تفهيم المتخلفين ومحنة الوطن

د.محمد جمال حشمت

[email protected]

ردا على مقالة رئيس تحرير الجمهورية

تكفير المصريين وتقسيم الوطن

 رئيس تحرير الجمهورية صحفي مجهول التاريخ على مستوى الرأي العام بل وعلى مستوى النخبة الواعية وفجأة جاءت به لجنة السياسات بالحزب الوطني بعدما حلم به أحد الصحفيين في جريدته خلفا لسمير رجب مؤسس الجمهورية الحديثة !!!

وبالتالي فهو مدين للجنة السياسات بهذا المنصب وتلك القفزة ومستعد لتنفيذ أي مهمة ! وقد بدأ نشاطه في انتخابات 2005 وكانت النتيجة الحتمية للخطة الإعلامية الجهنمية هي فوز الإخوان بمقاعد أكثر مما توقعوا هم أنفسهم رغم الكذب والترويج والافتراءات التي ادعوها على مرشحي الإخوان ورغم التمجيد والدعم الذي قدم لمرشحي الحزب الحاكم – غصبا – حتى اضطرت لجنة السياسات بإصدار أوامرها بالتزوير واستعمال العنف لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ! ثم شن الصحفي الفلتة حملة جديدة على القضاة الشرفاء الذين فضحوا نظام الحكم المزور المتهالك وادعى عليهم أنهم من جماعة الإخوان المحظوظة ! و احتكم القضاة الشرفاء إلى القضاء فأنصفهم وحكم على المتهم بالتزوير – ابن لجنته – بالسجن والتعويض ! ولأنه مازال غارقا في نعيم القرب من السلطة وحلم الترقي إلى الأحسن ! ولأنه يعلم موقف الإخوان من التوريث الذي جاء ليروج له بعد كلام واضح من الإخوان لا يحتمل التأويل حيث أبدى الدكتور محمد حبيب في بعض تصريحاته مستبعداً أن يقدم الإخوان أي تنازلات تحت الصعوبات، قائلا: "أيا كان التصعيد، فموقفنا من التوريث لن يتزعزع"، مشيرا إلى أن جمال مبارك سيكون حاكماً مستبداً، و"ليس بوسعنا بأي حال من الأحوال أن نهدر ثلاثين عاماً أخرى من عمر الشعب في تجربة مشابهة لتجربة مبارك الأب"، فإنه كتب مقالا في بداية الحملة الإعلامية السنوية ضد جماعة الإخوان بجريدة الجمهورية يوم الخميس 6 أغسطس 2009 لا جديد سواء في المعاني أو الألفاظ بها رغم انتسابه إلى الفكر الجديد ! وقد بني مقالته على ادعاءات باطلة من عينة : " فعندما أسس حسن البنا جماعة الإخوان أسبغ علي أعضائها "فقط" نعمة الإيمان وليس علي جميع المسلمين" هكذا ادعى الصحفي المسكين وحكم على فكر حسن البنا دون أن يرجع لتراث البنا أو يفهم شيئا مما كتبه البنا وصار به أحد المراجع الإسلامية في العصر الحديث ليجمع لا ليفرق حيث قال والحب يقطر من كلماته:

 يتساءل كثير من إخواننا الذين أحببناهم من كل قلوبنا و وقفنا لخيرهم و العمل لمصلحتهم الدنيوية و الأخروية جهودنا و أموالنا و أرواحنا، و فنينا في هذه الغاية، غاية إسعاد أمتنا و إخواننا، عن أموالنا و أنفسنا. و كم أتمنى أن يطلع هؤلاء الإخوان المتسائلون على شباب الإخوان المسلمين و قد سهرت عيونهم و الناس نيام، و شغلت نفوسهم و الخليون هجع، و أكب أحدهم على مكتبه من العصر إلى منتصف الليل عاملا مجتهدا و مفكرا مجدا، و لا يزال كذلك طول شهره، حتى إذا ما انتهى الشهر جعل مورده موردا لجماعته، و نفقته نفقة لدعوته، و ماله خادما لغايته، و لسان حاله يقول: لا أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الله. و معاذ الله أن نمن على أمتنا فنحن منها و لها و إنما نتوسل إليها بهذه التضحية أن تفقه دعوتنا و تستجيب لندائنا.

