فضح الفساد أولى خطوات الاصلاح

 

 

الفساد الساري في الإدارات العمومية، والفساد الذي يمارسه بعض المسؤولين عن تدبير الشأن العام، أمر طبيعي ابتلي به المجتمع، كما يبتلى جسم الإنسان ببعض الأمراض الخبيثة، الأمر الذي يجعله عاجزا عن أداء وظائفه في الحياة.

هكذا إذن هو الفساد، كمرض يعوق التنمية، ويعوق الازدهار في المجتمع، ويحرم فئات واسعة من الاستفادة من الإنتاج الوطني وخيراته سواء كان ماديا أو معنويا.

وصفات العلاج لا تعطى اعتباطيا لمعاجلة الأمراض، فهي تتطلب فحصا دقيقا لطبيعةط المرض وأين يتمركز، حتى يتسنى للطبيب المختص تحديد الوصفة الناجعة، أو إجراء عملية جراحية للاستئصال إذا تحول المرض إلى أورام خبيثة، وهذه الوصفات العلمية، تنطبق على مظاهر الفساد، إذ قبل معالجته ومحاربته لا بد من كشفه وفحصه، حتى يتسنى وضع السياسات الناجعة لمعالجته والوقاية منه.

هذه العملية الأولى تُلقى على عاتق رجال ونساء الإعلام والصحافة، لفضح كل مظاهر الفساد، وأين يعشعش، ومن هم أصحابه، لكن هذه الخطوة تلقى مقاومة كما يقاوم جسم الإنسان المضادات الحيوية للمعالجة من بعض الأمراض، لكن مقاومة فضح الفساد، تبدأ بمقاومة قمع الصحفيين وجرجرتهم في المحاكم، حتى يبتعدوا عن كشف المستور.

هذه المعضلة هي التي يعيشها اليوم المغرب أكثر من أي وقت مضى، مع حكومة وصلت إلى سدة الحكم فوق شعارات رنانة “محاربة الفساد والاستبداد”، لكنها تنزعج كلما تم الكشف عن الفساد، بل الأخطر من ذلك تدافع عنه أحيانا، وتتعهد بمحاربته عبر وصفات جاهزة وبخلفيات معينة لمعالجة مرض خيم طويلا في المجتمع.

الفضح هو أول عقاب يتلقاه المسؤولون والمتورطون في قضايا الفساد في كل تجلياته، ولأنهم لا يرغبون في فضحه فهم يكرسونه بشكل سيستحيل معه يوما اقتلاعه من جذوره، حتى يصبح جزء من حياتنا، به تبنى الطموحات الجانحة، وبه تتذوق فئات واسعة من الشعب مرارة وجوده بيننا كضيف ثقيل.

الآلام الصامتة بين جدران بالية لا يٌسمع صوتها هو المصير، وها هي تزداد حدة وجع الآلام كلما تبنت الحكومة سياسات تمس بشكل مباشر بالقوت اليومي للمغاربة، قصص حالات اجتماعية تدمى لها القلوب، أصبحت لا تنتظر لا من الدولة ولا من الحكومة أي شيء، بؤساء لا ذنب لهم في وضعيتهم المزرية، فقط أعين مرفوعة للسماء، تنتظر أن يزورها القدر لاستلام أرواحها في سترة.

باحث وصحفي