تركيا الجريحة
تركيا الجريحة..
بين السير على "التتريك" والتطلع إلى "العثمنة"
أو المزيد من الفوضى في المنطقة
م. الطيب بيتى العلوى
مغربي مقيم بفرنسا
باحث في الانثروبولوجيا الدينية والثقافية بباريس
تشريح الإنسان هو مفتاح فهم تشريح القرد..... كارل ماركس
عنذما ينظر إلى التاريخ في مجموعه ،تظهر الدقة الصارمة التي تتابع عليها الحوادث وتتناتج... كما قال الفيلسوف الفرنسي جاك بانفيل...
ولذا فان محاولة تبسيط الصراع فى المنطقة بقراءات تشويشية أوارتجالية ، لهىعملية محفوفة بالأخطار، لكون الصراع ما انفك يزداد تعقيدا حتى لدى الذين خططوا له وخاصة بعددخول تركيا الفجائى فى المستنقع الآسن للعراق..وبالتالى لايمكن اختزال الصراع الدائرالى ما هو طافح على السطح أواستنادا الى تصريحات المتشبثين بقشة مهترئة فى خضم بحارالفوضى اللجية (سواء من داخل المنطقة أو من خارجها من ساسة و نخب) فدخول تركياالىحلبة المسرح ومعترك الأحداث فى المنطقة ،ليس الااستجابة لنواياها المعلنة والخفية المنبعثة من جراح تاريخية حديثة العهد لم تلتئم بعد، مصدرها فى نظر الأتراك ،خيانة العرب لهم بعد أن تبنوا ثقافة هؤلاء ودينهم وحضارتهم، ولغدرالغرب بهم وتخليه عنهم بعد تبنى مفاهيمه العلمانية وقيمه الفكرية، فجوزى جزاء سنمارمن الطرفين كثمن باهض لاستمرا روجوده كدولة..
أماالمنطقة فقدأصبحت"ناديادوليا" للعصابات والمافيات الاقليمية والدولية ، ومختبر التجارب فى مجالات التخريب وتجارة الأسلحة والمخدرات وتجارة الرقيق العربى، ولوبيات الهسترة الدينية والخلاعة والخنا، وقبلة للمنحرفين، والمغامرين والأفاقين ، وصعاليك المرتزقةالمتحلبة الأفواه الوافدة من الثقلين –فرحماك يارب -!!!، الى جانب هول المخططات(وليس المؤامرات حتىلاينزعج عشاق نفى نظرية الممؤامرة) لقياصرة روسيا الجدد(الأعداء التاريخيون والتقليديون للأتراك)،والأمريكيين والأوروبيين واسرائيل "والعرب الجدد" الذين يعبثون كلهم فى الخلفيته الجغرافية لتركيا بشمال العراق، مما سيزيد المعضلة تفاقما ، وارباكا أكثر للأوراق والحسابات السياسية،لكل الأطراف المعنية فىالمنطقة ،فكل الفئات المتناحرة تمعن فى التحرك فى صراع رهيب مع الزمن للاستحواذ على ما يمكن الاستحواذ عليه فى ظرف زمنى أقصر، تلبية لتنفيذ أغراض مموليها ومحركيهاالذين يحركون القلاقل بخيوط أوهى من خيوط العنكبوت..وسترتفع فاتورة تكلفة الصراع المستعر من دماء البشر وبالمزيد من اقتلاع الحجر، (والويل لمن أخطأ التقدير والحساب)،
وان الصورة التاريخية للعرب عن الأتراك فى المشرق العربى-بينما بقى المغرب العربى بمنآى عنها لأسباب يطول شرحها- ما زالت تحمل آثارا عميقة من الماضى،وهو ما تحرك خيوطه خفية مهندسو الفوضى ،بتضخيم الصورة المشوشة والملتبسة منذ صعود التيارالقومى فىالمشرق العربى فى بدايات القرن الماضى، الذى صورالأتراك فى كتاباتهم بأنهم الأصل فىمصيبتين حلتا بالعرب : الاستبداد والتخلف، مقابل صعود التيارات القومية التركية الشوفينية بتنامىعملية التتريك التىاقترنت أيضا بحملة معاداة العرب بالاغراق فى التغريب والعلمنة ، بمعنى احداث قطيعة شاملة مع كل ما يربط الأتراك بالعرب ..ألا وهو التراث الشرقى الاسلامى
...فلا مناص اذن والحالة هذه من العودة الى تاريخ المنطقة القريب والبعيد وأن لا نمل من اعادة قراءته لأن الأحداث تتناتج وتتوالد وتتوالى وكأنها تحدث الآن ،وكأن الأشخاص هم الأشخاص،وسياناريوهات الأمس تتكرر بحذافيرها ،ولأن التاريخ سيظل عيونه دوما لامة، وهى الى الحقائق شاخصة وأحكامه نافذة،ولو بعد حين..
،فهناك تراكمات تاريخية مستعصية حدثت بالأمس القريب بين تركيا والغرب عموما،وما بين تركيا والعرب خصوصا ،حيث تتصارع التيارات التركية حاليا داخل تركيا حول هاتين المقولتين،و تلعب فيها الانتماءات العرقية والدينية والطائفية دورا كبيرا ،يطغى على أغلبها الحنين الى عثمنة تركيا حتى من معظم القومينن الشوفينين او بعض العلمانيين البراغماتيين –أى بالدفع الى العودة بالبلاد الى خلفيتها (الحضارية الثقافية –الحضارية) ، بالتضامن مع عرب المنطقة مواجهة لتحقير المجموعة الأوربية السافرلها ،والتى بلغ مداه فى التوقح على محاسبة الأتراك حتىعلىالنوايا، بمطالباتهم المستمرة بالمزيد من التنازلات (وبدون مقابل ) وكلما اجتمعت تركيا مع الأطراف الأوروبية الا وتفتح الملفات النائمة "لانتهاكات حقوق الانسان" امعانا فى الاذلال وبمحاسبتها على اعمال انتهاكية تمت فى عهد السلطان عبد الحميد(فرحماك ياتاريخ).. وارغامها بقبول القيم الأوربية جملة وتفصيلا تلدليلا على اثباث حسن نواياها، مما يؤجج خط تنامى الميول الاسلامية و القومية الشوفينية واستنباث( العنف النفسى الجماعى)والعنف المضاد لدى الاتراك
وهكذا يكرر الغرب نفس الأخطاء الغبية القاتلة التاريخية عندما يصرعلى اكراه الآخرين بقبول شروطه ومواصفاته للقيم الانسانية ،ومفاهيمه الكونية باجبار البشرعلى أن "يتحولوا الىكتلة متجانسةمصمتة " mastification وفق المقاسات المصممة فى عواصم الغرب ومراكز بحوثه كما أسماها العالم الأثنلوجى الفرنسى الكبير مارك أوجيه Marc Augé، باكراههم على قبول "عولمة مساره التنميطى" الغير القابل للتعميم حتى من خارج "عاهات" الغرب- كما يقول مارك-،وبتشدده بمطالبة الآخراما بقبول 'التأورب" أو لايكون(وان دراسة تاريخ المنطقة منذ محمد على باشا الى الان لتدل على ان كل التحولات المأسوية التى تمت فيها مردها الى الموقف الغربى المتشدد "والارهابى" بالتغيير بمنطق القوة والعنف (فكل التيارات من قومية وعروبية واسلامية ويسارية بكل تياراتها منذ عشرينات القرن الماضى ما هى الا افراز للمواقف الغبية للغرب ازاء المنطقة وثقافاتها) ولو وعى الغرب كيف يتعامل مع تطلعات المنطقة لما كان هناك لا ناصر ولاا لبنا ولا عفلق ولا قطب ولا صدام ولا نصر الله ولا فتح ولا حماس..ولو مول السد العالى بلا مساومات لما مالت الكفة- ايديولوجياو سياسيا وثقافيا- لصالح السوفييت .. وسيظل الغرب متماديا فى غبائه السياسى ما لم تتحاور الأطراف المعنية فى المنطقة من عرب وعجم وتتفق على ماهو صالح وتترك هامشيا ما هو مستعصى ولتكن أوروبا قدوتها فى هذا المجال ..
