الحركات الإسلامية والخطاب الإسلامي المعاصر
في مجلة "فكر وفن" الألمانية
متابعة: أحمد فضل شبلول
ملاحظات حول الخطاب الإسلامي المعاصر، ومستقبل الدراسات الإسلامية في ألمانيا، والحركات الإسلامية كموضوع إشكالي، والدراسات الإسلامية والتحديات الجديدة، وحفيد حسن البنا والإسلام في الغرب، والقراءة الفيلولوجية للقرآن، هي أهم موضوعات العدد الجديد (81) من المجلة الألمانية "فكر وفن" التي يصدرها معهد جوته الألماني مرتين في السنة، ويدير تحريرها شتيفان فايدنر.
في مقاله حول الخطاب الإسلامي المعاصر وسجال القيم قالت غودرون كريمر ـ أستاذة الدراسات الإسلامية في برلين ـ في افتتاحيتها للمقال الذي ترجمه محمد الحشاش: "يتجدد التفكير في القيم بشكل جدي في أوربا التي تتذكر مجددا تراثها الغربي المسيحي، منذ سقوط جدار برلين والإمبراطورية السوفيتية، وفي الولايات المتحدة الأمريكية التي تشعر بأنها مكلفة بحملة صليبية على مستوى العالم من أجل الحرية، وفي آسيا التي تعتز بطابعها الخاص، ويسود جدل حول القيم في العالم الإسلامي، وهو جدل يبرز على مستويين مع الذات ومع الآخر".
أما نويد كرماني ـ مستشرق ألماني من أصل إيراني ـ فقد قال في مقال ترجمه عدنان عباس علي بعنوان "حوار الحضارات أم صراعها؟ مستقبل الدراسات الإسلامية في ألمانيا"، قال: "حينما كانت الدراسات الإسلامية تتغاضى عن النقاش والجدل الدائرين في رحاب العلوم الاجتماعية عامة، والدراسات المتخصصة بالمناحي الثقافية على وجه الخصوص، فإنها فرضت على نفسها، بهذا الصنيع، العزلة عن ركب التطور العلمي، وبالتالي كانت قد غدت قليلة الجدوى وغير مفهومة الهدف في كثير من الأحيان بالنسبة للباحثين الآخرين المتخصصين بموضوعات مشابهة تمس محيط لغات أخرى".
ألبريشت ميتسغر ـ مستشرق وصحافي ألماني ـ يكتب عن نقد الفكر الاستشراقي تحت عنوان "الحركات الإسلامية كموضوع إشكالي" قائلا في افتتاحية نقده ـ ترجمة عادل القدسي ـ : "يجب على كل أوربي متنور مهتم بالحركات الإسلامية أن يسأل نفسه عن موقفه الشخصي من هذه الظاهرة، فالحركات الإسلامية في بادئ الأمر تناهض كل قيم حركة التنوير، كالإيمان بالمساواة بين الناس بغض النظر عن جنسهم أو دينهم، وتعارض الفصل التام بين الدين والدولة، بما يعني إبعاد الدين عن السياسة والمجتمع ليظل أمرا شخصيا بحتا".
الدراسات الإسلامية والتحديات الجديدة ـ ألمانيا نموذجا، عنوان دراسة تتناولها كتايون أميربور ـ باحثة وصحافية ألمانية من أصل إيراني، ومتخصصة في حركات الإصلاح الإسلامي في إيران ـ فتقول في إحدى فقراتها ـ ترجمة عدنان عباس علي ـ: "اتهم البعض الدوائر المختصة بالدراسات الإسلامية في ألمانيا بأنها لم تكن بمستوى التحديات التي أفرزها الحادي عشر من أيلول / سبتمبر؛ وأنها عجزت عن استقبال أعداد أكبر من الطلبة، ولم تفلح في تحقيق ما هو مطلوب منها في الوقت الراهن؛ دراسات أكثر شمولية وأقل انتقائية".
أما لودفيغ أمَّان ـ من مواليد 1964 ـ والباحث في الدراسات الإسلامية، فيكتب عن حفيد البنا والإسلام في الغرب، أو طارق رمضان والإصلاح المحافظ، فيقول عنه ـ ترجمة ماجدة بركات ـ: "طارق رمضان مثال بارز للإصلاح الإسلامي المعاصر، ينبغي التوقف عنده كونه موضع خلاف لدى الكثيرين". ثم يوضح الكاتب أسباب هذا الخلاف قائلا: "فثمة من يرى فيه الشخص المثالي للقيام بدور المصلح، بينما يعتقد آخرون أنه لا يصلح البتة للقيام بهذا الدور، وأنه ذئب في مسوح الرهبان. رشحته الحكومة البريطانية لقيادة مشروع "الإصلاح الإسلامي" في أوربا، بينما أرادت جامعة نوتردام الكاثوليكية في إنديانا العام الماضي تعيينه بروفسورا للديانة والبحث في النزاعات والسلام، إلا أن إدارة حماية الوطن الأمريكية ما لبثت أن ألغت في 28 تموز / يوليو 2004 تأشيرة الدخول التي مُنحت له دون الإفصاح عن الأسباب التي تجعل إقامته في الولايات المتحدة تشكل خطرا على "الأمن القومي".
ويترجم رشيد بوطيب الحوار الذي أجراه كريستوف بورغمر، مع كريستوف لوكسنبرغ المتخصص باللغات السامية القديمة، حول القراءة الفيلولوجية للقرآن (الكريم) بمناسبة صدور كتابه "القراءة السريانية الآرامية للقرآن ـ مساهمة في تفسير لغة القرآن" التي تقوم على محاولة تفسير معاني القرآن من خلال اللغة الآرامية التي كانت منتشرة في منطقة الشرق العربي في الفترة التي تم فيها تدوين القرآن.
وقارئ الحوار يكتشف أن صاحب الكتاب يرى أن لغة القرآن مكونة من العربية والآرامية، وكان الهدف من ذلك ـ كما يقول ـ الكتابة بلغة مفهومة من طرف الجميع. وقد تم الاعتماد أيضا على اللهجات، وهذا ما لاحظه فقهاء اللغة والشراح العرب منذ القدم. (فما قول علماء الدين الإسلامي العرب في آراء كريستوف لوكسنبرغ).
افتتحت المجلة عددها الجديد بمقال تكريمي نقدي لرومان لويماير ـ المتخصص في الإسلام بإفريقيا ـ عن المستشرق الراحل إدوارد سعيد والاستشراق الألماني، وقام بترجمته أحمد فاروق.
أما الباحث المصري د. عبد السلام حيدر، المتخصص في الفلسفة والاستشراق الألماني، فيشارك في هذا العدد بمقاله عن الاستشراق الألماني وتاريخ الأدب العربي.
إلى جانب موضوعات أخرى نشرتها مجلة "فكر وفن" عن عودة الطفل الكبير إلى دمشقه، للفنان التشكيلي السوري مروان. والمئوية الثانية لفريدرش شيلر.