سفينة تغرق... بهدوء
سالم الزائدي
العالم العربي اليوم شبكة معقدة من الاتجاهات والأفكار المتطرفة. العالم العربي اليوم مازال يدفع ثمن الجهل السائد فيه مع امتلاكه لثروات ضخمة تستطيع تغيير الأمور بوقت قصير. العالم العربي اليوم ثروة بشرية معطلة.
الشباب ينمو والمثقف يرتقي والعالم يصغر أو يكبر والجامعة العربية سفينة تغرق بهدوء. إني وغيري لم أعد أستطيع أن أسميها بالمظلة العربية إلا من باب المجاز أو التوسع في العبارة والدلالة بما كان على ما يكون.
ما معنى عبارة وصل الحوار الى أفق مسدود؟؟
لم تعد الجامعة العربية في منظور المثقف والمواطن العربي وخاصةً الشباب منهم، هي المظلة التي يعتمد عليها بعد أن نقضت شرط من شروط تأسيسها وهي حماية الشعوب لأن التعاقد الذي نراه الآن أصبح بين الذئب والشاه وبذلك تكسرت الجامعة العربية أغصاناها ولا نرى فيها نوراً يربط أوطانها مع بعض لخلق كيان موحد، ناهيك عن عدم حل المشاكل العربية العربية والمشاكل الاقتصادية والإجتماعية .
الجامعة العربية دخلت في أوهام السياسة فانفلتت الأمور.. لم تكونوا صناع سياسة ولن تكونوا بعد كل هذه الاخفاقات السياسية على مدى عقود وحتى الآن، مدعومة بكلمات الشجب والاستنكار، بدأنا نحن الشعوب نقتنع أن هذه هي الحقيقة الواقعة أمامنا وبالتالي أصبحنا كغثاء السيل لا نحرك شيئاً نحن الشعوب وكذلك عقلاء الأمة ومفكروها.
لا بد من هزيمة الجامدين من صناع السياسة... قصور أدائكم وضعفكم وعجزكم سبب في تأخرنا....على المثقف أن يفكر بشكل مختلف وعلى القائد السياسي أن يكون جريء وشجاع وعلى الشباب أن يحمل مشعل المبادرة.
للأسف أن بيننا وبين الجامعة العربية طلاق وفراق عميق بعد أن غابت عنها الأخلاق العربية في الدفاع عن حقوق الشعوب المضطهدة من حكوماتها التقليدية التي لا تدفع بالتي هي أحسن ولا تسعى لرقي ورفعة شعوبها.. فالموت في هذه الحالة هو سبيل الرشاد رغبة أو قهراً . . والحالة ليست ببعيد عما يحدث في غزة وفلسطين بشكل مستمر، وماحصل في العراق ويحصل في سوريا الآن خير مثال ،ولا ننسى تمزق شريان اليمن وليبيا والسودان. فما هو دوركم بالله عليكم ؟
الساسة الغربيين بصرونا بأنفسنا وعجزنا بما يفرضون علينا من سياساتهم وأجنداتهم حسب أهوائهم وليس عطفاً علينا، وسؤالنا أين الجامعة العربية التي يقع على عاتقها مواجهة التحديات ؟ هل يستطيع أحد أن يفسر عجز الجامعة العربية في حل مشكلة السوريين المقهورين ..الذين خذلهم القريب قبل البعيد ؟
كان لا بد من فرض حلول سياسية لمعالجة المشاكل المستعصية في الدول التي تنزف على مرأى من الجميع لتغيير الواقع المرير وهذا أفضل علم وخبرة وسياسة وأفضل عمل تقوم به الجامعة العربية على الحد الأدنى في حين أننا نرى استغراق الجامعة في جدول أعمال لا يثمر ولا يغني من جوع بعيداً عن المطلوب والمهم.
بدأ تدهور الجامعة العربية من سنين طويلة وازداد تدهوراً ولم يعد لهذا الكائن السياسي أي وجود إلا وجود المبنى والكراسي، والعنصر البشري الذي يكمل هذا الديكور.
على الجامعة العربية أن تحذو حذو الاتحاد الأوربي في اقتباس التحقيق والتعمير والبناء والاتحاد وشرف الأمة، وليس اقتباس التقليد في الشكل والاتيكيت السياسي الذي لا يفضي الى نتيجة.
ألم يحن الوقت للدفاع عن تاريخكم كمسؤلين وأوطانكم ؟ ألم يحن الوقت ليكون طريقكم ومنهجكم فيه شيء من الجدية والصرامة واتخاذ القرارات الفعالة في ظل التجاذبات الاقليمية؟
علينا أن نصنع عالما ً افضل .. فلنأخذ ما يتفق مع الأصل الراسخ في آدابنا وديننا لكي لا يفسد ولا يضر تاريخنـا ومستقبلنا ونتذكر دائماً أن الشرق شرق والغرب غرب وكأن الغرب سوف يدخل تحت عباءتنا بسياستكم الناعمة .
يكفي إلى هنا .. نحن في سنة 2014 .. غافلين عن الشجاعة المطلوبة ومستيقظين على الضعف والشجب والادانة . يكفي إلى هنا ؟ فقد ملت الشعوب العربية ذلك ، أصبحنا نراكم ألم ومرض أكثر من الفرح والسعادة والانتماء ؟ حان الوقت لكي تتخلصوا من أمراضكم العقلية السياسية والوراثية؟ حان الوقت لكي تعلنوا استقلالكم السياسي فإني أراه أكبر شرف لكم وعزة .
أليس فيكم من يقول بصوت عالي نحن هنا.. نحن هنا ، ويضرب لنا مثلا ًفي الشجاعة ويدك بقوة جدران الصمت والضعف واليأس والخذلان العربي أمام المشاكل التي نراها يومياً.
لن نترك أنفسنا فريسة مجانية لوسواس الانتظار، انتظار اجتماع وزاري طارئ، اجتماع قمة عربية، إلقاء زجاجات عطر فيها إدانات وشجب.
العالم الآخر يكتسب يومياً وباستمرار مزيداً من النسيج الوحدوي الجامع بين كل أطرافه، أما نحن في غرفة إنعاش دائماً.
أقول لكم في النهاية أتركوا للنساء القيادة فهن أقوى منكم وقد أثبت التاريخ العربي الاسلامي شجاعتهن وقوة شخصيتهن والأمثلة والشواهد كثيرة.