بعض حيثيات الصراع الخفى فى المنطقة
ان المؤرخينن الأوروبيين ( منهم بالتحديد يول ديورانت وأرنولد توينبى على سبيل المثال)-يكادون يحصرون الصراع فى منطقة الشرق الأوسط ، كونه حلقة من حلقات الصراع بين الشرق والغرب ، منذ أن بدأ بالصراع التقليدى القديم بين الفرس واليونانيين... ثم بين الفرس والرومان، وكان صراعا حضاريا بين حضارتين مختلفتين وعقليتين متبانيتين ومتباعدتين : عقلية فوقية هىأثينا وروما.(العقلية المدينية من داخل السور).. وعقلية دونية (هى العقلية التحتية من خارج السور او عقلية "الاخر" الهمجى) ودخل العرب طرفا فى الصراع بمجىء الاسلام بتصوره "الكوسمولوجى" الكونى الجديد المنافى للتصورات اليونانية والرومانية والكنيسة البيزانطية، فأصبح العرب هم الطرف الآخر والعدو المارق، بعد أن أقصى العرب الفرس من ساحة الصراع وألحاقه الهزائم بالروم ،فتحول الصراع لاحقاما بين الغرب و بين العثمانيين بعد تفكك الدولة العباسية القوية (التى خبا وميضها عمليا بموت المقتدر بالله عام 320للهجرة ) ثم الصراع مع السلاجقة والمماليك الى مجىء العثمانيين 'الذين لاناقة لهم ولاجمل فى انحطاط العرب فى القرن الثالت الهجرى )
ويرى أصحاب هذا الرأى أن الصراع بين الشرق والغرب ظل كالبركان بين الهدوء والثوران حتى اشتد غليانه فى القرن الحادى عشر فوجد منذ حينها متنفسا فى شكل الحروب الصليبية، التى ولدت ومهدت لباقى الحروب على المطقة الى الآن.وما باقى العوامل مثل الموقع والنفط الا ذيولا للمعضلة وليست هى الأصل ،فالشرق سيبقى هو "وجهة" الغرب (orient و orientaion مهما تبدلت الأخيلة والأسلحة والطقوس والمسوح والأنبياء والأساليب والرسالة والمرتزقة.. فملحمات الغرب الكبرى منذ هيلينيته لم تتغير عبر التاريخ الى يومنا هذا
فالبعد التاريخى اذن ضروررى لفهم ما "يخطط " للمنطقة، لا لأمر يتعلق بسيرورة تتحقق عبر امتداد الزمن بل لأن هذه السيرورة تمتد جذورها فى" ثقافات"المنطقة مع تلك الثقافة المتصارعة معها الآتية من الخارج بكل أسمائها ومسمياتها...فالصراع هو صراع ثقافات قبل كل شىء ..ثقافة عربية"فقدت روحها" فأصبحت معتلة مثل الشاةالناطحة العاثرة لاتدرى أى القطعان تتبع، وثقافة فارسية لها الرصيد الأكبر فى تاريخ العلاقات والصراعات 'شرق/غرب يحركها تشيع اغتنى بالتاريخ وبالمواقف السياسية لأهل البيت(الذين كانوا عربا اقحاحا وشرفاء وأتقياء وصلاحا)،هذا التشيع المشدد على النضالى والاجتماعى المعارض للسلط المتغلبة والمتجبرة من جهة النظر التشيع، وثقافة عثمانية'لم يعرف لها أي رصيد ثقافى الا انهااغتنت بدورها باسلام سنى متفتح اعتمد على مذهب ابى حنيفة الذى هو أكثر المذاهب تفتحا وتسامحا و أقل صرامة(وهو الامام الوحيد غير العربى من بين الأئمة الاربعة) كما اغتت تركيا ايضا بالطرق الصوفية التى لمت كل الاجناس المختلفة فى الاناضول وكل منطقة آسيا الصغرى حتى داخل افغانستان.. والتى كونت لها شبه دولة منذ الناصر صلاح الدين.حيث اصبحت لها السلطة الزمنية الى حين وصول العثماتنينن الذين اكرموا هم وبجلوهم وعظموهم بل وقدسوهم احيانا).ولقد ظل هذا القاسم الحضارى المشترك وسيظل هو ما يجمع عرب وعجم المنطقة .. بل وهكذا ينظر الغرب اليها شاء من شاء وأبى من أبى ، بالرغم من بهلوانية الغرب الفكرية والاخطبوطية عنما يضخم فرسية الفرس وعجميبته وتركية الاتراك وتتاريته ومغوليته تنافرها مع عروبية الاسلام وذاك عبر الاثنولوجيات والانثروبولوجيات المبتكرة فى مراكز بحوثه عند الحاجة تلبيةلاحلام يقظته الرومانسية "الأسيانية" التى تنطلى على ضعاف العقول من المرتعبين والمهزومين والمتغربين)،
ومقابل الثقافة المشتركة للمنطقة -رغم التباين فى التفريعات والتفاصيل والصراعات المفتعلة- فهناك ثقافة غربية ثابتة وواضحة (هيلينية –يهودية) منذ نشأتها ..(لا تتغير ثوابثها ولا اصولها أو مرجعياتها) بل هى تجدد دماءها دوما، ولها قدرات هائلة على تلفيق مسوغات هيمنة ثقافتها باستمرار تلبية لنداء العالم الفسيح الذى لا ينقطع عبر السباق المحموم مع الزمن على الانقضاض على الأراضى "غير الواقعة –بعد- تحت السيطرة" والتى كانت –للغرابة- دائما هوهذا الشرق ذى الجاذبية السحرية للمخيال المرضى للغرب (ادرس حفريات الاستشراق "منذ الاسكندر الأ) تحت مفهوم واحد لم ولن يتغير الا وهو مفهمة "السيادة"imperium بمفهومها (الاغريقى-الرومانى-التوراتى )مما يعطى للغرب وثوقا بالتفوق-اللامشروط- لحضارته واعتقاده الجازم بانه مكلف بحمل رسالة مقدسة سواء باسم السماء أوالارض،أو بكليهما (كما صرحا به كلا من بوش وساركوزى حول عشائهما وهما يتناولان "الهامبورغر"والذىغطته كل الولاكالات الدولية)والذى يجعل الغرب يحمل عبء رسالته الكونية بحبور مشبوه، يشوبه العنف الدموى والارهاب الشنيع الذى يتحول الى الجشع و التنافس الدموى الذى تجلىفىالصراع الداخلى من اجل السيطرة على المناطق الجديدة فىحروب المائة عام وحروب الوردتين وحروب القوميات وحروب نابوليون وحروب الالزاس واللورين والحربين الكبريين والقائمة طويلة الى ان وحدتهم رغبة التخلص من"ابليس الاكبر السلطان عبد الحميد" كما سماه جلادستون )
