استهداف الأعراض مؤشر على تدني الأخلاق وانحطاط الأداء الحزبي
استهداف الأعراض
مؤشر على تدني الأخلاق وانحطاط الأداء الحزبي
محمد شركي
أثارت خطبة الوزير الشوباني الوزيرة بنخلدون كلاما كثيرا في وسائل الإعلام الورقية والرقمية وكأن الأمر يتعلق بشيء غريب . وحكاية هذه الضجة الإعلامية هو انحطاط العمل الحزبي في بلادنا ، ذلك أن علاقة الوزير بالوزيرة وظفها حزب معارض للنيل من الحزب الحاكم حيث نقلت الخلافات الحزبية والسياسية من الشأن العام إلى الشأن الخاص ، وذلك في إطار الحملات الانتخابية المحمومة قبل الأوان ، والتي تحرص فيها الأطراف المتنافسة على تسجيل أكبر قدر من النقط التي من شانها أن ترفع الرصيد إذا حان أوان الاستحقاقات الانتخابية. ويتذكر الرأي العام الوطني أن فوز حزب العدالة والتنمية لم تستسغه بعض الأحزاب التي تعتقد أنها وصية على الشعب ،وأنها دائما صاحبة نصيب الأسد في الانتخابات ولا تنازع في ذلك ،علما بأن الربيع المغربي إنما كان تعبيرا عن رفض وصاية هذه الأحزاب ، وأن رهان الشعب على حزب ذي مرجعية إسلامية لم يجرب من قبل كان تعبيرا عن رفض أحزاب تقليدية كرست الفساد الذي رفع الشعب شعار محاربته في ربيعه السلمي المخالف لربيع دول عربية انزلقت نحو الفوضى الدامية ، واستبدلت فساد أنظمة بفساد الفوضى العارمة بل منها من استبدل نظاما فاسدا بآخر أشد فسادا منه كما هو الحال في مصر . ومعلوم أن نقل الخلاف من القضايا المتعلقة بالشأن العام إلى قضايا شخصية هو مؤشر على انحطاط الأداء الحزبي . فما معنى أن يجعل حزب معارض من الحياة الشخصية لوزيرة ووزير في حزب حاكم قضية مثيرة للجدل أمام الرأي العام ؟ فمن المعلوم أن علاقة الزواج ،وهي علاقة شخصية وخاصة تنشأ لسبب ما قد يعزى إلى قرابة أو جوار أو دراسة أو مزاولة نفس المهمة أو حتى صدفة ... والغالب على علاقة الزواج عندنا أنها تنشا بسبب القرابة والجوار والدراسة ومزاولة نفس المهمة أو نفس العمل ، لهذا لا غرابة أن يخطب أو يتزوج وزير وزيرة كما يخطب ويتزوج الطبيب الطبيبة والقاضي القاضية والمهندس المهندسة والمدرس المدرسة .... وهلم جرا . ولا يعقل أن تكون خطبة أو زواج إنسان ما بإنسانة تشاركه نفس المهمة أو نفس العمل موضوع غمز وهمز واتهام ، بل القضية جد عادية لأن الاحتكاك بسبب الاشتراك في نفس المهمة قد يفضي إلى تقارب في المشاعر وينتهي باقتران . ولا يمكن أن يكون الزواج بعد طلاق محل اتهام بالنسبة للرجل أو المرأة على حد سواء ، كما أنه لا يمكن الطعن في التعدد أو التعديد بالنسبة للرجل لأن القضيتين معا مشروعتين في دين الإسلام ، وليس من حق الخلق التجاسر على ما شرع الخالق سبحانه وتعالى . فالوزيرة بنخلدون من حقها أن تستفيد من الطلاق إذا كانت حياتها مع زوجها الأول متعثرة لأن القضية في ديننا قضية إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ، كما أنه من حقها أن تتزوج زوجا آخر يتحقق معه الإمساك بالمعروف . ومن