  وهنا سلك الصحفي المسكين خطاً أخر يرضى غروره ويحقق مؤامرة أسياده الذين استكتبوه فيقول: ("تخصيص" الإسلام هو نوع من الفرز الديني والطائفي المتعالي علي المجتمع والوطن.. بل انه يتناقض تناقضا خطيراً مع قدرة الإسلام علي التكيف والمساواة في الدولة الحديثة. ومن نفس الفكرة والعباءة خرج "حزب الله". فهو الرد الشيعي علي الإخوان المسلمين.. وحزب الله وان كان أكثر ضيقا وتزمتاً. إلا انه يتفق مع الإخوان المسلمين في المعني الأعم والأشمل وهو أن سائر المواطنين والطوائف ما لم يكونوا أعضاء في "حزب الله" أو "الإخوان" فإنهم محشورون في "حزب الزقوم" الذي خص به القرآن الكريم الجماعات الكافرة التي لم تتقبل الإسلام.) طبعا هذا من باب وضع الإخوان وحزب الله في قضية واحدة تخدم خطط حكام الداخل وتهئ مناخ التعاون الدولي للاعتداء على إيران لمنعها من الدخول في النادي النووي !

ثم يلجأ رئيس التحرير البهيم إلى إثارة خلفيات قضية التنظيم الدولي منتقدا من أدعى أنها قضية دعم فلسطين ونصرة الشعب الفلسطيني حيث يشرح ويوضح سيادته قائلا" نصرة فلسطين لا تكون بالشعارات والمظاهرات..! ولا تكون بالدفاع عن "خلية حزب الله" التي ضبطت في مصر وهي تخطط لضرب موارد الاقتصاد الوطني من قناة السويس وخطوط أنابيب البترول..! نصرة فلسطين أمامها طريق واحد في الوقت الراهن هو مساعدة الفلسطينيين علي قيام دولتهم المستقلة إلي جانب دولة الاحتلال الغاشمة والحصول علي اعتراف العالم بهم.. هذا هو الطريق الوحيد والصحيح.) !!  إذن الطريق الوحيد لدى الصحفي العلامة في ظل الاعتداءات اليومية والقتل والتعذيب في السجون وهدم البيوت والحفر تحت المسجد الأقصى وبناء المستعمرات وتدعيم الفصل بين غزة والضفة وعزلهم بحائط عملاق هو المساعدة على قيام دولتهم بالمفاوضات العبثية والتنازلات المهينة حتى صار تجميد بناء المستوطنات مقابل التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال ! على خطى سياسة لجنة السياسات التي انبطحت أمام الشروط الصهيونية !!!

ويستمر نهج المغالطة والتحريض الفاشل عندما يدعى من خيالاته المريضة بحب لجنة السياسات وعجزها في ملف القضية الفلسطينية ويقول " إن ما تقوم به "حماس" حاليا في غزة ليس مقاومة وإنما تثبيت لأركان الحكم وفرض الايدولوجية الإسلامية والإخوان الأم الرءوم لحماس يهمهم أن ينجح وليدهم ويقيم إمارة إسلامية.. هذا هو المهم.. أن ينقسم الوطن الفلسطيني إلي دويلة إسلامية وأخري علمانية.. نفس الشيء يريدونه في مصر.. فلماذا لا يكون جزء من سيناء "إسلامي" وينضم إلي غزة باسم "غزة الكبرى". وهو المشروع الصهيوني الذي طرحه كتاب وسياسيون إسرائيليون ويتبناه "الإخوان" في نفاق واضح ورخيص ) واضح حجم الغل بنفس قدر حجم العبط والسذاجة في صياغة أفكاره الكارهة للإخوان والمنعكسة على الإسلام ! فمن في مصر يفكر في تقديم سيناء إلى الفلسطينيين لإقامة دولة أو إمارة كما يحلو لهؤلاء الوصف ! لقد جاهد الإخوان منذ نشأتهم لوحدة مصر والسودان فكيف يستقيم الفكر للتنازل عن سيناء ؟ ومن تنازل عن سيناء الإخوان أم النظام الذي ما عاد يملك السيطرة على شبه الجزيرة بعد اتفاقية كامب ديفيد لا برا ولا بحرا ولاجوا ! و هذا هو السبب الحقيقي في عدم تعمير سيناء حتى اليوم فكيف تعمر حكومة جزءا من الوطن لا يقع تحت سيطرتها الأمنية ولا تستطيع أن توفر له أمنا ولا أمانا !!! ولعله لم يقرأ تصريحات إسماعيل هنية رئيس وزراء الشعب الفسطينى الشرعي في سياق الحديث عن الجماعات السلفية والقاعدة في غزة"  أننا نتعامل معهم برفق وإذا استمروا على غيهم سنستعمل ما يليق معهم من أمور وقال إن تكوين الجماعات السلفية في غزة من ضمن مخططات بعض المخابرات العربية والإسرائيلية للضغط على حماس وتمرير سياسات القتل والتدمير على الشعب الفلسطيني" .والتساؤل هنا هل هؤلاء الأبطال في غزة امتداد لفكر القاعدة الذي يدعيه أقزام الإعلام المصري في كل مكان تشويها للجهاد ودفاعا عن الخونة من فصيلة أوسلو في السلطة الفلسطينية!؟