ومن داخل الغرب نفسه تفجر التناقض الذى أفرزمنذ القرن التاسع عشر فلسفات نقدية رافضة ومتمردة مثل الماركسية وما تلاهامن فلسفات عبثية لا عقلانية رافضة لقيم الغرب نفسه،.. تتمحورحول العبث والتمرد والضياع والقلق واللانتماء واللاقصد واللاغاية... تلك الفلسفات التى تظهر على سطح جلد الحضارات المريضة مثل بثورأعراض مرض السرطان (وما أطروحات "الفوضى "الحالية سوى الوجه الأبشع للمسار النهائى للغرب الدال على ميل الغربى "المرضى" للانتحارالجماعى على هدى "على وعلى اعدائى" للتعجيل بنهاية العالم بالمفهوم "التوراتى" انتظارا"للمخلص")
بينما ظلت الثقافة العربية منذ انحطاطها مكتفيةباجترار الماضىوبالتنقيب عن الشماعات التى يعلقون عليها أعباءهم وغباءهم وعجزهم، وانتكاساتهم منذ ان تطايرت شظايا حضارتهم بتفكك الدولة العراقية فى القرن السادس الهجرى قبل مجىء العثمانيين بقرون ..وما نجاحات واخفاقات'تخطيطات" و(ليست مؤامرات) الامبرياليات الأوربية(بالمنظور الانثروبولوجى) الا نتيجة "جرثومة القابلية" للوهن الروحى والحضارى التى يحملها العرب منذ انحطاطهم(لقرون قبل مجىء العثمانيين)، تلك "القابلية" –كما شخصها جيد ا المفكر الجزائرى مالك ابن نبى- والتى تعطى ذلك الزخم القوى لنفس الحركة الراهنة "للأمركة "- المنتصرة فى المنطقة"- وهذه تهتدى بتلك-و تتجلى فى موجة تنامى تناسل المتأمركين وتكاثرحشود هسترة الديماغوجيين والايديولوجيين مما يطلق عليهم –تجاوزا- بالنخب التى ما برحت" تجتهد" فى عصر الفلسفات الغربية "الغروبية" المتآكلة بلم فقاعاتها -من هنا وهناك- باسماء تلفيقية مثل "العقلانية" و "الواقعية" والمصلحية الفورية "للارتماء فى احضان "الفاتحين الجدد" لكنس "البيت العربى من داخله بمسح الأعداءالداخليين للامة "كل اشكال المقاومات" والاعداء التاريخيين المجاورين من فرس واتراك والدعوة الى التحاورمع اسرائيل والغرب برمته، وترويج مصطلحات عائمة وحمالة اوجه مثل تنمية روح التسامح وقبول الآخر والحوارمع البعيد وكأن الحوارات الداخلية مع الأقربين من المحرمات الكبرى على هدى "البعيد منك قريب والقريب منك بعيد كما صدحت بها المغنية المصرية فى السبعيانات نجاة الصغيرة !!!!) مقابل الحفاظ على مصالح المخلفين من الأعراب ومن يحركهم ،وذلك بقراءة التاريخ من نهايته -ويا لهول القدر- وكأن التاريخ يعيد نفسه شئنا أم أبينا
تحرك البعبع التركي
فتحرك الأتراك فى المنطقة اذن بجنرالاتهم الماكيافيليين وعلمانييهم الحداثيين واسلامييهم"البراغماتيين" فى شمال العراق لهو تحصيل حاصل لما يجرى فى المنطقة من "فوضى" عارمة،ووعيى الأتراك باجماع تياراتهم السياسية بأن الانضمام الى أوربا لن يتم الا بدخولها من الباب الرحب الأكثر سعة ألا وهوباب المساواة النفسية مع الغرب للدخول فى السباق الرهيب معه، .بعد أن طرده هذا الأخير من معلمة التاريخ شر طردة فى بداية القرن الماضى، لأسباب وعوامل لا يتسع المجال لذكرها هنا ،فماضى تركيا العثمانى لم يدرس فى عالمنا العربى بموضوعية بعيدة عن البرامج المدرسية لمؤرخىالملوك والسلاطين، والكتابات التشنجية لبعض القوميين المشبوهين الذين سقطوا فى القراءات الانتقائية التخفيضية" والتشويشية التبريرية "والنظرة التاريخانية الغربية، لعدم شرعية الدراسات الاكاديمية عندنا ولعدم استقلاليتها وغياب النزاهة لارتباطها بنرجسيات السلطات العابرة وأهدافهااللولبية
عودة البعبع
وعودة البعبع دليل على استيقاظ الغول من سباته ،ذلك البعبع الذى تمثل فى الماضى القريب فى تلك القوة العسكرية التى وصلت بالأمس الى فينا، وطوقت حدود سويسرا، وطوت صحيفة الأمبراطورية البيزانطية، وبعثث الرعب فى أوصال روسيا القيصرية واضطرت قيصرتهم أن تبيت فى فراش القائد التركى لتفلت من حصاره ،وهوتلك القوة التىصدت أطماع الفرنجة عن المنطقة لقرون عندما أفل نجم العرب، وتمزقت وحدة العالم الاسلامى بعدأن كان هارون الرشيد أعظم ملوك الدنيا يتحدى السحابة أن تمطر خارج مملكته ، ثم تناثرث مثل الشظايا بعد أن خلفه خلف حولوا قلب الدولة العربية فارسيا ثم تركيا حيث انتهى الأمر بها الى الخليفة المقتدروهوغلام تسود دولته أمه التركية وقهرماناتها بينما هو منصرف الى المجون والعربدة حتى الثمالة مسلما السلطة الى السلاجقة الى ان يقتله جند من البرابرة حيث جلل الظلام مدينة السلام الى ان دمرها هولاكو بخيانة ابن العلقمى –وما اكثر ابناء العلقمى فى زمننا هذا فى المنطقة- ..وهكذا حتى مجىء العثمانيين بعد ذلك بقرون
وسيظل العثمانيون بالمنظور الغربى ،تلك القوة العسكرية الضاربة من سمج أبناء الأناضول المنحدرة من سلالات جحافل التتار والمغول،(ولكم هو مغرم الغرب بتصنيف البشر بعلوم اثنولوجياته التى يتم وضعها بشقق فاخرة ببرلين ولندن وباريس ،وكم من اثنولوجى ذاعت شهرة ابحاثه حول "خصوصيات الشعوب الدنيا هو قابع بشقته الفاخرة كما الشان لدى المتخصصين فى الانثروبيولجيا الفيزيقية لدى الالمان)
وكان العثمانيون –بالنسسبة للغرب دوما- هم اولئك المسلمون الصادقون (وهدا كاف لتدميرهم فى نظر الغرب) الذين اعتنقوا عقيدة العرب ودينهم وثقافتهم (وهذا الانتماء هو سبب نكبة الأتراك كا يضخمه الكماليون والشوفينيون الاتراك)-
وكان اسلامهم هوغذاءهم الروحى ومبررتواجدهم الدائم فى جبهات القتال ضد أعداء الاسلام والعرب من الفرنجة طوال أربعة قرون، تلقوا فيهاعن الأمة الاسلامية ضربات متصلة من دول أوروبا مجتمعة من بريطانيا الى روسيا ومن النمسا الى البرتغال ،ستخدمة ضده كل الأساليب من التآمر وتدبير الفتن وتكوين الأحزاب المشبوهة والجمعيات*(ترويج الفكرة الطورانية التى أسسها مهاجرون روس داخل تركيا زمنهابالدعوة لى توحيد العناصر التركية ضد العرب من المجر الى الصين والتى انتهت بمؤتمر "باكو" المشهورعام 1926 بالاتحاد السوفياتى سابقا الذى تم فيه اقصاء استعمال اللغة العربية نهائيا فى حكم الدويلات التركمانية المسلمة والمستعربة فى الاتحاد السوفياتى والذى طبقته حكومة اتاتورك..وكم فقد العرب من خلفيات لدعم حضارته وقضاياه) ثم بشراء الذمم ..بحيث لم يكن من السهل التقرير فيما اذا كان الأتراك قادرين على مواصلة التطورالحضارى للعرب والمسلمين أم لا...'فلم تتح لهم-تاريخيا- فترة السلام والاستقرارطيلة وجودهم ،لكونهم ورثوا منذ البداية ظل امبراطورية خرافية المساحة ذات قوميات وملل ونحل مختلفة ومتخلفة، ولم تكن تركيا قادرة على ممارسة أسلوب التوحيد بالقهر والابادة بحكم دينها المتسامح وهو الأسلوب الذى مارسته الدول الأوربية الاستعمارية بكل جرأة وصفاقة ووحشية حتى الستينات ،حيث دفع الأتراك ثمن تسامحهم الدينى والعرقى النادر مقابل الابادات التى مارسها الاسبان والبرتغال فى الأندلس علىالعرب، وما مارسه الأوربيون "المتنورون" للسكان الأصليين للقاراتين الأمريكيتين (الابادات الجماعية-باسم السيد المسيح عليه السلام وباسم التنويرفى فترة اقل من قرنين)..
وكان العثمانيون تلك القوة الضاربة التى لم تجد حضارة خلفها تسندها وتطورها وتجدد دماءها فأضاعوا بدورهم –بشوفينيتهم وتحجرهم- فرصتهم الوحيدة فى التاريخ برفضهم اللسان العربى الذى تبنوا عن طواعية عقيدته وحضارته فيما عدا محاولة السلطان سليم الأول الذى جعل اللغة العربية لغة رسمية حيث كان هو نفسه ضليعا فيها وفقيها ويمارس ضربا من الشعر العربى.
وباختصار فلم تواجه امبراطورية فى التاريخ مثل ماواجهه الأتراك من عداء ومؤامرات خارجية لم تترك لها فرصة البناء الداخلى وتسيير شئون اعراقها وولاياتها.
وان هذا "البعبع" قد عادمن جديد يلوح للغرب -بما فيه روسيا- العدو التاريخى لتركيا- ولعرب المنطقة الذين تآمروا على تفكيكه..بالأمس،القريب باستعراض عضلاته و قدراته الخفيية والظاهرة بالعودة الى"العثمنة" حثيثا بعد ان فشل"التتريك"..حتى أن المصادر الغربية منها كتاب "هانزكوهن" فى كتابه "عصر القومية" يقول "وفى نهاية خمسين عاما من الاصلاح كان سبعون فى الماءة من الشعب لا يزالون أميين، واالقتصاد زاد اهتراء والفقر استحل اكثر بينما احتفظ التقليد الاسلامى بولاء الشعب فى البلاد ،فى المدن والقرى"..وهذا الانحدارالاقتصادى والاجتماعى والتفكك الاخلاقى كان الثمن الباهض لبقاء تركيا كدولة بعد اندحارها المشين، منذ أن طالب الغرب اتاتورك بمحاربة الدين والتدين انتقاما للهزيمة النكراء التى لحقت بالمسيحية الغربية على ضفاف البوسفور بعودة ايا صوفيا كنيسة من جديد ،عندما تحرك أساقفة بريطانيا وأمريكا لاخراج الاسلام من اسلامبول ،ذاك الثمن الذى دفعه الترك لمنحها موطأ قدم فى القارة الأووربية بالتخلى عن الصفحة المشرقة الوحيدة فى تاريخها الطويل ، فتحولت الى "رجل اوروبا المريض" فأجهض-بالمبنىللمجهول- التاريخ ،ولم يبق بعد ذلك، لا الرجل ولا التاريخ ،بل بقى المرض الذى ينهشها، وظلت تعيش عالة على فتاة مائدة من دمروها وفى حمايته وباثقال كاهله بالقروض المشروطة والمجحفة.للمزيد من التركيع والاهانة.
