عذرا.... أيها الشعب الليبي العظيم
بلال داود
[email protected]
لست معتذرا نيابة عن النظام السوري، فأنا و الشعب السوري براء
منه ومن جرائمه.
و لست معتذرا عن جرائم النظام السوري بحقكم، فالجريمة لا يمحوها
اعتذار و لا يخفف من خستها عذر.
بل أعتذر إليكم نيابة عن أحرار الشعب السوري الأبي ، عما لم
نستطع تقديمه لكم من نجدة و غوث و تخفيف مصاب و مد يد العون في محنتكم أمام
مجنون حاقد يريد اقتلاعكم من أرضكم ، أو إبادتكم جميعا إذ رفضتم السجود له .
و أعتذر إليكم أننا لم نستطع منع طغاتنا من مشاركة فرعونكم
مجازره الوحشية بحقكم ، ولم نملك منع إرسال الطيارين الذين تقتطع أجورهم من
لحوم أبنائنا و دماء شبابنا و من حليب الرضع ، و لم نتمكن من إيقاف خبراء القمع
الذين يرسلهم للتفنن في سحقكم .
و أعتذر إليكم أننا ما استطعنا إغراق سفن الإمداد الحربي قبل
أن تغادر موانئنا ، و لا نملك تغيير وزير خارجية النظام الذي يرفض فرض حظر جوي على
طائرات القذافي ، بل يريده أن يستمر في القتل والإبادة حتى آخر فرد من شعبكم .
و عذرنا أننا مثلكم .....شعب أعزل مسحوق تحت جنازير دبابات
النظام منذ قرابة نصف قرن ، وجلدنا مسلوخ من سياط أجهزته القمعية ، وشهداؤنا لا
حصر لعددهم و لا شواهد لقبور معظمهم و لا بواكي لهم ، و معتقلاتنا تتسع لمعتقلينا
و شعبكم معهم ، أما عن مشردينا ومهجرينا فحدث ولا حرج ، فالجيل الثالث من أبنائهم
ما يزال هائما في أصقاع المعمورة ، ممنوعا من زيارة بيت الجدات في الوطن المسروق .
متوهم من يظن أن النظام السوري أصابه الحول ، فأرسل طياريه
الحربيين لإبادتكم أيها الأحرار عن طريق الخطأ بدلا من إسرائيل ، فهذه هي رؤيته من
يوم وصل إلى السلطة ، لا جديد فيها ولا تغيير و لا تبديل و لا حول ، وهو ما فتئ
يصم آذاننا و آذان المخدوعين باستعداده ليوم تحرير فلسطين ، فمعتوه من يظن أن
الطريق من دمشق إلى تل أبيب يمر من طرابلس و بنغازي و راس لانوف و الزاوية ومصراتة
و طبرق و العقيلة ..... .
النظام السوري ليس مصابا بالحول ، فقد أرسل خبراءه القمعيين و
طياريه لإبادتكم ، عن سابق علم و ترصد وإصرار ، و نعلم يقينا أن ذلك ليس حبا
بالقذافي و لا نصرة له ولا حفاظا عليه ، بل يفعل ذلك حرصا على نفسه وحفاظا على
نظامه القمعي من يومه التالي .
سيسقط النظام السوري يوم خلاصكم من نظام القذافي ، لذلك فهو
يحاول جاهدا إيجاد سابقة تمنع الشعب السوري من توقد نار غضبه من جديد ، و قد خبت
جذوته تحت الرماد أكثر من ثلاثين عاما ، يتجرع القمع و القهر و الظلم والطغيان و
الاستخفاف و الاحتقار بعد أن أباد النظام عشرات الآلاف في أسبوع واحد في مدينة
(حماة) وحدها .
منذ عام 1973 لم يسمح نظام الصمود والتصدي لعصفور باختراق أجواء
هضبة الجولان المحتلة ، ولم يسمح لأرنب باجتياز الأسلاك الشائكة ، و ربض على صدورنا
كل هذا العمر يضرب برجله و خيله ، وهو يرقص مغنيا لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، و
اليوم يدرك المخدوعون أن المعركة التي يحضر لها النظام السوري منذ نصف قرن ما هي
إلا إبادة الأحرار و وأد حركات التحرر والاستبسال في قتل شعب أعزل آخر غير الشعب
السوري و اللبناني و الفلسطيني .
عذرا ... عذرا ...عذرا .. أيها الشعب الليبي العظيم ، إذ لا
نملك لكم إلا الدعاء ، وهو في الوقت ذاته دعاء لأجلنا ، فسيقرأ أحفادنا يوما في
التاريخ الحديث : أن يوم سقوط طاغيتكم كان بداية النهاية لطغاتنا .