشهدوا جميعا , هذا يعني أن الجيش السوري كله لم يقاتل فيه ضد الغزو الصهيوني إلا هذا العدد الضئيل من أفراد لم تذهب من نفوسهم العزة والكرامة بعد , بينما البقية من الجيش لايمتلكون منها شيئا
ثم كانت بعدها حرب تشرين التحريكية , وكانت وقتها أكبر قوة في الجيش السوري هي سرايا الدفاع بقيادة رفعت الأسد , ولم تطلق طلقة واحدة في حرب ال73 وإنما انتشرت حول دمشق خوفا على النظام , مع أن العدو الصهيوني أصبح لايبعد عن دمشق العاصمة إلا 22كيلو متر ومع ذلك لم تتدخل سرايا الدفاع في المعركة , بحيث ترك النظام الأسدي القاطع الشمالي بدون دعم عسكري ولا لوجستي وتم اختراق القاطع الشمالي بتدير المئات من الدبابات السورية , ومئات من القتلى , وكانت هدية النظام لإسرائيل القضاء على من عنده روح وطنية بشكل كامل في الجيش السوري , وفي السنة الثانية تم توقيع فك الإرتباط بين الجيشين , وصارت الحدود السورية الفلسطينية أكثر المواقع أمنا وحماية للصهاينة وما زالت ,ثم انتقل الجيش السوري للبنان عام 1978 وكانت مهمته محددة للغاية في التخلص من الأحرار اللبنانيين والقضاء على منظمات التحرير الفلسطينية في لبنان وطردها من الجنوب اللبناني بالإتفاق الرباعي بين منظمة أمل واسرائيل والكتائب وسورية , وعندما لم تستطع منظمة أمل والجيش السوري القضاء على المنظمات الفلسطينية في الجنوب اللبناني دخلت اسرائيل 1982 ليتم القضاء عليها نهائيا وخاصة في الجنوب وبيروت , وكان السبب الرئيسي للتخلص من الفلسطينيين في لبنان هو إضعاف السنة فيها , كون الفلسطينيين سنة في الغالب , ووجودهم في الجنوب يشكل خطر على الشيعة هناك , وبالتالي التقت مصلحة إسرائيل مع مصلحة النظام السوري ومع مصلحة الشيعة في لبنان للقضاء على المنظمات الفلسطينية في لبنان
الجيش السوري لم يكن له بطولات تذكر إلا في لبنان وقتل اللبنانيين وإذلالهم والسيطرة على ممتلكاتهم وسرقة ثرواتهم واعتيال الشخصيات الوطنية فيها
وفي سورية أيضا كانت بطولات الجيش السوري على الشعب الأعزل في سورية والمجازر التي ارتكبها بحق المواطنين السوريين في السجون وفي المدن ليكون ضحية تلك الجرائم أكثر من مائة ألف قتيل وثلاثين ألفاً من المفقودين وتشريد مئات الآلاف من السوريين , وكل هذه الفظاعات نفذت بيد هذا الجيش العملاق والذي يعتبر في المركز السادس عشر في العالم من حيث العدد والتسليح
كل هذه القوة التي يمتلكها وكل هذه الأعداد هدفها واحد فقط لاغير هو:
إن لم تستطع مئات الآلاف من عناصر الأمن تحطيم الشعب السوري فيكون الداعم لها للتحطيم والقتل هو الجيش.
هذا الجيش المهزلة والمسخرة , والذي يسمى جيشاً بالمفهوم العام
بينما في الحقيقة هو جيش لايمت لاللوطن ولا للعروبة ولا للإ سلام بأي صلة , لامن بعيد ولا من قريب
ولو انتهكت كل الأراضي السورية من قبل أي عدو خارجي مهما كان ضعيفا , لكان شعار هذا الجيش الوحيد هو الفرار والفرار ورمي السلاح لاغير
وتبقى مهمته الوحيدة فقط هو المنفعة المادية وسرقة حتى الجنود المعدمين والفقراء من قبل ضباطه, وتحويل أكثر من ثلاثة أرباع الناتج القومي لهذا الجيش العفن , ولا عمل له إلا حماية النظام البعثي الأسدي وأزلامه من المقربين
وهو على استعداد لإبادة مدن بأكملها دفاعا عن النظام وليس عنده استعداداً للوقوف أمام فرد واحد من أعداء الوطن
هاهو الآن يقصف المدن السورية بدباباته وصواريخه وطائراته ويقطع الماء والكهرباء ويحاصر الناس في بيوتهم ليموتوا جوعا وعطشاً , حتى خزانات الماء يقصفها , فأي جيش هذا الذي يعمل على إبادة مدن بكاملها وهم أهله وناسه وهو منهم؟
ولا يوجد سلاح مع أحد , فقط يقوم بالإبادة لالشيء إلا :
لسان حاله يقول هذا الجيش العفن , كيف تجرؤ أيها الشعب الحقير والأجير أن ترفع رأسك لتقول لا للظلم من هذا الحاكم , فهو الإله عندنا وتعترض عليه , وكل هذه الأسلحة والعتاد والميزانيات الضخمة لنا مخصوصة لحماية هذا الإله , فخذ عقابك وسندمر البيوت على رؤوسكم والذي لايقتل بالقصف يموت جوعا وعطشاً , او في محاكم عسكرية ميدانية أو تحت العذيب
هذه هو الجيش الذي عندنا
فياشعب سورية الأحرار والمنادون بالحرية والعدل والكرامة , لاتنتظروا من هذا الجيش إلا السوء , ولا يمكن أن يقدم خدمة لكم فهو يريد قتلكم وليس مساعدتكم , وإن وجد في هذا الجيش إنسان مثلكم فمكانه ليس هذا الجيش إلا بعد التخلص من هذا النظام ومن جيشه وأمنه وبناء جيشا ليس سخرية ولكن عزوة لكل أبناء الوطن
فلا سبيل أمامنا إلا قوة الشعب بفئاته المتعددة وأعماره المختلفة أن يكون يدا يبد والخروج بقوة متواصلة لبناء نظام ووطن , والوطن لايبنى إلا ببناء جيش أصيل حر المنشأ وليس عبداً لفرد أو افراد كما هو الآن.