فواهم اذن من يظن بان تحركات تركيا الحالية هى مجرد "دروشة" صوفية او وحنين رومانسى مرضى الى التاريخ .أ مجرد تنفيذ مخططات اسرائلو-امريكية كما يصرح بعض محللى الأمسيات الرومانسية الحالمة لمحللينا والجاهلين بحكم التاريخ وعبره
مسوغات التحرك التركى فى العمق العراقى
وبوادر التحرك التركى –عسكريا- له مبرراته الاستراتيجية والاقليمية والدولية..حماية لمصالحهاو تخوفا من استشراء مخططات الفوضى الغربية فى المنطقة التى ما تزال فى بداياتها (لأن الغرب يطمح فىشيوع الفوضى بمباركة "معتدلى المنطقة" )(فقد دخلنا عصر الفوضى بامتياز وسيكون القرن الحالى هو الفاصل فى المعضلة الازلية بين الشرق والغرب للذين لا يعلمون..)
وان الاتراك على يقين بعدم اطمئنان الأعداء التاريخيين من الأمبراطوريات الأوربية (بريطانيا وفرنسا وروسيا)للنوايا الخفية للأتراك فى ظل التحالفات الداخلية للاحزاب وكل التيارات فيها لصالح المصالح القومية لتركيا، وبالتالى فوجود تركيا قوية تحاول لم شعثها ولملمة أطرافها يربك أوراقها، وخاصة وان هذه الدول تبحث لها عن مواقع قدم فى المنطقة انتظارا للتفكيك النهائى للعراق بمحاولة تفكيك كل انواع المقاومات فى المنطقة للمشاريع الغربية( فالذئب المتربص لا يفرق بين علمانييها ومتدينيها وعربها وعجمها ومسيحييها ومسلميها ...فالذئب لا يأكل من الغنم الا القاصية كما ورد فى الاثر) وبالتالى فان تقاسم الكعكة العراقية -كما هو مخطط له- بمعزل عن المصالح التركية فى المنطقة- سيضر بالأمن القومى التركى فتصبح تركيا بين كماشة الأمريكيين وبين التطلعات الروسية الجديدة فى المنطقة بعد احتمال ضرب ايران أوسوريا ،وعندما يستقل الاكراد بمنطقة الشمال وتصبح منطقة نفوذ ومرتع للمرتزقة الجدد المتحلبة الأفواه المتقاطرة من كل حدب وصوب بمباركة" المتأمركين" فى مشرق العالم العربى ومغربه بعد ان تم تحييد وعزل الدول المغاربية بالتهديد والوعيد وصفقات السلاح المشبوهة وعزل ليبيا عن محيطها العربى والاقليمى وتأجيج نار الفتنة بين المغرب والجزائر لصرفهما عن التنمية والصراع فى الشرق الاوسط كما رشح عن زيارة "بوش فرنسا الجديد" الرئيس الحالى ساركوزى اثناء زيارته الاخيرة لهذه لهذه البلدان، بما فيها كل الدول الفرانكوفونية الافريقية والأضواء التى سلطت عليه –اووربيا- بدوره "البطولى "النابوليونى" الذى لعبه فى حل مشكلة البغاريات ودعوته لأوربا قوية بقيادة أمريكا للقيام بدورها فىتثبيث "دعائم الأمن والسلم والرخاء فى العالم"...فرحماك ياتاريخ!!!!.وبتصريحاته (المرضية) بتخوفاته من ان ان تتحول تركيا الى ايران جديدة فى المنطقة مما اجج "فوبيا" العثمنة او "التوركوفوبيا" la turqophobie فى أوروبا الى جانب المزيدمن النفخ فى "الاسلاموفبيات" شيعية وسنية (المزيد من محاصرة حزب الله الشيعى وحماس السنى) بالتكرار الممجوج لذات المصطلحات والمفاهيم الاكثر بهرجة وتهويما، والبضاعة الاكثر رواجا وتهويما وتلفيقا "لضرب المارقين"منذ حرب الخليج الثانية
كما أن تركيا على يقين أيضا بأن الولايات المتحدة واسرائيل تريدان تلقين سياسييى تركيا ومتخذى القرارت فيها درسا قاسيا بسبب رفض استخدام الأجواء التركية-بقرار برلمانى ديموقراطى-ضد ضرب العراق ، وبسبب اذلال وزيرخارجيتها السابق كولن باول ، ولسوء معاملة وزيرة خارجية اسرائيل ..ولجرأة تركيا على التفاوض"مع الكبار" ثمنا للحياد او للتدخل لصالح الغرب واسرائيل فى المنطقة وذاك عصيان واثم لايغتفران فى حق الكبارو"مشاكسة العقلاء"وآلهات الأولمب
فى حين أن أوروبا الحالية لا تخفى عداءها للاتراك-حتى لا تتهم بنظرية المؤامرة- فقدت بدأت فرنسا (صديقة شعوب منطقة المتوسط "وصديقة العرب بالذات"-(وكأن ماضيها "النظيف بالشام والمغرب العربى –وفى الجزائر بالذات- أبيض من البياض).عندما كشرت عن أنيابها حين اختلق رئيسها السابق قبل تنحيه عن منصبه زوبعة "اعادة اثارة الملف الأرمينى"لافتعال أزمة بين المجموعة الاوربية وتركيا ، وتزكيةللتصريحات النارية لجيسكارضد تركيا كرئيس للمجموعة الاوربية لسنتين خلتا،وصار ساركوزى على نهجهما 'مما جعل اكثر من جمسين موقعا فرنسيا ينتشى "باعادة الروح الوطنية والقومية لفرنسا من جديد) حت الذى لقبته الصحف الفرنسية "بنابليون فرنسا "الجديد والذى يردد فى خطاباته النارية "الهتليرية "منذ توليه منصب الرئاسة بضروررة استعادة الماضى التاريخى التليد لفرنسا(ولكم هو تليد) ودعم اعادة رئاسة بيرلوسكونى الفاشى الايطالى ،والتحذير من قبول تركيا فىالمجموعة الأوروربية بدون "شروط" (بقوله حرفيا بعدم قتل الذاكرة التاريخية للشعب الفرنسى) ولا بد للقارة الاوربية –حسب قوله من ان تبقى 'القارة الحصرية للمسيحية" كما يرددها جيسكار الرئيس السبق والوزير ووزيره 'الديغولى)ريمون بار
تركيا الحالية تحت هراسة التاريخانية الغربية