إذن من أين جاء هذا المسكين بهذا الخبل ليبنى عليه أحكاما تخدم أجندة أسياده في لجنة السياسات ومن فوقهم !؟ حتى يبدو أنه لم يقرأ لأمين الإعلام بلجنة السياسات تصريحه الذي ينفى كل كلمة ادعاها هذا الصحفي - الذي حان وقت الاستغناء عن خدماته قريبا ! - حيث جاء في الأخبار: اعترف الدكتور على الدين هلال أمين الإعلام بالأمانة العامة للحزب الوطني أن جماعة الإخوان المسلمين لا تنفذ أجندات تتناقض مع المصالح المصرية ولا تخضع لاملاءات أطراف خارجية ووصف هلال الخلاف بين الحزب الوطني والحركات السياسية المعارضة مثل جماعة الإخوان المسلمين وحركة شباب 6 ابريل بالطبيعي وقال أثناء مشاركته في ندوة نادي شباب المستقبل:" اختلاف الحزب الوطني مع جماعة الأخوان المسلمين والحركات السياسية الشبابية وفى مقدمتها 6 ابريل طبيعي والمهم أن الإخوان لا ينفذون أجندات خارجية ولا يملى احد عليهم شيئا "(موقع بر مصر) وهذه الاعترافات تقوض قضية التنظيم الدولي التي لفقها النظام لممارسة الضغوط على الإخوان لتمرير مخطط التوريث !

وأخيرا يبرر هذا الصحفي المغلوب على أمره فشل مفاوضات الصلح التي أعترف الجميع بما قدمته حماس فيها من تنازلات لتوحيد الصف الفلسطيني ورغبة منها في تجاوز الفرقة التي تصب في مصلحة الكيان الصهيوني رغم الاعتقالات التي لم تتوقف في صفوف كل من ينتمي إلى المقاومة في الضفة الغربية سواء كانوا أفرادا أم مؤسسات فيقول فض الله فوه: " الإخوان يؤيدون "حماس" ولا يناصرون القضية الفلسطينية.. ومحاولة فرض ايدولوجية حركة المقاومة الإسلامية في غزة هي التي عطلت المصالحة.. وأوقفت المصلحة الإستراتيجية العليا للفلسطينيين كي يكونوا يدا واحدة.. من أجل ذلك ترفض حركة "حماس" ويؤيدها الإخوان وجود السلطة الفلسطينية أو ممثلين لها علي معبر رفح الذي سعت بكل الوسائل بما في ذلك اقتحامه لفتحه منفرداً لها غير مكترثة ببقية المعابر.. والسبب بسيط فهذا المعبر هو الذي سيعطيها الشرعية ويربطها كحبل سري بالحركة الأم في مصر.. الإخوان المسلمون..) هذا التصور الساذج يبرئ الإخوان من قضية التنظيم الدولي فإذا كان حرص الإخوان على فتح المعبر ليكون هو الحبل السري وطريق التواصل مع حماس واكتسابها الشرعية! فما مدى صدق قضية التنظيم الدولي الذي لا يربط مصر بأي دولة من الدول المتهمة بوجود تنظيم إخواني بها أي معابر أو نقاط تماس !! هذا الاضطراب في الفكر والعوج في الفهم والفساد في السلوك لن ينفع الفكر الجديد الذي تسبب في انهيار مصر على كل المستويات ويريد أن يشغل المصريين بأسباب وهمية يعلقون عليها فشل إدارتهم وفساد منطقهم ومأساوية واقع مصر في ظل حكمهم  ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين .