بين يدي رمضان

في ذكري الهجمة السنوية

على مكتبات الإخوان

جمال سعد حسن ماضي

[email protected]

في عام 1983 م , أهدى المكتب الثقافي السعودي بالقاهرة , إلى إخوان الإسكندرية , عدداً كبيراً من المجلدات التي تحوي على إصدارين كبيرين من أمهات الكتب الإسلامية : مختصر تفسير ابن كثير , ومختصر التفاسير للصابوني , وقد اختاروا الإخوان لثقتهم بتوزيعها على من ينتفع بها , وكان علىّ إحضار هذه الكمية التي استلزم حضورها عربة نقل كبيرة ( تريلة ) , وحيث كنت وقتها في العشرينات من العمر , فقد نجحت المغامرة في يسر وسهولة , رغم أن الأمن آنذاك استولى دون حق على كميات بعض المحافظات الأخري , وكان وصولي عند صلاة الفجر , وببركة الصلاة بالمسجد استعنت بالمصليين , ولم يتجاوز الأمر دقائق معدودة , وكأن الملائكة كانت تسبقنا في ذلك , حتي أصبحت الكمية في أحد المخازن , ثم ذهبت للحاج الوالد : محمود شكري أبلغه بوصول الهدايا , الذي شكرني وطلب مني أن أذهب إلى البيت للاستجمام والراحة , وفي تمام الساعة العاشرة كنت بكامل أناقتي في مكتب الحاج محمود , الذي أبلغني بأن الهدايا قد وصلت لأصحابها الذين سيهدونها بدورهم إلى الصالحين من شعب الأسكندرية , ولم يتبق لدينا سوى ثمان كراتين , تحوي كل كرتونة على ثمان نسخ , والنسخة كانت عبارة عن ثلاثة مجلدات من القطع الكبير , وحمدنا الله تعالى على هذا الإنجاز السريع , ودعوناه بالخير لصاحب هذا النفع الكبير , بالأجر والمثوبة منه تعالى , وبينما نحن في هذه المشاعر الفياضة , إذا بقوات الأمن تداهمنا قائلة : أين الكتب ؟ فقلنا : ابحثوا عنها في المخازن , فعثروا على الكراتين الثمانية , وكأنهم على موعد معهم , ولم نكن ندري , لماذا استبقينا هذه الكمية ؟ ويا تري ستكون من نصيب مَن هذه الهدايا ؟ حتي علمنا بعد ذلك أن هذه النسخ قد وزعت في أول احتفال لعيد الشرطة على الضباط والجنود , فحمدناه تعالى على جميل حكمته وتمام أفضاله , أنها لم تذهب بدون فائدة , وسألنا الله أن يجعل فيها نفعه لمن أخذها وأهله وأبنائه .

وهذا يدعونا إلى أن نتساءل : هل هناك عداء بين الأمن والكتاب ؟ أم أن العداء بين النظام والكتاب ؟ أم أن العداء بين آخرين والكتاب ؟ .

ما الفائدة التي تعود على الأمن بالمداهمة أو المصادرة ؟ هل هم  بحاجة إلى هذه الكتب بالمجان , لمرتباتهم المتدنية في اقتناء كتب رمضان للاستفادة بهذه الفرصة الايمانية النادرة ؟ وهل النظام في حاجة لهذه الكتب المصادرة , لسد العجز الاقتصادي , ودفع الديون , والصرف على التشاريف والمواكب وحفلات الإفطار والسحور لإتمام أيام الضهر الفضيل ؟

لو كانت هذه المداهمات للاستفادة بالكتب الرمضانية أوللإفطار والسحور ؟ فلا عداء إذن بين الأمن أو النظام مع الإخوان حول كتب رمضان الكريم , فلماذا ما يواكبها من اعتقالات لأصحاب المكتبات ؟ وإن كانوا مسنين ! وقطع أرزاق العاملين والعاملات بالمكتبات ؟ وإن كانوا يبحثون عن لقمة العيش في زمن البطالة ! .

هل يمكن القول بأن آخرين وراء هذا الحقد على الطاعة في رمضان ؟ ... نعم , وألف نعم , الشيوعيون والعلمانيون والناصريون والليبراليون واللاعقلانيون والمنتفعون والمختبئون تحت الطرابيزة والمتسلقون والراكبون لأي تيار وميكرفونات أي سلطة , ووووووو...... هم الذين منحوا القمني جائزة الدولة لقاء طعنه في الدين , فرحين بأن الأدب والثقافة والإعلام في مصر في أيديهم ! وتحت سيطرتهم ! , فلماذا هم خائفون من الإخوان ؟ ومرتعبون من الإسلام ؟ وهلعون من كتب رمضان ؟ .

قائدهم وعدونا الشيطان يستعد قبل اختفائه , ليفسد على الناس صيامهم , ويمنع عنهم خيرات الشهر المبارك , حيث إنهم لم يصمدوا أمام الكتب الرمضانية !!!!!.

إنهم يتسترون بالنظام , لأنه يحرك الأمن , لمنافعهم ولتحقيق المخبوء في صدورهم , من مداهمات ضد الإيمان الذي لا يعرفونه , وضد الطاعة التي تهدد مصالحهم , إن كان عمر بن الخطاب كان يستقبل رمضان بقوله : ( مرحباً بمطهرنا من الذنوب ) , أما آن لنا أن نخاطب عقلاء النظام وشرفاء الأمن , إذا جاء رمضان , بأن نقول : مرحباً بمطهرنا من هذه السيئات وإن زعمت المصرية ؟ وهذه السوءات وإن ادعت الوطنية ؟ فلا مصلحة للوطن بهم والأمن القومي يدري ذلك جيداً , ولا أمان للنظام إن استعان بهم , وهو يعلم ذلك عبر التاريخ , سواء القديم أو الحديث , فمتى يعي العقلاء ذلك ؟ ومتي يفهم الشرفاء مهمتهم ؟ .

أسأل الله أن يكون هذا الشهر مطهرنا من الذنوب وهؤلاء ! اللهم آمين ....