انه لا المصادرالتاريخية التركية ولا الغربية ولا العربية(مع كل التحفظات) يمكنها ان تزيل من الذاكرة التاريخية الحديثة العهد –سوسيولوجيا- على مستوى اللاشعور الجمعى للاتراك أو للأوروبيين بأن تركيا كانت العدو التاريخى التقليدى للغرب.وماتزال ماثلة فى الذاكرة الشعبية للجيلين السابقين لكل من تركيا واوروبا( . فالى عهد قريب كانت الأمهات فى أقاليم النمسا وسويسرا يجبرن اطفالهن الرضع بالاستسلام للنوم او الاتيان بالتركى، ولم يفصل الاوربى فى ذاكرته ما بين التركى والعربى حتى ما بعدحرب حزيران)
فقد رسخت كتابات"الرومانسية " والرومانسيين منذ عصر نهضة الغرب..ذاك العداء التاريخى المقيت للشرق وتركيابالذات (اقرأ شاتوبريان وهيغو وأناتول فرانس من المعاصرين كامو(الجزائرى المولد والحائز على جائزة نوبل للفلسفة) ومن المحدثين الحائزين على جائزة "كونكورللأدب فى العشر سنةات الأخيرة هولبيك ودانتيك Dantecو Houllebecq " المليئة بالأحقاد على العرب والأتراك،و التصريحات العلنية للحكام والمنظمات واجماع الاحزاب اليمينية واليسارية من اتخاذ موقف الرفض لانضمام تركيا الى المجموعة الأوربية باثارة كل الملفات التاريخية، و التركيز على خطرتمسك معظم الاتراك "بالاسلمة"، كما ترجمته الانتخابات الحالية،و اثارة مشكلة الاكراد'"فرحماك ياتاريخ ؟؟، حتى الدراسات الأكاديمية فى علوم الاقتصاد تدعم المزاعم "الايديولوجية"،بملفات محكمة –بالتحليل والبحث "الرصين" وضخ الاحصائيات واستطلاعات الرأى العام الأوربى لكل الشرائح الاجتماعية بالتركيز على التخوفات من تنماى التأثيرالاقتصادى التركى فى ألمانيا وهولاندا والنمسا وبلجيكا وفرنسا (المتمثل فى الغزوالتركى للأسواق الأوربية بفضل حنكة وفعالية الجاليات التركية عكس المغاربية) ، وملفات الاستعصاء عن التدجين ومقاومته(بدعوى عدم قدرات الاتراك على "الاندماج" والانصهار والذوبان فى "الثقافة الاوربية" التى تظهرعلى الجاليات التركية -سوسيولوجيا-عكس الجاليات العربية وخاصة المغاربية القابلة للتدجين حتى فى عقر دارها
وهذه الحملات "المعقلنة"و المنظمة تثير حفيظة الاتراك وتذكرهم بنفس أجواء التخطيطات التى مهدت للهجمة الاوربية الاخيرة التى سبقت طردهم من معلمة التاريخ ،والتى يروج لها حتى فى كراسات التعليم والمناهج التاريخية المدرسية بها وكان التاريخ يعيد نفسه( وتتخلى بذلك أوروبا عن القاعدة الأولى التى سنتها المنظمات الدولية التىسنتها لنفسها،والتى هى من صنعها مثل منظمة اليونسكو" بان العنصرية المقيتة تبدأ فى العقول لدى الناشئة ..فيجب محاربتها وازالتها بالبرامج التعليمية. من الأذهان بالتعلم واشاعة التسامح) الا اننا نرى العكس تماما..حيث يلقن التلاميذ وهم صغارا،بأن تحطيم الدولة العثمانية واقتطاع ،أوصالها كان "شرا لابد منه" و بدوافع انسانية وتقدمية لان "الفريسة " كانت رجعية ومقيتة وغير جذيرة بالبقاء ،ولذا فمن الرحمة وحسن الفطن غزوها من أجل تقدم الشعوب التى ترزح تحت نير الاستعباد التركى وهى رسالة الانسان الرجل الابيض وهو الطرح السائد الآن بعد فوز ساركوزى فى فرنسا (حيث يعاد نبش امجاد بنابوليون و شارلمان،ولويس الرابع عشر، والسادس عشرن وكارلوس الخامس، وكارلوس الأول، وبسمرك وغاريبالدى وماتزينى، ونعت كل "مارق محتمل " فى الشرق بلقب صلاح الدين-علمايا كان أم اسلاميا (علما بان استطلاعات الرأى المؤخرة تؤكد على اقتراب استكمال سيطرة اليمين فى كل بقاع اوروبا فى العام المقبل وحشرها كلية تحت شعار "الخصوصة الأوربية" ضد الهمجية الشرقية، باهابة المثقفين الفرنسين الى تحمل مسئولياتهم التاريخية لكى تتسنم اوروبا دورها من جديد واعادة الامجاد الفرنسية والاوروبية القديمة ..فرحماك ياقدر–ويالها من امجاد استعمارية... مع ملاحظة ان معطم المثقفين والمفكرين بفرنسا اصبحوا كلهم "ساركوزيين"وتحول معظمهم من اليسار الى اليمين كما كتبت المجلات الفرنسية القريبة من مراكز البحث العلمى مثل "الاوبزيرفاتور" فى شهر مايو الاخير 2007..و بضرورة العودة التحصن "بالتراث اليهودى-المسيحى" كقيم روحية بما فى ذلك كل اليسار والايكولوجيين من خطر الاسلمة بعد فشل تدجين المهاجرين كلية وخطر الاتراك القادمين الى اوروبا من ابوابها الواسعة)
و تروج بعض الصحف الفرنسية –يمينية او يسارية-'سواء الفيغارواليمينية أو ليبيراسيون اليسارية –والتساؤل هل بقى هناك يسار فى اوروبا؟- بان تركيا الحالية فى ظل حكومتها الحالية- ماهى الا الدولة العثمانية التى انتزعت القسطنطينية من اوروبا المسيحية وأسمتها اسلام بول بعد أن صمدت للزحف الاسلامى قرابة تسعة قرون حيث ترك ذلك جرحا لن ينسى فى قلب أوروبا الصليبية آنذاك الذى لم يمحه الاعودة الصلبان تطل من جديد فى كنيسة ايا صوفيا بعد اربعة قرون –كما كتب أحد اليساريين فى أكبر جريدة يسارية فرنسية فى شهر مارس الماضى-
