في ذكرى الهجرة
في ذكرى الهجرة
محمد هيثم عياش
حلت علينا قبل أيام ذكرى هجرة الرسول القائد محمد صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة الى المدينة المنورة ، فمنذ أن وصل الرسول الاعظم المدينة كان قيام أول دولة اسلامية عرفها التاريخ . ولنا في هذه الذكرى عبر وأي عبر . فالرسول عليه الصلاة والسلام هاجر بنفسه الكريمة متحملا مشقات الطريق هو وصاحبه الصديق وعامر بن فهيرة رضي الله عنهما . وقد كان بمقدرة الله تعالى أن يسخر لرسول البراق ليحمله الى المدينة بثانية واحدة مثل ليلة أسري به من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى ، ذلك البراق الذي كان يعتبر دابة الانبياء فقد روى المؤرخون بأن سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام كان يركب البراق من فلسطين الى مكة المكرمة ليزور ابنه اسماعيل ، الا أن هجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم مشيا وتارة راكبا درس لنا نحن معشر المسلمين من أجل ترويض النفس والصبر على المشاق من أجل الدعوة الى الله غير مبالين من الطغاة الذين يتربصون بالدعاة والاسلام الدوائر . وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم كانت مقدمة لنشر الاسلام في جميع ارجاء المعمورة ، وما أن وصل المدينة المنورة حتى بدأ يعد العدة للجهاد في سبيل الله وعلى مدى عشرة أعوام قضاها عليه الصلاة والسلام بالجهاد ونشر الدعوة حتى دانت للاسلام الجزيرة العربية باسرها وأخاف الروم والفرس وقضَّ مضاجهم وحمل الصحابة راية الاسلام والجهاد والدعوة بعد انتقاله الى الرفيق الاعلى وقضوا على تلك الدولتين ونشروا العدل والحرية في الارض . لقد كان عليه الصلاة والسلام الى جانب نبي الملحمة واصفا نفسه بأنه النبي القتّال فقد كان نبي الرحمة والكرم والرأفة وصفه الله تعالى بالخلق العظيم وأنه بعث لنا رحمة وبالمؤمنين بالرأفة والرحمة / لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمين رؤوف رحيم / التوبة 128 / ورحم الله الصحابي الجليل كعب بن زهير يمدح الرسول عليه الصلاة والسلام :
تجري به الناقة الأدماء معتجرا بالبُرُد كالبدر جلى ليلة الظلم
ففي عطافيه أو أثناء بردته ما يعلم الله من دين ومن كرم
ولكن ماذ فعل الغرب بنا وبسنتنا الهجرية ؟ فقد انتصر الغرب اعلاميا وجعلوا السنة الميلادية أهم من السنة الهجرية وذلك عندما وقع العالم الاسلامي تحت الاحتلال البريطاني والفرنسي وأوعزوا لقادة العالم الاسلامي أن يجعلوا السنة الميلادية تأريخا لبلادنا اللهم الا المملكة العربية السعودية التي استطاعت الدعوة السلفية والدعوة الصادقة بالحفاظ على التأريخ الهجري ، صحيح بأن جميع تأريخ أيامنا وحساباتنا تتم بحساب السنة الميلادية لقد اعتدنا عليها ، الا ان الطامة الكبرى احتفال العرب والمسلمين بالسنة الميلادية احتفالا يضاهي احتفالات الغرب بها فالابتهاج والفرحة وتبذير المال انما هو اتباع لسنن الغرب ، هل تذكرون ما قالته الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعيد فتح مكة وهو متجه الى هوازن ؟ عن أبي زيد الخشني رضي الله عنه قال كنا حديثو عهد بالجاهلية وكان للمشركين شجرة أنماط / وهي شجرة عظيمة / يعلقون سيوفهم عليها ويتبركون بها فقلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله اجعل لنا ذات أنماط كما لهم ذات أنماط فقال عليه الصلاة والسلام الله اكبر قلتم والذي نفسي بيده كما قال اصحاب موسى لموسى اجعل لنا آلهة كما لهم آلهة ، انها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم حتى اذا دخلوا جحر ضب لدخلتموه ، قالوا اليهود والنصارى يا رسول ا لله ؟ فال فمن . ولقد رأيت العجب في أحد أحياء العاصمة برلين الفقيرة التي يسكنها العرب ويوجد بها مسجد فقد مررت يوم الأول من كانون ثان/يناير الحالي بذلك الحي ورأيت قاذورات وبقايا الالعاب النارية في الحي الذي يسكنون به ولما أنكرت على زعيمهم قال لي نحن احرار بما نفعل بأموالنا علما أن اكثرهم يعيش عالة على الدوائر الاجتماعية ولو أنهم أرسلوا تلك الاموال التي اشتروا بها تلك الابعاب الى فلسطين لأشبعت أكثر من مائة عائلة . وأرسلت لي زميلة رسالة تهنئة بعيد راس السنة فلما لم أجبها انتقدتني برسالة ثانية ، فأجبتها بأنه يوجد لنا عيدين الفطر والأضحى وسنتنا هي السنة الهجرية ويجب علينا احياء ذكرى الهجرة بما يرضي الله ورسوله والعمل من أجل إحياء هذه الذكرى بالسعي لاعادة قوة الاسلام من جديد وما سوى ذلك من الاعياد والمناسبات فهي بدعة من البدع الضالة التي نهانا صاحب الشرع عنها .
وماذا بقي من ذكرى الهجرة لدى الدول الاسلامية العربية يا ترى ؟ عرض افلام فقط ، وعلى حكومات الدول الاسلامية وللمحافظة على كيان الاسلام وشخصية المسلمين إعادة التأريخ بالهجرة ، فقد نسي أكثر المسلمين أسماء الأشهر الهجرية ولا يعرفون منها الا شعبان ورمضان وشوال وشهري الحج .