الراعي الكذّاب
الراعي الكذّاب
د. أبو بكر الشامي
يُحكى أن إحدى القرى السورية ، كانت قد استأجرت راعياً يرعى الغنم لأبنائها ، وفي مساء أحد الأيام سمع أهل القرية صوت الراعي وهو يستغيث بهم لينقذوا أغنامهم من ذئب هجم عليها ، فخرج أهل القرية عن بكرة أبيهم لنجدة الراعي والغنم ، ولكنهم فوجئوا بالغنم ترعى ، والراعي يضحك عليهم ، قائلاً : أردت أن أختبركم وأمزح معكم ، فوبّخوه ، وأخذوا منه عهداً أن لا يكرر ذلك مرّة أخرى ....!!!
ومضت الأيام ... وفي مساء أحد الأيام سمع أهل القرية نفس الاستغاثة من الراعي ، فظن قسم من الناس أنه يكذب كما في المرّة السابقة ، ولكن البعض الآخر خاف على غنمه ، وقال : لعلّه يكون صادقاً هذه المرة ، فخرج نصف أهل القرية لنجدة الراعي ، فوجدوه يضحك كما في المرّة السابقة ، فوبّخوه ، وضربوه ، وأخذوا عليه العهود والمواثيق أن لا يكرر ذلك أبداً وإلا عزلوه وعيّنوا آخر بدلاً عنه ...
وفي المرّة الثالثة أغار ت الذئاب المفترسة على الراعي فعلاً ، فنادى الراعي على أهل القرية حتى بحّ صوته لينقذوه ، ولكن أحداً لم يصدّق دعواه في هذه المرّة ، وكانت النتيجة أن مزّقته الذئاب وافترست أغنامه ...!!!
تذكّرت هذه القصّة وأنا أسمع لوعود رأس النظام الأسدي الكذاب ، ابتداءً من خطاب القسم، وعبر إحدى عشرة سنة من الكذب المتواصل ، مروراً بخطابه أمام مجلس التهريج في الثلاثين من الشهر الماضي ، وانتهاءً بآخر خطاب أمام مجلس العبيد الأخير المسمى مجلس الوزراء ، فقلت في نفسي : من يصدّق هؤلاء الدجّالين الكذّابين ...!!!؟
لقد ثقبوا آذاننا عبر ما يقارب نصف قرن من حكمهم الظالم بالوعود الكاذبة ، حتى صار الكذب منهجاً لهم ، وجزءاً لا يتجزأ من سلوكهم ... فمن يصدّق اليوم وعودهم .!؟
إن شعبنا السوري وصل إلى درجة القرف والاشمئزاز والتقيؤ عندما بات يسمع لهم ولإعلامهم الصفيق البائس ، ولا خيار أمام هذا الشعب الثائر بعد اليوم غير إسقاط هذه العصابة الظالمة ، واقتلاعها من جذورها ، وفتح صفحة بيضاء جديدة ناصعة في تاريخ سورية الحديث ، يكون عنوانها : الحريّة والعزّة والكرامة ، في ظل دولة مدنية ديمقراطية ، تكون ملكاً لكل أبنائها الكرام بلا استثناء أو إقصاء ... وإنها لثورة سلمية حضارية مستمرة حتى تحقيق هذه الأهداف الناجزة ... والله أكبر ...