بل هناك من السياسيين والمفكرين بفرنسا(من كل الأطياف تحت ريادة جوقة اللوبى اليهودى بفرنسا والناطق باسمه فيلسوف فرنسا ونجم الفلاسفة الجدد الذى يرهب كل المفكرين بقنوات الاعلام اليهودى المتصهين "برنارد ليفى" ومنظر ساركوزى وملهمه فى شئون القضايا العربية والاسلامية (على غرار شيخ المستشرقين الانجلوساكسون اليهودى برنار لويس فى البيت الابيض) هؤلاء المفكرين الذين أمضوا وثيقة يدعون فيها "مافيا بروكسل" بالكف عن مد المعونات المالية والتقنية والانسانية لتركيا مذكرين اياها بان اندحار العثمانيين ما كان ليتم لو لم تكن تركيا مثقلةبالديون(كانت ديون الدولة العثمانية قد وصلت الى 106 مليون جنيه فى عام 1881قبل خلافة عبد الحميد) وان سبب اندحارها كان بسبب قلة العتاد والمعدات التقنية والتجهيزات العسكرية المتآكلة ،وليس لقلة الحوافز القتالية أو بسبب ديكتاترية السلطان عبد الحميد او غبائه السياسى، وعدم السقوط فى مطب ايران جديدة فى المنطقة !!!كما يتجدد التذكير بان التوسع الغربى فى العالم العربى والاسلامى تقاطع دوما-تاريخيا- مع تركيا واصطدم بها...فرنسا كانت فى شمال افريقيا وساحل الشام ، وانجلترا فى جنوب الجزيرة العربية والخليج ومصروالعراق ،وايطليا فى طرابلس،وروسيا على طول امتداد تركيا وتوسعها سواء فى الولايات الاسلامية او البلقان حيث جرى طرد المسلمين وابادتهم باضعاف الرجل المريض (لاحظ ان لذة الاشادة بالابادة هى منقبة وملحمة يفتخر بها الأوروبى دوما)،والتذكيربان هزيمة الدولة العثمانية لم يشفى غليل ،أوروبا الا بعد كتابة سطر النهاية بالنصرالكامل فى الحروب الصليبية، كما خطته الصحف البريطانية والفرنسية زمنها بنشرها لكلمة الجنرال"اللنبى"الشهيرةعندما فتح بيت المقد س"اليوم انتهت الحروب الصليبية" أو "العودة من الحروب الصليبية" ويهنىء "ثعلب السياسة البريطانية لويد جورج الجنرال اللنبى فى البرلمان البريطانى بالنصرفى "آخر الحروب الصلبية"او الحرب الصليبة الثامنة"
وبعد معاهدة فرساى واقتسام حطام الأمبراطورية العثمانية وقف الجنيرال الفرنسى "جورو" لتاكيد استيلاء فرنسا على سوريا ودخل المسجد الأموى حيث رفات صلاح الدين-القاهر العظيم للصليبيين ويقول بشماتة العوام"واطئا بقدميه القبر"استيقظ.. لقدعدنا يا صلاح الدين"...وكان النصر كاسحا ولم تبق الا الأستانة وبها أسير كسيح مهان،كان يسمى بخليفة المسلمين –وهوعبد الحميد أو السلطان الأحمراو ابليس الأكبر كما كان يلقبه الساسة البريطانيون
.حتىان "الانثروبولوجى" والاقتصادى الكبير "سيرج لا توشSerge La touche فى بحوثه حول دلالات ومغزى وحدود تنميط العالم وحوارات شمال/جنوب و شرق/غرب يقول بالحرف الواحد "بان انتقام الصليبيين. بدحار الاتراك.هو العودة الأكيدة للغرب..""بعد اخفاقاتها فى حروبها الأولى وبعد انتصار الفاتحين الأسبان الذين حولوا وجهة الصليبية الى "تمسيح الهنود الحمر بالابادة.." ومضيفا "لاتوش فى كتابه الشهير "تغريب العالم " ان الحروب الصليبية –بكل أشكالها-لهى مغامرة من أكثر المغامرات التى تصورها العقل البشرى جنونا على الاطلاق.."النسخة الفرنسية ص16"
ولهذه الأسباب الوجيزة ولأسباب اخرى أكثر خصوصية وتعقيدا فلن تسمح تركيا لنفسها بأن تدع نفسها تقع بين كماشتين باعادة تطويقها من جديد عن طريق شمال العراق ما لم تتسلم ثمن "التتريك" فى ظل تنامى رسالة روسيا المقدسة للروس الجدد وقيصرهم "بوتين" الذى لن يشذ على القاعدة القيصرية القديمة بمحاولة تطويق تركيا لتاثيرها العرقى والروحى فى حوالى ملايين المسلمين من اصول تركمانية داخل الاراضى الروسية وعلاقة طرقها النقشبندية والرفاعية والبكداشية داخل روسيا بالطرق الام فى تركيا( وارتباط هؤلاء بالجهاد فى الشيشان ودور الرفاعيين البطولى والاستشهادى فى حرب البوسنة والهرسكمما لن يفصح عنه رسميا على سبيل المثال وهذا موضوع ،عقد من ذنب الضب)
السلطان عبد الحميد هو ابليس الاكبر...جلادستون
( تلك القشة التى قصمت ظهر البعير)
ان هناك جمالا مفجعا فى هذا الايمان العميق بالقدر، وتقطيع الاوصال : ومع ذلك يحارب هذا الرجل حتى آخر نفس ، أستطيع أن أتتصور نبوءة عبد الحميد الآن...حيث لا يمكننا بالفعل امتلاك فلسطين دون انهيار الامبراطورية العثمانية وتقطيع أوصالها..
تيودور هرتزل...(نقلا عن" ديزمون ستيوارت" فى –تاريخ الشرق الاوسط- دار النهار 132 -158 وما يليها
وصول فلسطين الى "سالونيك" او نهاية النهايات
وبعيدا عن نظريات المؤامرة واحقاقا لمنطق التاريخ واستنادا الى المصادر الغربية فان الامبراطورية قد ذوت قبل الأوان وبدأت فى الذوبان منذ عام1570 للميلاد حيث توالى على حكمها ثلاثة عشر سلطانا انغمروا فىحياة الجاريات ومستنبث المؤامرات، وأتون اللهو والمجون فكبكبوا فيها الى أبلغ المدى، تاركين التسيير والتدبير للذئاب الكاسرة والغلمان والقهرمانات على رقعة خيالية الاتساع والتنوع العرقى والدينى والمذهبى..