حق الوزير الشوباني أن يعدد سواء وجد ما يدعو لذلك أم لم يوجد لأن الأصل في التعدد أو التعديد أن يكون عن طيب خاطر لقوله تعالى : (( فانكحوا ما طاب لكم )) ولم يقل ما أكرهتم عليه أو ما اضطررتم إليه . وقضية خطبة أو زواج الوزير من الوزيرة وهما مسلمان ، وأكثر من ذلك هما من حزب ذي مرجعية إسلامية منتهية ومحسومة ولا داعي للجدال البيزنطي فيها ، بل الجدال فيها دليل على اعتداء على حريتهما الشخصية يجب أن يقول القضاء في أصحابه قوله ما دام المغرب دولة حق وقانون . والقائل بأن زواج وزير من وزيرة خراب للبيوت بهتان وزور لأن الوزيرة لم ترغم على الطلاق من زوجها الأول ، ولا الوزير أرغم على التعدد أو التعديد . وزاوج هذا الوزير بالوزيرة أشرف وأطهر من علاقات المخادنة والسفاح التي يمارسها غيرهما سواء كانوا وزراء أو غير ذلك . ومعلوم أن غالبية الذين ينتقدون التعدد أو التعديد المشروع يمارسون السفاح أو المخادنة ولا يجدون حرجا في ذلك بل قد يحرضون النساء على معاداة التعدد أو التعديد الشرعي بدعوى أنه ينال من كرامة المرأة علما بأن المستفيد منه هو هذه المرأة نفسها ذلك أن التعدد أوالتعديد هو فرصة زواج من لا زوج لها وقد تكون مطلقة أو أرملة أو مهددة بالبوار والعنوسة أو سيئة الحظ ، وعندما تتزوج تعددا أو تعديدا يكون ذلك لصالحها وصالح من تشاركها نفس الزوج إذ لا يلحق التعدد أو التعديد ضررا بهما إلا أن يقع التحريض بينهما بفعل فاعل له هدف وراء ذلك وهو النيل منهما معا ، وهذا اختصاص إبليس اللعين مخرب البيوت . وليس التعدد أو التعديد كالمخادنة والسفاح ليكون مخربا للبيوت على حد تعبير خصومه . ويبدو أن الوزير قد رفع تحديا أمام خصومه من أشباه الرجال ولا رجال الذين لا يملكون الشجاعة للتعدد أو التعديد بل لا يستطعون مجرد ذكره أمام الزيجات لأنهم مسلوبو الإرادة أمامهن بل مغلبو نسائهم كما يقول المثل العامي . ومن الخسة وقلة الرجولة أن يقبل بعض أشباه الرجال ولا رجال على المخادنة والسفاح ويصولون ويجولون فيهما في حين لا يستطيعون مجرد الحديث عن التعدد أو التعديد خوفا من الزيجات ،علما بأنه لا يعدد إلا الرجال ولا يخاف من التعدد إلا أشباه الرجال ولا رجال .ولا نقصد بأشباه الرجال ولا رجال من يكتفي بزوجة واحدة وهو عفيف ، بل نقصد من ينتقد التعدد أو التعديد وهو منغمس في السفاح والمخادنة . ومن بلادة أو غباء النساء الرافضات للتعدد أو التعديد الرضى بسفاح ومخادنة أزواجهن وتفضيلهما على التعدد أو التعديد عملا بقول القائلة المغفلة : " ألف عشيقة لزوجي ولا لزيقة واحدة " . وأخيرا على الذين أساءوا إلى الوزير والوزيرة ، وتدخلوا في أحوالهما الشخصية أن يراجعوا أنفسهم ، وأن يعلموا بأنهم مثار سخرية واحتقار عند أكياس الناس وعقلائهم ، وعلى الذين يرتزقون بأعراض غيرهم من أجل الحملات الانتخابية الرخيصة قبل الأوان أن يخجلوا من أنفسهم ، وأن يستيقنوا أن من ينهش أعراض الغير يفضح الله عز وجل عرضه.