..وبمنطق التاريخ الذى لا يرحم استكمل دورته بزيارة تيودرر هرتزل الذى ساوم السلطان عبد الحميد بكل المساومات القذرة لشراء فلسطين مقابل تلميع سمعة الامبراطورية فى المجامع الدولية وصحفها وتسديد كل ديونها الخيالية والصمت على خروقاتها ومساعدة السلطان فى التخلص من العرب ومحاربتهم –فى حال نشوب نزاع مسلح معهم – حيث كان الجواب المفجع التالى الذى كان بمثابة الطلسم السحرى الذى طوى آخر صفحات الرجل المريض وهو.."...لا أستطيع التخلى عن شبر واحد مهما كانت المغريات، ويستطيع اليهود أن يوفروا ملايينهم،فحين تقسم الأمبراطورية سيأخذون فلسطين بلا مقابل، لكن لن تقسم الا جثثنا أولا، لاننى لن أسمح أبدا بتشريحنا ونحن أحياء(ص 158 من المصدر اعلاه.
وأدرك هرتزل بحسه اليهودى ساعتها بأن "امتلاك فلسطين لن يتم الا على أالقضاء على هذا الرجل وتقطيع أوصال امبراطوريته اربا اربا" كما كتب حرفيا فى مذكراته.. حيث أعطى هذا الأخير الاشارة الأخيرة والحاسمة للأوربيين للاجهاز على الرجل المحتضر(تركيا)، حيث تم التقارب الانجليزى- الفرنسى بسرعة البرق بعد طول الانقسام لقرون-ونجح ملك بريطانيا ادوارد الثالث فى اصلاح ذات البين –للغرابة- للتقريب بين فرنسا وايطاليا وما بين النمسا وروسيا والاتفاق فى مجال البلقان والتفاهم بين روسيا وبلغاريا حول مسألة العرش البغارية وتم هذا بسرعة زمنية غريبة انطوت فيها الاحقاد والصراعات القديمة- باسم المصالح المشتركة. والدين المشترك والعرق المشترك..فتأملوا ياساسة ومفكرى المنطقة !!!
..ولكى يتم التاريخ دورته الأخيرة ولعبثية القدر، وقف على رأس السلطان أربعة نواب برلمانيين أجبروه على امضاء وثيقة التنازل عن العرش (ثلاثة منهم من أصل يهودى ويونانى وأرمينى) وكلهم من أهم اعضاء حزب الاتحاد والترقى الاتاتوركى .. وهكذا اسدل الستار على امبراطرية ما كام لها ان تذوى لو كانت مسيحية او ساومت فى القضية الفلسطينية-كما قال بحق عبد الله النديم)... وتبلغ المأساة ذروتها عندما يقوم "ناحوم أفندى" حاخام اليهود بتركيا كوسيط بين الحلفاء ومصفى كمال أتاتوك للابقاء على اشلاء الرجل المريض بزعامة هذا الاخير..فما أبشع انتقام الصهيونية عندما وقف عبد الحميد-مع اخطائه واخطاء أجداده- بصلابة وحزم ضد الصهيونية التى قررت زواله بشكل مذل لم يعرفه التاريخ ليكون عبرة لغيره من حكام الشرق الذين قد يعترضون مشيئة الصهيونية.وذلك الذى حدث..لاحقا مع كل من سولت له كرامته معاكسة التيارمن أشراف المنطقة
ولذا فلا أمل من التكرار بأن التاريخ الذى يضع مراياه فى مواقع العبرة ليظهر للأمم مايصنعنون أو ما يصنع بهم فانه يطرح التساؤل التآلى...ماذا أعد عرب المنطقة للتحرك التركى؟ هل هو منهج الاحتواء والحوار وتدارس المصالح المشتركة لصالح المنطقة-وما اكثرها- ومن اهمها القضية الفلسطينية(التى هى أم القضايا شئنا أم أبينا) ام منهج الالتواء والانبطاح والتسويف وتوكيل حل معضلاتنا الى الثالوث المتجانس فكريا وعقائدياذووا النزعة للشراهةالمرضية(الهاموية) Vampirisme للتقسيم والقتل ومص الدماء ( اسرائيل واوروبا والولايات المتحدة)قصد اشاعة اشاعة المزيد من الفوضى العارمةالتى سيكون العرب أول من سيكتوى بنيراها؟
أولا يعى ساسة المنطقة بأن الأمم التى يكتب لها الخلود هى تلك التى ترفع مصالحها وقضاياها الحيوية فوق كل الاعتبارات النرجسية؟؟؟
وأن الامم التى يكتب عليها الفناء هى التى تبتلى بمن يفسد عليها اختيارالطربق الأسلم الى بر الامان ؟أم أن قدرساستنا هو الاصرار على تعقيد البديهيات والاصرار على المعميات؟
*فى عام 1900 دخل ممثل الجمعية الصهيونية بتركيا اليهودى"قره صوه أفندى" على السلطان عبد الحميد يطالبه باعطاء الجمعية الاراضى الواقعة فى المثلث ما بين يافا وغزة والبحر الاحمر والميت مقابل خمسة ملايين ليرة عثمانية تدفعها الجمعية الصهيونية هدية الى الخزينة السلطانية الخاصة ، وعشرين مليونا تعرضهاالجمعية الى الحكومة دون فائدة مساعدة لها، فغضب السلطان وطرده من حضرته..وعلى اثر ذلك تاسست جمعية سرية من اليهود المعروفين" بالدونمة" وهو لقب يطلقه الاتراك على اليهود القادمين من اسبانيا (بعد ان اكرم العثمانيون وفادتهم اثر محاكم التفتيش والتقتيل الى تعرضوا اليها فى ظل الملكة اليزابيث والملك فيرديناد..والذين استوطنوا سالونيك وهم طائفة يتظاهرون بالاسلام ومنهم جاويد بك المشهور وبعض كبار رجالات الاتحاد والترقى حيث دخلوا الحزب الكمالى دعما لخطواته نحو التتريك .. وبمجرد الانقلاب ونجاحه واستسلام التنظيم على السلطة اعلنوا يهوديتهم من جديد التى اخفوها لاربعة قرون ..فما ابشع انتقام الصهاينة.